بدا الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم في مصر غير مكترث بالانتقادات التي وجهت الى سير العملية الانتخابية التي أسفرت عن إحكامه السيطرة على مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) بحصوله على 420 مقعداً من 508 مقاعد. وعمد قادة الحزب فور إعلان نتائج الانتخابات إلى التأكيد أن الحزب حقق هذا الفوز الساحق في ضوء برنامج انتخابي اجتذب المواطنين، ورفضوا الحديث عن عدم شرعية البرلمان المقبل، مؤكدين أن الشرعية تحكمها صناديق الانتخابات. وأنتجت الانتخابات برلماناً خلا من معارضة حقيقية، إذ غابت عنه جماعة الإخوان المسلمين إلا من عضو واحد بعد أن كانت مسيطرة على نحو 20 في المئة من البرلمان الماضي، كما أن حزب الوفد أكد بحسب سكرتيره العام منير فخري عبدالنور أنه لن تكون له هيئة برلمانية في هذا البرلمان «فاقد الشرعية» على رغم فوز مرشحين عن الحزب ب 6 مقاعد أربعة منها في جولة الإعادة التي قاطعها الحزب. وخلا البرلمان من أصوات مستقلة علت نبرتها في انتقاد سياسات الحكومة في البرلمان الماضي. وتفاخر عضو لجنة السياسات أمين الشباب في الحزب الوطني محمد هيبة بأن أحزاب المعارضة زادت حصتها في البرلمان الجديد فحزب التجمع مثلاً أصبح ممثلاً بخمسة نواب بدلاً من نائبين في البرلمان الماضي، كما أن الانتخابات أسفرت عن تمثيل ثلاثة أحزاب معارضة جديدة بنائب لكل منها وهي أحزاب العدالة الاجتماعية والسلام الديموقراطي والجيل. غير أن الخبير في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في «الأهرام» عمر الشوبكي يرى أن تمثيل المعارضة في البرلمان الجديد جاء «صورياً»، إذ غابت عنه الأصوات الاحتجاجية الحقيقية. وتساءل: «إن كانت أحزاب المعارضة مثلت بالنسبة نفسها، فماذا فعل الحزب الوطني حتى يزداد عدد أعضائه في هذا الشكل مقارنة بالبرلمان الماضي؟». وقال: «كل المعارضة الراديكالية أو الصارخة التي لا تهدد أصلاً غالبية الحزب الوطني لم تعد موجودة في البرلمان الجديد (...) المعارضة الموجودة مستأنسة». وأقر هيبة، بأن وجود معارضة قوية في البرلمان ينعكس بالإيجاب على النظام السياسي عموماً وأكد أن الحزب كان يتمنى تمثيلاً أكبر لأحزاب المعارضة الشرعية «لتسد فراغ التيارات التي تخلط الدين بالسياسة». وأوضح هيبة أن صدمة المعارضة مردها أن سقف طموحها علا كثيراً قبل الانتخابات حتى أنها اعتقدت أن في إمكانها «تحقيق نتائج أكبر من حجمها الحقيقي في الشارع المصري». وقال إن «اكتساح الحزب الوطني انتخابات مجلس الشعب لم يأت من فراغ بل نتيجة عمل دؤوب استمر 10 سنوات وبرنامج انتخابي شمل وعوداً وتعهدات، أما المعارضة خصوصاً الجماعات التي تخلط الدين بالسياسة فاكتفت بالشعارات، ولهذا لفظها الشارع». ويشكك الشوبكي في قدرة البرلمان الجديد على رقابة الحكومة بسبب إحكام الحزب الحاكم السيطرة عليه، غير أن هيبة يؤكد أن البرلمان سيمارس دوراً رقابياً قوياً، «ليس معنى أن الغالبية من الحزب الوطني ألا يراقب البرلمان الحكومة، على العكس هناك كتل تصويتية كبيرة من المستقلين والمعارضة وغالبية الوطني تضع على كاهله أعباء إضافية تتطلب يقظة أكبر في رقابة الحكومة». وانتقد الشوبكي عدم تنفيذ الأحكام القضائية ببطلان الانتخابات في بعض الدوائر، ورأى أن هذا الأمر «يطعن في شرعية البرلمان» وإن كان يتوقع كحد أقصى إلغاء نتيجة الانتخابات في بعض الدوائر ل «تجميل العملية». غير أن القيادي في الحزب الحاكم محمد هيبة يشدد على أن الانتخابات البرلمانية التزمت الإجراءات القانونية في كل مراحلها وحظيت بإشراف كامل من اللجنة العليا للانتخابات وهي لجنة قضائية مستقلة، أما عن الأحكام القضائية ببطلان الانتخابات في بعض الدوائر، فإن اللجنة لم يصلها أي حكم نهائي وبات بالبطلان، إذ تم استشكال هذه الأحكام «ومن ثم فلا مجال للحديث عن عدم شرعية البرلمان المقبل». وذكر بيان للحزب الوطني أنه سيبدأ اليوم اتخاذ الخطوات الخاصة بعقد مؤتمره السنوي السابع المقرر يومي 25 و26 من الجاري بعد أن فرغ من انتخابات مجلس الشعب. وتناقش هيئة مكتب الأمانة العامة للحزب في اجتماع اليوم برئاسة الأمين العام للحزب صفوت الشريف ترتيبات عقد المؤتمر. وكان تم تأجيل عقد المؤتمر من التاسع والعاشر من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بناء على رغبات أعضاء التنظيم الحزبي في المحافظات بسبب الانشغال بانتخابات البرلمان.