تضامن حشد من الإعلاميين في دار نقابة الصحافة في بيروت امس، مع الزميلين في قناة «الجديد» كرمى الخياط وجريدة «الأخبار» إبراهيم الأمين، بسبب قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان استدعاءهما بتهمة «تحقير المحكمة وعرقلة سير العدالة». ولاقت رسالة من وزير الإعلام رمزي جريج تليت فقرات منها أمام المجتمعين، ومنها نصحه الإعلاميَّيْن المذكورين بتلبية دعوة المحكمة «انطلاقاً من شرعيتها والتزام لبنان تنفيذ قراراتها، ولأن هذا هو السبيل الوحيد لإثبات براءتهما»، احتجاجات بين صفوف الحضور. وبعد التحرك، شُكّل وفد من نقابة الصحافة والمحررين زار الوزير جريج، وبدا التحرك بمثابة اعتذار من وزير الإعلام، الذي أصر بعد اللقاء «على الدفاع عن الحريات من ضمن آلية المحكمة»، وإذ أشار إلى «نشر معلومات ومواد سرية»، أكد أن الإعلاميين المذكورين «من السهل إثبات براءتهما من التهمة»، لافتاً إلى أن الرسالة التي بعث بها إلى دار نقابة الصحافة تليت «بشكل انتقائي، ما أدى إلى سوء تفاهم». وحضر اللقاء التضامني الرئيس حسين الحسيني، وعثمان مجذوب ممثلاً الرئيس عمر كرامي، ونواب من قوى 8 آذار، ونقيب الصحافة محمد البعلبكي، ورؤساء تحرير صحف، وممثلو وسائل الإعلام. واعتبر البعلبكي في كلمة أن «استدعاء المحكمة الزميلين الأمين وخياط مخالف للقانون، وعليها تصحيح القرار»، فيما طالب ناشر جريدة «السفير» طلال سلمان ب «إحالة القضية المثارة أمام القضاء اللبناني لحفظ كرامة الناس». وطلب نقيب المحررين إلياس عون «من وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى، التدخل لأن المحكمة الدولية غير نافعة». وسأل نائب «حزب الله» حسن فضل الله: «هل تحولت المحكمة لقمع حرية القول والموقف كما هي أداة سياسية؟». ونصح إبراهيم عوض ممثلاً الإعلام المرئي والمسموع «ممثلي المحكمة بالاعتماد على لغة عاقلة مع الإعلام». ورأى الأمين العام لاتحاد المحامين العرب عمر زين، أن المحكمة «تجنح عن صلاحياتها وتنتهك الحريات». وحض المحامي رشاد سلامة على «الذهاب إلى الحقيقة حيث تكون وليس حيث يراد لها أن تكون». وشدد رئيس مجلس إدارة «المؤسسة اللبنانية للإرسال» بيار الضاهر، على أن «من واجب الصحافي البحث عن الحقيقة المقدسة مثل الحرية». ورأى فارس الجميل «أن المسألة لا تتعلق فقط بالأشخاص بل بالمؤسسات». واعتبر رئيس مجلس إدارة تلفزيون «الجديد» تحسين خياط، أن «المحكمة خرجت عن مسارها ولا بد للحكومة اللبنانية من أن تصححه، ولن نرضخ لوصاية المحكمة ولا لأي وصاية أخرى». ولفت متكلمون إلى «غياب كامل الجسم الإعلامي عن التحرك». وتلا نقيب المحررين إلياس عون فقرات من رسالة جريج، الذي وزع مكتبه لاحقاً نصها الكامل على الإعلام، وفيها تأكيد «تضامني مع الإعلام في ممارسته حرية التعبير، انطلاقاً من أن هذه الحرية حق دستوري، أما بخصوص استدعاء الإعلاميين خياط والأمين إلى التحقيق، فمن المفيد أن أوضح أن المحكمة الخاصة بلبنان أنشئت بموجب القرار 1757 الصادر عن مجلس الأمن تحت الفصل السابع. وهذا القرار ملزم بحد ذاته للدولة اللبنانية. غير أن شرعية المحكمة ليس من شأنها أن تمنع الإعلام اللبناني من انتقادها بكل حرية، كالاعتراض مثلاً على بطء المحاكمة لديها، أو على موازناتها المرتفعة، أو على تصرفات بعض أعضائها، أو على بعض القرارات التي تتخذها. وسأكون متضامناً مع الإعلام إذا تعرض لأي ملاحقة بسبب مثل تلك الانتقادات». وجاء في الرسالة أيضاً: «أما بالنسبة إلى التهمة الموجهة إلى «الجديد» و «الأخبار»، وهي عرقلة سير المحاكمة بسبب نشر معلومات سرية، فقرأت في الصحافة جملة اعتراضات على هذا التدبير، ومنها أنه كان أجدر بالمحكمة أن تحقق في ما إذا كان تسريب المعلومات تم من قبل أجهزتها بدلاً من ملاحقة وسائل الإعلام، التي مارست دورها الإعلامي في نقلها. ولا شك في أنه يمكن وسيلتي الإعلام الإدلاء بكل هذه الاعتراضات خلال التحقيق من أجل إثبات براءتهما من التهمة المنسوبة إليهما. وإنني على ثقة بأنهما ستتوصلان إلى إظهار الحقيقة وإثبات براءتهما، ومستعد كوزير للإعلام، لمؤازرتهما». وتوقف جريج عند تصريح (مديرة الأخبار في «الجديد») مريم البسام في جريدة «البناء» الذي قالت فيه: «يبدو أننا سنذهب إلى المحكمة، فبعد استشارة القانونيين وفريق المحامين لدى القناة وبعد مقارنة تبعات عدم الذهاب مع نتائج المثول أمام المحكمة، كان التوجه العام بأن نلتزم لنرى ما ستؤول إليه الأمور». وقال: «هذا كلام مسؤول يعبر عن ثقة بالنفس واقتناع بأن محطة «الجديد» لم ترتكب أي مخالفة. إن سلوك الطرق القانونية أفضل سبيل لكشف الحقيقة وإظهار براءة محطة «الجديد» وجريدة «الأخبار». تلك هي رسالتي إلى الإعلاميين في هذا اللقاء التضامني، الذي يثبت أن للحرية في لبنان قدسية لا ينال منها أي اختلاف في الرأي». وردّ الأمين على رسالة جريج معتبراً «أن الدولة سمحت للمحكمة القيام بعمليات الاستدعاء منذ البداية»، مشيراً إلى أن «وزير الإعلام لا يقوم بدوره ويجب أن يتحمل مسؤوليته وهناك طرق عديدة». ودعت نقابة محرري الصحافة إلى الاعتصام في 6 أيار المقبل وتوقف وسائل الإعلام عن العمل في 13 منه.