أسفرت أعمال التنقيب الأثرية، التي يقوم بها فريق متخصص من قطاع الآثار بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، الذي يعمل في مشروع ترميم وتأهيل «مسجد المعمار»، في قلب «جدة التاريخية»، عن اكتشافات جديدة تمثلت بالبئر التاريخية، التي كانت تغذي المسجد بالمياه، وكذلك عن مجرى آخر كان يصل عين «فرج يسر» بالمسجد. وأوضح المدير العام للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمكة محمد العمري أن المختصين من قسم الآثار وقفوا على الموقعين، ويعتقد أن «البئر المكتشفة تم إنشاؤها مع المسجد قبل نحو 160 عاماً، إذ تقع على بعد خمسة أمتار من الجهة الشرقية من «مسجد المعمار»، وقام الفريق بإزالة الأتربة من داخل البئر، وصولاً إلى سطح الماء الذي مازال متوافراً في البئر». وأضاف العمري: يبلغ قطر البئر المكتشفة 1.60 متر، وبعمق ثلاثة أمتار إلى سطح الماء، وهي مطوية بالحجر المقطوع المعروف محلياً ب«حجر المنقبي»، المستخدم في بناء البيوت القديمة في جدة، وكان يستخرج من ساحل البحر ومن البيئة المحيطة، وهذه البئر ترتبط ببركة مجاورة كانت تستخدم للوضوء، ومازالت أعمال التنقيب في الموقع مستمرة للكشف عن مرافق أخرى مرتبطة بمسجد المعمار. وعن اكتشاف مجرى المياه القادم من عين «فرج يسر»، الذي كان أحد المصادر الأساسية لتغذية المسجد بالمياه، بيّن أنه كان يساعد في توفير الماء للمسجد في حال شح المياه في البئر، كما يعد مسجد المعمار من أقدم المساجد في جدة التاريخية والمملكة، (تشير المصادر التاريخية إلى أن بناءه تم على يد والٍ يدعى مصطفى معمار باشا، عام 1263ه، وأنه جُدد عام 1284ه)، ويحتل المسجد المرتبة الثانية في خريطة المساجد التاريخية بعد مسجد الشافعي. ويأتي مشروع ترميم وتأهيل مسجد المعمار ضمن «برنامج العناية بالمساجد التاريخية»، الذي تتعاون فيه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ووزارة الشؤون الإسلامية، ومؤسسة التراث الخيرية، بهدف المحافظة على المساجد التاريخية في المملكة والعناية بها، وإعادة تأهيلها، وإظهار قيمتها الدينية والحضارية والعمرانية. وكان وقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه، وقع عقداً مع شركة المنشآت التراثية، لدرس وتنفيذ ترميم وتأهيل مسجد المعمار في «جدة التاريخية».