وصف عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لتأريخ وإحصاءات كرة القدم المؤرخ والباحث في تاريخ كرة القدم الآسيوية منصور عبدالله حركة التوثيق والأرشفة في الوطن العربي ب «المخجلة جداً جداً»، وقال: «أقل ما يمكن وصفه عن حركة التوثيق والأرشيف الرياضية بشكل عام في وطننا العربي بأنها متواضعة ومخجلة جداً جداً، كوننا لا نهتم كثيراً بأهمية هذه العملية التي توضح التأريخ الزمني للرياضة». وأضاف: «لعل مصر الوحيدة والرائدة في تجميع وأرشفة المعلومات والصور والنتائج، كونهم – أي المصريين – يدركون أهمية توثيق تاريخهم الرياضي، وقد يكون للنتائج البارزة للرياضة المصرية دور في توثيق المعلومات، فكما يعلم الجميع أن «المنتصر هو من يكتب التاريخ» لكن هذا لا يمنع بأن المصريين يستوعبون أهمية التوثيق والأرشفة». وواصل: «في منطقة الخليج، ما زلنا لا نعرف كيف دخلت الرياضة بشكل عام الى المنطقة. فقط هناك روايات سمعناها من البعض، تم تناقلها جيل لآخر، كما يعلم الجميع ان تناقل الروايات والحكايات في بعض الاحيان، يفقد حقائقها ومعلوماتها أو قد تزيد. لكن تبقى هي الصحيحة حتى يثبت عكسها. وبالاثبات وليس بروايات أخرى! لأننا حينها سنقع في ريب وشك وسط تناقضات الروايات. عندما نتحدث عن هوية من يكتب التوثيق بشكل عام، فإننا نجد أنها تبدأ من أفراد مجتمع، تستهويهم جمع المعلومات والصور والنتائج. هذا الشعور يقودنا الى أن هؤلاء الأشخاص يشعرون بأن عليهم دوراً نحو المجتمع الذي ينتمون اليه، فتجدهم يبذل جهدهم ووقتهم وأموالهم على هذه العملية على حساب حياتهم الشخصية». واستطرد: «بالمناسبة ... هذا حدث ويحدث في كل بقاع العالم، حتى في أوروبا، التي تجد فيها كل أنواع المعلومات عن الحركة الرياضة وموثقة بالصور والزمان والمصدر والنتائج. كلها بدأت عن طريق أشخاص الى أن تحولت هذه الحركة من أفراد الى منظمات أو شركات، وجدت أهمية لتوثيق الحركة الرياضية، وهناك لا أجد إلا أن أشكر كل شخص حاول واجتهد في الحركة التوثيقية سواء في المنطقة العربية أم غيرها، فهذه المحاولات حتى وان جانبها الصواب في بعض الاحيان تسهم في إيجاد لهذه الحركة تقديرها واحترامها». وأشار منصور عبدالله إلى أن منطقة الخليج تمتلك الإمكانات لتطوير تأريخ وأرشفة وإحصاء الحركة الرياضية، قائلاً: «في منطقة الخليج خصوصاً، نملك الامكانات كافة لتطوير هذه الحركة الفردية الى حركة جماعية وأقصد بإنشاء منظمات أو مراكز أو حتى شركات، وشخصياً أملك شركة تجارية تقوم بهذا الدور على مستوى الإمارات وبعض البلدان العربية، لكن على رغم ذلك أجد صعوبة في استيعاب أهمية التوثيق والارشفة في السوق التجارية، كونها منتجاً لا أهمية لها في السوق التجارية». وأضاف: «الوضع في وطننا العربية متشابه مع اختلاف واضح من بلد لآخر، ويعود ذلك لاختلاف تطور الحركة الرياضية من بلد لآخر. ففي السعودية، سمعت عن مجهودات بعض الأشخاص في توثيق الحركة الرياضية السعودية، وهو جهد يُشكَرون عليه، لكن وجه الاختلاف تجده في اختلاف الروايات أو المعلومات اختلاف تام! على سبيل المثال عندما نتحدث عن البطولات المحلية في السعودية، هناك اختلاف كلي على شرعيتها ومسمياتها وزمنها وأماكنها، هذا دليل على أن بعض المعلومات غير صحيحة إطلاقاً، ومن الوارد أن هناك من يدس المعلومة لغرض ما! وفي هذه الحال يجب أن تتدخل الجهات المعنية، سواء الجهة المسؤولة عن الرياضة أم الجهة المسؤولة عن الإعلام والنشر، لتوضيح هذا اللبس أو اللغط المنتشر، وأرى بأن هذا هو دورها، وأضرب لك مثال: لدينا في الإمارات، قضية عمرها 37 عاماً، والى الآن لست مقتنعاً بنهايتها. في عام 1973، كان هناك دوري كرة قدم تجريبي شاركت فيها أندية دبي والشارقة وعجمان ورأس الخيمة وبعض المناطق المجاورة. وقد فاز الشارقة بها تحت مسمى «نادي العروبة». ولم يذكر اتحاد كرة القدم آنذاك أو حتى من جاء بعده بأن هذه البطولة تعتبر رسمية!، وفي عام 2001، اعترف اتحاد كرة القدم بشرعية هذه البطولة واحقية نادي الشارقة في اعتبارها بطولة دوري تُضَم لبقية ألقاب وإنجازات النادي، على رغم أن الغالبية يتفقون بأن موسم (1974/1975) هو أول موسم كروي إماراتي». وتساءل قائلاً: «على أي أساس اعتمد اتحاد كرة القدم في عام 2001 هذه البطولة؟ أين هي نتائج تلك البطولة؟ وأن وجدت لماذا لا تظهر للجميع حتى نقتنع بها؟ لا وجود لدليل ملموس يدل على أن تلك البطولة تعد رسمية، على رغم ان نجوم الفريق المتوج باللقب لا يزالون بيننا ويؤكدون رسميتها». وواصل حديثه قائلاً: «عندما نتحدث عن المصادر، فهي كثيرة ومختلفة، منها المكتوب أو المصور أو الذي يتم تداولها من حكايات، لكن من الممكن عدّها مصادر غير صحيحة في حال عدم توثيقها، فعملية الجمع سهلة لكن توثيقها صعب، ولا سيما أننا أساساً لا نملك أرشيفاً رياضياً، لذلك يجب على من يقوم بتوثيق المعلومات أو النتائج أو الصور التالي أولاً: أن يذكر زمن ومكان وتفاصيل والشخوص المعلومات أو النتائج أو الصور، ثانياً: ذكر مصدر المعلومات، سواء كانت مكتوبة أة مصورة، ويجب تدوين متى تم إصدارها، ثالثاً: اذا كان بالامكان مقارنتها بمعلومة مشابهة او قريبة من زمنها، حتى تثبت صدقية المعلومة، رابعاً: يجب على كل شخص موثق أو مؤرخ أو راصد، ألا يشعر بالضيق أو الحرج في حال ثبت خطأ معلوماته، بل عليه ان يقتنع بأنه اجتهد ولم يصب، ويجب عليه اعتماد النتيجة الصحيحة في ارشيفه». وأضاف: «نحن الآن نعيش طفرة مميزة من التكنولوجيا التي تساعد على التوثيق بطريقة أفضل، يستطيع أي شخص الرجوع اليها حتى يكتب كتاباَ أو يجهز برنامجاً تلفزيونياً. في حال المنظمة أو مؤسسة الحكومية، يجب عليها أن تظهر النتائج للملأ وتسعى لنشرها للجميع، فهذه المعلومات ملك للبلد وليست لأشخاص، ولا أهمية لعملية التوثيق أو الأرشفة اذا لم يتم نشرها للجميع».