رد عدد كبير من نواب كتلة «المستقبل» النيابية وتكتل «لبنان أولاً» اللذين يتزعمهما رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أمس، على التهديدات التي أطلقها المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد للحريري، وشملت الردود جهات أخرى أبرزها رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط في موقفه الأسبوعي لصحيفة «الحزب التقدمي الاشتراكي» فسأل: «لماذا هذه الحملة الشعواء على الرئيس الحريري الذي قام بخطوات مهمة في إطار المراجعة السياسية التي تستوجب الدعم والثناء والترحيب والتشجيع بدل التهجم والضغط والتهديد؟». وإذ دعا جنبلاط من دون أن يسمي السيد، الى قراءة المتغيرات السياسية، لفتت إشادة النائب في كتلة «التحرير والتنمية» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، النائب علي حسن خليل بالمواقف «الشجاعة التي تحلى بها رئيس الحكومة» مؤكداً «أننا ننظر بارتياح الى الملف الشائك المتعلق بقضية ومسار الحقيقة في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري من خلال التركيز على قضية الشهود الزور». كما ردت السفارة المصرية في بيان على اتهام السيد لأحد ديبلوماسييها بأنه يحرض على سورية، واعتبرت أن كلامه «ادعاءات مغرضة لا أساس لها»، وحمّلته «المسؤولية القانونية الكاملة عن أي اعتداءات أو استهداف لأي فرد من العاملين فيها». وتحدث بعض نواب «المستقبل» عن أن «بعضهم يريد كسر المفاعيل الإيجابية للقمة الثلاثية» (السعودية - السورية - اللبنانية)، كما قال النائب زياد القادري، فيما رأى النائب جمال الجراح أن السيد «يريد تحويل الأكاذيب الى حقائق في ذهن الناس»، وطلب النائب أحمد كبارة أن تتحرك النيابة العامة ضده متهماً إياه بأنه «أول الشهود الزور» وأنه «تجاوز كل منطق». وأشار النائب محمد الحجار الى أن «توقيت مؤتمر السيد كان لافتاً». واعتبر النائب عماد الحوت (الجماعة الإسلامية) أن كلام السيد «يأتي في سياق الضغوط لمحاولة إلغاء المحكمة الدولية». وفيما استقبل الرئيس السوري بشار الأسد أمس وزير الطاقة جبران باسيل، المسؤول السياسي في «التيار الوطني الحر»، الذي أشاد بجهود سورية «لحفظ أمن واستقرار لبنان»، سأل زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية بعد زيارته البطريرك الماروني نصرالله صفير بعد قطيعة طويلة بسبب الخلاف السياسي: «التصعيد الحاصل في السياسة لا أعرف الى أي مدى سيخدمنا جميعاً؟ وفي النهاية سنجلس مع بعضنا وستحصل تسوية بين الجميع». واعتبر النائب عن «حزب الله» نواف الموسوي في أول رد فعل على المواقف التي كان أعلنها الحريري قبل 8 أيام (من دون أن يسميه) أن «الإقرار بارتكاب الأخطاء في توجيه الاتهام الى سورية في اغتيال الرئيس الحريري وبأن ثمة شهود زور ضللوا التحقيق... يفترض أن يقترن بفهم الحقيقة بأن استهداف سورية أتى في سياق استهداف المقاومة». وأضاف: «إذا كان استهداف المقاومة تغيّر الآن من استهدافها عبر سورية الى استهدافها عبر تحييد سورية فلا ينبغي أن يسقط أحد في وهم التفكيك بين سورية والمقاومة»، واعتبر أنه «وهم يمنّي النفس به من يكابر على الإقرار بهزيمة المرحلة الأولى والثانية من المشروع الأميركي - الإسرائيلي». ورأى أن لا استقرار راسخاً ولا علاقات لبنانية - سورية قبل حل ميليشيا شهود الزور الأمنية السياسية الإعلامية القضائية ومعاقبتها». ولاحظت مصادر واكبت ردود الفعل على كلام السيد، أن النواب المنتمين الى «تيار المستقبل» وتكتل «لبنان أولاً» حصروا ردودهم عليه وتجنبوا إطلاق أي إشارة سلبية باتجاه سورية باعتبار أن مواقفه جاءت بعد استقبال الرئيس السوري بشار الأسد له الثلثاء الماضي على رغم أنه استحضر القضاء السوري في حملته على الحريري وفريق عمله وكبار القضاة اللبنانيين، من خلال توقعه أن يصدر مذكرات توقيف بحق 30 شخصاً، إضافة الى استحضار رئيس فرع ريف دمشق في المخابرات السورية اللواء رستم غزالة في هجوم على رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العقيد وسام الحسن. وعزت المصادر نفسها السبب الى أن الحريري «كان أعلن أن توجيه الاتهام السياسي لسورية في جريمة اغتيال والده رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري كان متسرعاً وارتكبنا أخطاء، وهو قال كلامه بهذا الخصوص عن قناعة». واعتبرت المصادر نفسها أن السيد «أراد أن يلبس دمشق بعض ما قاله لعلّ الردود عليه تتجاوزه الى سورية». إلا أن النواب الذين سارعوا الى الرد على السيد تجنبوا، كما قالت المصادر «الإشارة الى سورية لمنع الفريق المتضرر من استغلال رد فعلهم وتوظيفه باتجاه دمشق والإيحاء بأن الحريري لم يقل كلامه عن قناعة ويسعى الى كسب الوقت». ولفتت المصادر نفسها الى أن نواب «المستقبل» «يتعاملون مع هجوم السيد على أنه كمين لهم ومن خلالهم للحريري، وهذا ما يفسر حرصهم على حصر هجومهم على السيد على أمل أن يصدر توضيح عن دمشق مباشر أو عبر قنواتها». وكررت المصادر تأكيدها أن الحريري «لم يقل كلامه بهدف الرهان على فسخ العلاقة بين القيادة السورية و «حزب الله» كما يزعم البعض بمقدار ما يصب في خانة ترسيخ الاستقرار وتعزيز علاقته بسورية وهذا ما أثار حفيظة الفريق المتضرر من تعميقها». من جهة أخرى، علمت «الحياة» من مصادر وزارية أن لا جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع باعتبار أن عدداً من الوزراء سافر الى الخارج ممدداً عطلة عيد الفطر التي انتهت أمس. وذكرت مصادر مطلعة أن مصادفة عدم عقد جلسة مع الأجواء السياسية التي يغلب عليها الاحتقان «قد تكون مفيدة لعل الأيام المقبلة تتيح عودة الهدوء الى الوضع السياسي».