انتقل زعيم المعارضة المسلحة في جنوب السودان رياك مشار، من بلاده براً عبر الكونغو الديموقرطية المجاورة ووصل أمس الى العاصمة الاثيوبية أديس أبابا بعدما توارى عن الأنظار عقب مواجهات اندلعت في محيط القصر الرئاسي في جوبا الشهر الماضي، بين أنصاره وقوات موالية للرئيس سلفاكير ميارديت. وعلمت «الحياة» أن مشار الذي كان مختبئاً في منطقة جبلية بولاية الاستوائية الوسطى التي تقع فيها جوبا، ظل محاصراً من قبل قوات سلفاكير التي تعقبته عقب تدمير منزله بالطائرات المقاتلة مستهدفةً قتله أو إعتقاله، لكنه استطاع التسلل بالسيارات وسط مناطق وعرة حتى عبر الحدود مع الكونغو ثم استقل طائرة صغيرة الى كينشاسا قبل أن ينتقل إلى اثيوبيا أمس. وكشف مسؤول معارض ل «الحياة» أن مشار ظل متنقلاً في الأدغال حول جوبا طوال الشهر الماضي ولم ينتقل الى تنزانيا أو تشاد وفق المعلومات التي راجت في هذا الشأن، مؤكداً أنه رفض محاولات لإقناعه بالسفر جواً الى كينشاسا لكنه فضل البقاء وسط قواته خوفاً على فقدانها القائد الميداني وحتى لا تتأثر معنوياتها وأدائها العسكري، مشيراً إلى خوض معارك ناجحة ضد قوات سلفاكير. ويُنتظر أن يعقد مشار مؤتمراً صحافياً في أديس أبابا قبل أن يستقل طائرة خاصة من أجل الانضمام إلى القاعدة الرئيسية لقواته في منطقة فنجاك المتاخمة للحدود الأثيوبية. وقال الناطق الرسمي باسم المعارضة في العاصمة الكينية نيروبي مناوا بيتر جاركوث عبر الهاتف ل «الحياة»، إن نجاح مشار في الخروج بعد الحصار الذي كان مفروضاً عليه من قبل القوات الحكومية هو بداية التحضير ل «المعركة الفاصلة» لاجتياح جوبا وإسقاط نظام الرئيس سلفاكير. وأوضح أن القوات التي حضرت مع مشار إلى جوبا بعد توقيع اتفاق السلام لا تزال موجودة في ولاية الاستوائية الوسطى في انتظار وصول القائد إلى مقر الحركة الرئيسي ومن ثم تبدأ عملياتها لاقتحام العاصمة. وعن دعوة سلفاكير إلى انتخابات مبكرة قال جاركوث، إنها دعوة لتعميق التخلف والتبعية واستمرار للهيمنة، مشيراً إلى أن الأوضاع الحالية في جنوب السودان لا تسمح بإجراء الانتخابات لأن البلاد في حال حرب شاملة. وأضاف جاركوث، إن «الرئيس لا يستطيع أن يتحرك خارج جوبا أكثر من 10 أميال من دون لواء كامل من الجيش مدعوم بالمدرعات والطيران». ورهنت المعارضة عودة مشار إلى جوبا ومباشرة مهماته نائباً للرئيس بنشر القوة الأفريقية في العاصمة وفق قرار مجلس الأمن، وطلبت بتسريع الخطوة. وناقش اجتماع عسكري في عينتيبي الأوغندية قبل يومين ترتيبات نشر القوة التي ستتألف من جنود من أثيوبيا وكينيا وجيبوتي ورواندا بعد رفض السودان وأوغندا المشاركة فيها. وكان مشار قاد مواجهات عسكرية مع القوات الحكومية في منطقة غرب الاستوائية (جنوب غربي جوبا)، عقب خروجه من العاصمة في 8 تموز (يوليو) الماضي إثر مواجهات بين طاقم حراسته وقوات سلفاكير سقط ضحيتها أكثر من 200 قتيل من الطرفين.