أكد الرئيس الأميركي باراك اوباما اليوم (الجمعة) أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لن يضر بالعلاقات بين بلاده وأوروبا، إلا أنه حذر من أن أي خلاف بين لندنوبروكسيل في شأن الخروج سيقوض الأمن في مواجهة روسيا. وهيمن التصويت الصادم بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على قمة «حلف شمال الاطلسي» (ناتو) التي ستكون الأخيرة التي يحضرها اوباما، والتي تأتي في مرحلة وصفها بأنها الأكثر حساسية بالنسبة للحلف منذ الحرب الباردة. واستغل أوباما قمة وارسو ليوجه رسالة واضحة الى بروكسيلولندن، الا انه قال ان المخاوف من ان يتسبب خروج بريطانيا بحال اوسع من عدم الاستقرار في الغرب «مبالغ فيها». وقال عقب لقائه رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر «ليس من مصلحة احد اجراء مفاوضات طويلة وخلافية». وأضاف اوباما ان التصويت البريطاني «خلق حالاً من الغموض في شأن مستقبل الاندماج الاوروبي» الا أنه رفض التلميحات الى ان ذلك قد يتسبب بانهيار «كامل بنيان» الاتحاد او تضرر العلاقات بين جانبي الأطلسي. وتابع «دعوني فقط اقول انه كما هي الحال غالبا في لحظات التغيير، فإن هذه المبالغات ليست صحيحة». وكان الرئيس الأميركي صرح في وقت سابق لصحيفة «فايننشل تايمز» بأنه واثق من ان «بريطانيا والاتحاد الاوروبي سيتمكنان من الاتفاق على انتقال منظم وعلاقة جديدة» بينهما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد. وقال: «نظراً للتهديدات الحالية التي تواجه اوروبا، اتوقع ان تظل بريطانيا مساهماً كبيراً في الأمن الأوروبي». من جانبه، أكد رئيس الوزراء البريطاني المستقيل ديفيد كامرون اليوم أن دور بلاده على الساحة العالمية لن يتقلص بعد خروجها من الاتحاد الاوروبي. وقال على هامش القمة «نحن لا ندير ظهرنا لحلف شمال الاطلسي»، علماً أن بلاده التي تملك اسلحة نووية هي واحدة من أكبر الدول الاوروبية المساهمة في الحلف. من ناحيته، أكد ينس ستولتنبرغ الامين العام للحلف ان «البريكست» «لن يغير مكانة بريطانيا الرائدة في الحلف». ورداً على تصريحات اوباما خفف يونكر من لهجته الحادة السابقة حول ضرورة ان تبدأ بريطانيا اجراءات الخروج من الاتحاد فوراً، وقال ان المفاوضات لن تجري في «جو عدائي». ووقع ستولتنبرغ ويونكر وتوسك لاحقاً اتفاق تعاون بين الاتحاد الاوروبي و«حلف شمال الاطلسي» يوضح كيفية عمل الحلف مع الاتحاد. ويفترض ان تكون روسيا محور القمة التي تستمر يومين، مع استعداد الحلف للمصادقة على أكبر عملية إعادة هيكلة منذ الحرب الباردة رداً على التدخل الروسي في اوكرانيا في 2014. تعتبر «خطة الاستعداد للتحرك» المحور الرئيس للقمة وتهدف الى تعزيز الخاصرة الشرقية للحلف في مواجهة روسيا التي يعتبرها الحلفاء اكثر عدائية ولا يمكن توقع سلوكها. وسيصادق زعماء الحلف على نشر اربع كتائب متناوبة في بولندا واستونيا ولاتفيا وليتوانيا تضم ما يصل الى أربعة آلاف جندي، لمواجهة روسيا في الدول التي كانت تدور في فلكها سابقاً. وقال أوباما انه سيتم نشر الف جندي اميركي في بولندا، بينما أعلنت بريطانيا انها ستسهم بحوالى 650 جندياً، بينما تقود كندا والمانيا الكتيبتين الأخريين. وتشتمل الخطة كذلك على وعد بانفاق 2 في المئة من الدخل الاقتصادي السنوي على الدفاع لإنهاء عامين من خفض الانفاق الدفاعي، وتشكيل قوة من خمسة آلاف عنصر قادرة على الانتشار خلال ايام. كما كرر ستولتنبرغ دعوات اطلقتها المستشارة الالمانية انغيلا مركل الى إطلاق حوار «مفيد» مع روسيا، قبل اللقاء المقرر بين مندوبي حلف شمال الاطلسي وروسيا الاسبوع المقبل. وقال ستولتنبرغ «الحلف لا يريد حرباً باردة جديدة. فالحرب الباردة أصبحت ماضياً ويجب ان تبقى كذلك». وفي مؤشر الى انقسام داخل الجبهة الموحدة للحلف في مواجهة روسيا، أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الجمعة لدى وصوله للمشاركة في قمة الحلف ان روسيا ليست «تهديداً» بل «شريك». وصرح هولاند للصحافيين ان «مهمة الحلف الاطلسي ليست ابداً التأثير في العلاقات التي ينبغي ان تربط بين اوروبا وروسيا. وبالنسبة الى فرنسا فإن روسيا ليست خصماً وليست تهديداً». وأضاف هولاند ان «روسيا شريك» على رغم انها «قد تستخدم القوة احياناً كما شهدنا في اوكرانيا». وتعارض موسكو بشدة توسع «الحلف الاطلسي» في الجمهوريات السوفياتية السابقة، وتعتبره تهديداً لأمنها. وصرح ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين «نأمل في أن يسود مجريات اليوم المنطق والارادة السياسية لتجنب المواجهة. روسيا لا تزال منفتحة على الحوار». وترفض روسيا بشدة نشر نظام الصواريخ البالستية الدفاعي الذي تبنيه الولاياتالمتحدة والذي من المقرر أن تعلن قمة «الحلف الاطلسي» أنه بلغ مستوى التشغيل المبدئي. وتقول واشنطن إن الهدف من الدرع الصاروخية هو مواجهة اي تهديدات صاروخية من ايران او دول الشرق الأوسط، إلا ان روسيا تقول انه عندما تصبح الدرع جاهزة للتشغيل في 2018 فانها ستقوض ردعها النووي الاستراتيجي.