دمشق – أ ف ب، أ ب - توفي في دمشق أمس الفلسطيني محمد داود عودة، الملقب ب «ابو داود»، وهو «العقل المدبر» لعملية احتجاز رياضيين اسرائيليين رهائن اثناء الالعاب الاولمبية السنوية في ميونيخ عام 1972، والتي أسفرت عن مقتل 11 اسرائيلياً. وقالت ابنة «ابو داود» هنا عودة ان والدها (73 عاماً) توفي نتيجة فشل كلوي بعد يوم من نقله الى المستشفى في دمشق. وكان «ابو داود» أقر في سيرته الذاتية «فلسطين: من القدس الى ميونيخ» بمسؤوليته الكاملة عن عملية ميونيخ في 5 ايلول (سبتمبر) 1972، وروى كيف تم التخطيط للعملية التي نفذتها فرقة كوماندوس «ايلول الاسود» وأدت الى مقتل 18 شخصاً، بينهم 11 رياضياً اسرائيلياً وشرطي ألماني و5 مسلحين فلسطينيين. وفي عام 1999 عند صدور الكتاب، منعت اسرائيل «ابو داود» من العودة الى الاراضي الفلسطينية. وأكد ابو داود آنذاك عبر قناة «الجزيرة» دفاعاً عن نفسه: «كنا في حال حرب مع اسرائيل. لم يكن هدفنا مدنياً. استهدفنا رياضيين هم في الواقع ضباط وجنود اسرائيليون. في اسرائيل الجميع جنود احتياط». يذكر ان رياضييْن اسرائيليين قتلا في الهجوم، كما قتل تسعة آخرون في محاولة فاشلة لانقاذهم من الشرطة الألمانية. ولقي شرطي ألماني وخمسة مسلحين فلسطينيين مصرعهم أيضاً. وصدم هجوم ميونيخ العالم حينها باعتباره الأكثر دموية يستهدف فريقاً رياضياً، وأدى لاحقاً إلى موجة من الاغتيالات لكبار المسؤولين الفلسطينيين. وأنشأ عودة تنظيم «أيلول الأسود»، الذي انشق عن حركة «فتح» التي تزعمها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، للانتقام من طرد المقاتلين الفلسطينيين من الأردن عام 1970. واعتبر في مقابلة مع وكالة «اسوشيتد برس» عام 2006، عملية ميونيخ «نقطة تحول» بالنسبة الى الفلسطينيين، ورفض مصطلح «إرهابيين» لوصف المقاتلين الفلسطينيين، وقال حينها: «قبل عملية ميونيخ، كنا مجرد إرهابيين. وبعد ميونيخ بدأ الناس يتساءلون، على الأقل، عمن هم هؤلاء الإرهابيون؟ وماذا يريدون؟»، موضحاً انه «قبل ميونيخ لم تكن لأي شخص أدنى فكرة عن فلسطين». وذكر عودة في المقابلة انه لم تكن لديه شكوك حول العملية لأنه يعتبر الرياضيين الإسرائيليين كجنود احتياط، أهدافاً مشروعة، لكنه أوضح انه لم تكن هناك نية لقتل الإسرائيليين، بل لاستخدامهم ورقة مساومة لإطلاق اكثر من 200 فلسطيني في سجون اسرائيل. ولد عودة في القدس عام 1937، وعاش هناك حتى حرب 1967 عندما احتلت اسرائيل الجزء الشرقي من المدينة. ولجأ حينها مع الكثير من الفسطينيين الى الأردن حيث التحق بمنظمة التحرير. وبعد عملية ميونيخ عام 1972، عاش عودة في أوروبا الشرقية، قبل ان ينتقل الى لبنان حتى اندلاع الحرب الأهلية عام 1975. وعاد إلى الأردن. وفي عام 1993، انتقل الى رام الله في الضفة الغربية، بعد اتفاق أوسلو للسلام بين اسرائيل والفلسطينيين. لكن عندما أصدر كتابه عن ميونيخ، منعته اسرائيل من العودة إلى رام الله بعد زيارة الأردن، فاستقر أخيراً في سورية. نجا «ابو داود» بأعجوبة من محاولة لاغتياله من جانب جهاز الاستخبارات الاسرائيلية الخارجية «موساد» عام 1981 في وارسو، عندما أطلق مسلح النار عليه وأصابه في معصمه الأيسر والصدر والبطن والفك. وأوضح عودة ان المسلح كان فلسطينياً وعميلاً مزدوجاً يعمل لمصلحة «موساد» أيضاً. واعتقل المسلح بعد 10 سنوات، وقدم الى المحاكمة (من جانب منظمة التحرير الفلسطينية)، وأعدم. وقالت هنا عودة ان والدها سيدفن في وقت لاحق السبت في مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك في دمشق، ووصفت والدها بأنه كان «رجلاً عظيم المحبة والمخلصة التي كان حلم العودة الى فلسطين».