يفتتح الرئيس فرانسوا هولاند في باريس اليوم المؤتمر الدولي الذي يهدف إلى «تأمين الظروف الملائمة» لإعادة إطلاق مفاوضات السلام في الشرق الأوسط في أعقاب مساع حثيثة بذلها المسؤولون الفرنسيون لإقناع إسرائيل بالعدول عن رفضها المبادرة الفرنسية أدت بهم إلى إفراغها من مضمونها الأساسي. وقال مصدر ديبلوماسي مطلع على الإعداد لهذا الاجتماع، إن المبادرة الفرنسية أطلقها وزير الخارجية السابق لوران فابيوس ورغب الوزير الحالي جان مارك أرولت باستكمالها نظراً لتدهور الوضع على الأرض والتهديدات الناجمة عن هذا التدهور على صعيد حل الدولتيْن الذي «يبقى المعادلة التي تحظى بتأييد الأسرة الدولية». لكن التصريحات التي صدرت عن أرولت الذي زار إسرائيل والمناطق الفلسطينية أخيراً تشير بوضوح إلى أن المبادرة باتت مختلفة لجهة الهدف والمضمون عن تلك التي أطلقها فابيوس. وتنص مبادرة فابيوس على العمل لعقد مؤتمر دولي لإعادة إطلاق مسيرة السلام وصولاً إلى تطبيق حل الدولتين، وأنه في حال فشل هذه المبادرة خلال مدة معينة، فإن فرنسا ستتحمل مسؤولياتها وتعترف بالدولة الفلسطينية. ويشير كلام المصدر الديبلوماسي إلى أن فرنسا عدلت عن هذا المضمون بقوله إن أرولت لم يرغب برهن المبادرة الفرنسية باحتمال الفشل باعتبار أن «هذا غير مجد»، وأن من الأفضل الانطلاق من فرضية السلام والعمل على توفير الظروف الملائمة له. وبخلاف مبادرة فابيوس التي يمكن وصفها بالجريئة، شدد المصدر على أن فرنسا تعتمد «مقاربة متواضعة» و»براغماتية» وتسعى إلى التقدم خطوة خطوة سعياً إلى إيجاد ديناميكية جديدة من خلال «حوافز سنضعها على الطاولة لحمل الأطراف على معاودة التفاوض». والواضح أن التواضع في الأسلوب الذي تحدث عنه المصدر يقترن أيضاً مع تواضع لجهة هدف المبادرة الذي بات مقتصراً على الحض على معاودة الحوار الفلسطيني - الإسرائيلي وليس على فرض حل الدولتين، وفقاً لما ورد في مبادرة فابيوس. وعلى هذا الصعيد، لفت المصدر إلى أن أرولت أكد أن الهدف من المبادرة ليس الحلول محل طرفيْ النزاع لإيجاد تسوية، ولا لاختراع شيء جديد «إنما القول إن الأمل لا يزال موجوداً بالنسبة إلى حل الدولتين والمساعدة على إعادة التفاوض في شأنه». وأضاف: «لا ندعي أننا سنحل المشكلة بسرعة ووحدنا بل الأخذ بآراء ومواقف المشاركين وصولاً إلى عقد مؤتمر دولي بحلول نهاية السنة»، وأن «القيمة المضافة لمبادرتنا هي أنها تستند إلى عدد من الأطراف الدولية» التي تسعى إلى دفع الأمور. وذكر المصدر أن اجتماع اليوم الذي يبلغ عدد المشاركين فيه 28 من دول ومنظمات دولية، لن يدخل في تفاصيل الحل، بل سيضع صيغة لأسلوب العمل الذي سيتبع في إطار المبادرة، لافتاً إلى أن آخر اجتماع دولي في شأن قضية الشرق الأوسط يعود إلى اجتماع أنابوليس في عهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش. وتابع أن المبادرة تقضي بإعادة تأكيد المبادئ الكبرى الموجودة في القرارات الدولية والنظر في إمكان إعادة إحياء مبادرة بيروت العربية، وأيضاً القرارات التي تم اتخاذها في مؤتمر مدريد. ولم تتم دعوة أي من السلطة الفلسطينية وإسرائيل إلى اجتماع باريس لأن الحوار متعذر بينهما في الوقت الحالي، لكن المصدر قال إن كليهما أراد الاطلاع على تطورات المبادرة، و»سنبقى على اتصال معهما» لاطلاعهما على ما يحصل.