تنظم فرنسا يوم غد الجمعة اجتماعاً دولياً حول الشرق الأوسط، من دون أوهام بشأن فرص حل أحد أقدم النزاعات في العالم، لكنها تريد على الأقل الحصول على إعادة تأكيد للالتزام بحل الدولتين، فلسطينية وإسرائيلية، جنبا إلى جنب. عبر تأكيد «تواضع» الموقف و«صفاء» الرؤية؛ حاولت فرنسا تجنب إثارة تطلعات كبرى في ملف شهد عقوداً من المفاوضات وآمال السلام الخائبة. وتراهن فرنسا في دعوة وزراء حوالى 30 دولة عربية وغربية وممثلي الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي على مقاربة دولية من أجل إنعاش عملية السلام التي لم تعد أكثر من حبر على ورق. وأوضح وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت «يجب استعادة الأمل والمناخ الدولي المؤاتي لعملية السلام»، محذراً من وضع «كارثي» ولافتاً إلى الحاجة الطارئة لاستعادة زمام المبادرة في قضية أحيلت إلى الصف الثاني منذ أحداث «الربيع العربي» والنزاعات الدائرة في المنطقة خصوصاً سوريا. وفشلت جولة المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية الأخيرة برعاية الأممالمتحدة في ربيع 2014، فيما يشهد الوضع الميداني تفاقماً ولو أنه «نزاع متدني الحدة». وبات لإسرائيل حكومة هي الأكثر يمينية في تاريخها، فيما يشهد الفلسطينيون انقساماً وضعفاً أكثر من أي وقت مضى. لكن فرنسا لم تدع طرفي النزاع، انطلاقاً من «استحالة» الحوار الواضحة بينهما في الوقت الراهن. ويشكل مؤتمر الجمعة مرحلة أولى تمهد لتنظيم مؤتمر سلام في خريف 2016 يشارك فيه طرفا النزاع. وأفادت مصادر دبلوماسية أن الفكرة هي إحياء مبادرة 2002 العربية التي تقضي باعتراف الدول العربية بإسرائيل في إطار اتفاق سلام شامل. لكن الأهم هو إعادة التأكيد على حل يستند إلى دولتين، إسرائيلية وفلسطينية، تعيشان بسلام جنبا إلى جنب، في سيناريو تتضاءل فرص تحقيقه تدريجياً نظراً إلى الوضع الميداني. لكن المبادرة الفرنسية تصطدم بعدد من العقبات، أولها رفض إسرائيل العلني، الذي حرص رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على تأكيده بلا مواربة لأيرولت ثم لنظيره الفرنسي مانويل فالس في زيارتيهما للمنطقة مؤخراً. فنتانياهو يرفض أي مقاربة متعددة الأطراف، ويكرر باستمرار أنه مستعد لاستئناف المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين. لكن رغم تأكيده أنه «مستعد للتفاوض» على المبادرة العربية يرى مراقبون أنه يسعى فعلاً إلى المماطلة لكسب الوقت، ليس إلا. أما الفلسطينيون فيؤيدون المبادرة الفرنسية بالكامل. وقالت الباحثة المتخصصة في شؤون المنطقة أغنيس لوفالوا «إنهم على مستوى من الضعف والتقهقر بحيث لا يملكون أوراقا كثيرة في يدهم». كما تبرز تساؤلات بشأن مستوى ضلوع الولاياتالمتحدة، الراعي التاريخي والطرف المحتوم، أبعد من إبداء الاهتمام بداعي اللياقة. وسيحضر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الوسيط للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في 2013-2014، مؤتمر باريس؛ حيث «يريد الاستماع إلى جميع الأفكار» و«استكشاف جميع الخيارات» للتوصل إلى حل الدولتين، على ما أوضح المتحدث باسمه جون كيربي. على صعيد الدول العربية تحدث مسؤول فرنسي كبير عن «بروز ديناميكية جيدة» مؤيدة لمؤتمر باريس رغم التردد الأولي الذي أبدته الأردن وخصوصاً مصر. وقالت لوفالوا ملخصة «في النهاية لا يمكن للجميع إلا تأييد هذه المبادرة رغم أن الآمال بشأنها ضئيلة».