سيطر الجدل حول مستقبل الصحافة الورقية على حوارات الصحافيين والاعلاميين العرب الذين حضروا الدورة الثامنة لمنتدى الإعلام العربي في دبي. عثمان العمير، ناشر صحيفة «ايلاف» الالكترونية، سخر بنشوة المنتصر من «الذين لا يزالون يغطّون في سُباتٍ عميق، بينما ثورة الإنترنت تجتاح العالم من أقصاه إلى أقصاه». ومحمد الرميحي، رئيس تحرير صحيفة «أوان» الورقية، جزم بلغة الواثق «أن الثقافة العربية اعتادت على ملمس الورق، وأن الحديث عن انتهاء الصحافة الورقية لم يحن بعد»، وشبّه صحافة «النت» بالوجبات السريعة، والصحافة الورقية بالوجبات الدسمة والثقيلة. في بداية الثمانينات من القرن الماضي رفع الغرب شعار «عالم بلا ورق»، وكان الشعار يستهدف كل التفاعلات الورقية. في تلك المرحلة، كانت الوسائط الالكترونية تجتاح الحياة العامة. ورغم ذلك وجد الشعار من يتصدى له ويسخر منه، وظهرت طائفة لقبت ب «اعداء الكمبيوتر». وحين انتشرت الاقراص المدمجة التي تختصر مكتبة بحجم مكتبة الكونغرس في بضع اقراص، سخر هؤلاء من الفكرة، ورددوا عبارة «تقرأ هذه الاقراص نعم، لكن تكتب عليها ربما». اليوم اصبحت قصة هؤلاء جزءا من التاريخ، ومن يتأمل سيجد ان تذاكر السفر الورقية اختفت، وتعاملات البنوك اصبحت بلا اوراق واختام وتواقيع، وعقود الزواج تتم عبر رسائل الهاتف. الورق يتوارى على نحو متسارع. الأكيد ان تداول المعلومات والتعاملات، عبر الورق، سيزول في شكل نهائي. المسألة في الوقت. وتأخير دفن الورق لا علاقة له بجدوى الفكرة، وانما بتمسك جيل الورق بحاسة اللمس. وفي العالم العربي لن يجري تشييع الورق في وقت قريب، بسبب سيطرة الاجيال الورقية على مفاصل الحياة العامة، فضلاً عن الصحف العربية التي لا تزال تتعامل مع «الانترنت» كما تتعامل مع آلة التصوير، تطبع نسخة على الورق وترسل صورتها الى فضاء «الانترنت»، لكن حين تدب الحياة في مواقع الصحف العربية، وتبدأ تتغير بالدقيقة، لن تجد النسخة الورقية من يحتفي بها، او ينتظر وصولها. المؤسف ان النقاش في اروقة الصحافة العربية، متمسك بسؤال هل ستعيش صحافة الورق ام ستموت؟ رغم ان القضية حسمت، والمؤسف ايضا ان نتيجة هذا الحوار لن تزيد في عمر صحافة الورق، وستنعكس سلباً على مستقبل الصحافة الالكترونية، وتمنعها من الالتحاق بقطار الفضاء في الوقت المناسب.