قال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير إن العلاقة اللبنانية - السورية «شهدت بعض التقدم، لكنه غير كاف»، مبدياً ارتياحه للاعتراف وتبادل السفارات بين البلدين. جاء ذلك خلال لقاء قصير ضمه والبطريرك الماروني نصرالله صفير وعدداً من الصحافيين اللبنانيين قبل مأدبة العشاء التي أقامها الوزير الفرنسي على شرف ضيفه اللبناني في قصر الخارجية الفرنسية. وقال صفير إن فرنسا لم تغير سياستها وإنها تحافظ باستمرار على الخط نفسه وهو الوقوف الى جانب لبنان و «نحن لا نعاتب فرنسا على صداقاتها مع هذا وذاك». وأضاف أن «هناك جواً غير ودي سائداً في المنطقة، وهناك سورية وإيران وإسرائيل، وكل هذا يحول دون أن يتمكن بلد صغير مثل لبنان أن يشعر بالارتياح». ورداً على سؤال حول هجرة الشباب المسيحي، أجاب ان «الشباب اللبناني المثقف لا يجد عملاً، ومنهم من يذهب الى الدول العربية ويعود ولكن هناك من يذهب الى أستراليا وكندا والولايات المتحدة، والأمل ضئيل بعودة هؤلاء». وأشار الى أن الحكومة اللبنانية «تبذل كل الجهود لكنه لا يمكن أن يطلب من الحكومة أن تقوم بالمستحيل». وأكد كوشنير «الروابط العميقة بين فرنسا ولبنان»، ووصفها بأنها «روابط ود وصداقة وسياسة»، معرباً عن شكره للبطريرك «على توصياته وآرائه». وقال إن «الوضع تطور في شكل كبير، وللبنان شخصيته إذ توجد فيه طوائف عدة، تتعايش في نموذج نادر وذلك بفضل غبطة البطريرك». وعما إذا كان سيستقبل العماد ميشال عون، قال كوشنير إنه يستقبل جميع الأصدقاء اللبنانيين، وإنه سبق أن استقبل عون مرتين كما استقبل شخصيات شيعية وسنّية من كل الاتجاهات. وعبّر كوشنير عن اهتمامه وقلقه في شأن «الصعوبات التي يواجهها مسيحيو الشرق الأوسط»، مشيراً الى أن فرنسا تستقبل أكبر عدد منهم، و «هناك خطر عليهم، وهذا ما يجعل لبنان موضع تقدير لأنه بلد التعايش بين الأديان». أما بالنسبة الى الوضع الاجتماعي، فاعتبر كوشنير أن هناك تحسناً كبيراً على هذا الصعيد، وأن «الفنادق مليئة والمصارف نشيطة وهذا مؤشر جيد للمستقبل». ورداً على سؤال وجه الى صفير عن المصالحة المسيحية، أجاب بأن «كل اللبنانيين منقسمون، ولكن الانقسام المسيحي علني، في حين أن الانقسام الإسلامي موجود ولكنه غير معلن». وفي كلمة ألقاها خلال مأدبة العشاء على شرف صفير، أشاد كوشنير بدور الموارنة في تاريخ لبنان وبتمسكهم بلبنان «بلد تعايش متجانس بين الطوائف». وأكد أن فرنسا تشارك في هذه الرؤية وتدعم باستمرار «عبر تعاوننا وديبلوماسيتنا» سيادة لبنان واستقلاله واستقراره، ضمن إطار ديموقراطي سلمي ومنتعش، مبدياً أسفه حيال المحاور السياسية «التي غالباً ما تحول دون حسن سير عمل المؤسسات». ورأى أن الأولوية التي أكدها البيان الوزاري للحكومة اللبنانية هي «تعزيز المؤسسات وتأكيد سلطة الدولة وتحقيق الإصلاح الاقتصادي»، وهذه «مهمة كبيرة». وكرر كوشنير استعداد بلاده «لمساعدة حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية على الطريق الذي رسمته لنفسها» كما أكد مجدداً دعمه الحوار الوطني الذي استؤنف أخيراً. وقال إن «تعزيز الدولة والمؤسسات وتأكيد قدرات الجيش اللبناني ودورها في الدفاع عن الأرض ينبغي أن يبقيا أولوية بالنسبة الى الجميع». وتطرق كوشنير الى المحكمة الخاصة بلبنان، مشيراً الى دعم فرنسا لها «لكي يتمكن القضاة من القيام بعملهم بكل صفاء وبأقصى قدر من الحياد». ولفت الى أن فرنسا «الوفية بالالتزامات التي أقدمت عليها في إطار القرار 1701» ستستمر في دورها بين المساهمين الأساسيين في قوة «يونيفيل» وستواصل كما فعلت دائماً «دعوتها للأطراف كافة الى احترام هذا القرار». وعبّر عن ارتياح فرنسا لتبادل العلاقات الديبلوماسية بين لبنان وسورية، وقال إن هذه العلاقات «ينبغي أن تستند الى المعاملة بالمثل والاحترام المتبادل» وأن اليد الفرنسية الممدودة الى سورية «تعزز السيادة الكاملة للبنان والاستقرار في المنطقة». وتوقف عند عضوية لبنان في مجلس الأمن بالقول إن فرنسا وبالتشاور مع الأعضاء الآخرين في المجلس، تبقى «الى جانب لبنان، لتأمين إطار حوار وسعي للسلام في المنطقة» وإن العمل على إنشاء دولة فلسطينية قابلة للعيش «يمثل هدفاً دائماً من أجل سلامة ورفاهية كل شعوب المنطقة».