تسببت إعلانات وزارة المياه والكهرباء حول ترشيد استهلاك المياه في تذمر مختصين في القطاع الزراعي والحيواني، مطالبين الوزارة بإجراء دراسات تركز من خلالها على الأسلوب الأمثل لترشيد المياه، بدلاً من الغموض الذي قد لا يفهمه المستهلك العادي ولا يعرف الهدف منه. واستغرب هؤلاء في حديثهم إلى «الحياة» من توجه الوزارة، وتساءلوا عما إذا كان سيحقق تغييراً حقيقياً في استهلاك المياه في الزراعة في المملكة؟ أم أنه سيؤدي إلى لا شيء، وبالتالي إثارة المزارعين ومربي الماشية. وتساءل رئيس اللجنة الزراعية في غرفة الرياض» سمير بن علي قباني عن إعلانات وزارة المياه «المبتكرة التي تحفز على المزيد من استهلاك المياه»، ولفت إلى إعلان «خروف نعيمي... هل تعلم؟»، وقال لمن يتم توجيه مثل هذا الإعلان؟ هل هو لعامة الناس؟ أم هو لوزارة الزراعة؟ أم لمربي الماشية في مختلف مناطق المملكة؟ أم لمزارعي الأعلاف؟ أم للخراف الوطنية؟ وأضاف: «هل الخروف المحلي هو الوحيد الذي يستهلك هذه المياه ليعطينا لحماً، ولا بد من المياه ليعيش الخروف وغير الخروف وبالتالي فكل كائن حي يحتاج للمياه». وتابع قباني متسائلاً: «هل تم حصر الخرفان والمواشي المنتشرة في كل رقعة من المملكة وتوثيق أماكن وجودها ورعيها على أعلاف مزروعة في أماكن مياه غير متجددة؟ وكيف يقوم المزارعون بوقف زراعة الأعلاف بعد أن توسّعوا في زراعتها نتيجة لقرار خفض كميات إنتاج القمح؟ ومن لديه استعداد لدفع وتحمل ضعف قيمة الأعلاف المحلية بالتحول للأعلاف الخضراء المستوردة من الخارج؟». وأشار إلى أن هذه الإعلانات لن تُحدث تغييراً هيكلياً فعلاً في استهلاك المياه، ولن تؤدي إلى توفير متر مكعب واحد من المياه من مربي المواشي. وأكد أن هناك برامج واضحة ومحددة تلجأ إليها دول العالم لتنفيذ إعادة هيكلة للأنشطة الزراعية بأسلوب علمي ومحترف، من خلال تعاون وتنسيق المعنيين بالزراعة والمياه، وطبقتها كثير من دول العالم، منها المغرب وبرنامجها بالتعاون مع منظمة «الفاو» لخفض المياه المستخدمة في الري الزراعي بنسبة محددة خلال العقد المقبل، ورصدت له مبلغاً مالياً مغرياً، يشمل دعم تحول المزارعين لأنظمة وتقنيات الري الحديث، والأخذ بمبدأ الميزة النسبية في زراعة المحاصيل في المناطق، وإعادة تأهيل المزارعين والمربين لتحقيق أعلى عائد اقتصادي وأعلى إنتاجية للمتر المكعب من المياه. من جهته، أكد نائب رئيس اللجنة الدكتور منصور الكريديس أن هدف وزارة المياه لم يكن واضحاً سواء للمواطن العادي أم للمزارع أو لمربي الماشية، لافتاً إلى أن القطاع الزراعي يستهلك أكثر من 80 في المئة من المياه، وطبيعة هذا القطاع تتطلب ذلك. وشدد على «ضرورة ترشيد استهلاك المياه حتى نحقق الزراعة المستدامة، ونحافظ على المكتسبات الزراعية التي بنتها المملكة منذ سنوات مضت وصرف البلايين عليها»، لافتاً إلى أن قطاع الأعلاف يستهلك كميات كبيرة من المياه، إلا أن الاستراتيجية الجديدة ستقلص من ذلك، وستسهم في ترشيد الاستهلاك بشكل كبير، مؤكداً أن اتجاه الدولة إلى الاستثمار الزراعي الخارجي هدفه توفير وتعزيز الأمن الغذائي للمملكة، على رغم أن هناك منتجات غذائية عدة ما زالت تزرع في الداخل. وأكد الكريديس ضرورة عدم التوسّع في زراعة المحاصيل الزراعية المستهلكة للمياه، «أما ترشيد المياه في مشاريع الدواجن والبيوت المحمية والأسماك والألبان فيتم من خلال استراتيجية لا تؤثر بشكل كبير في استهلاك المياه في المملكة». وطالب رئيس اللجنة الوطنية لمنتجي الألبان الطازجة المهندس محمد أنور جان وزارة المياه بالقيام بدراسات تركز على إيجاد آليات واضحة لكيفية ترشيد استهلاك المياه بدلاً من الاعتماد على الإعلانات الغامضة وغير الهادفة. وأشار إلى أن الأسلوب الذي اتبعته وزارة المياه والكهرباء في التوعية بترشيد استهلاك المياه لم يكن هادفاً، مطالباً باستبعاد مثل تلك الأساليب، خصوصاً أن المستهلك العادي لا يعرف الهدف والرسالة من ذلك.