تتكثف جهود نيابية ووزارية في اتجاه مطران بيروت للروم الأرثوذكس إلياس عودة لتسهيل ولادة اللائحة البلدية الائتلافية للعاصمة، مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات الأحد في 8 أيار (مايو) المقبل لانتخاب 24 عضواً بلدياً يختار الأعضاء الجدد من بينهم رئيساً للمجلس البلدي ونائبه مع مراعاة المناصفة في توزيع المقاعد بين المسلمين والمسيحيين. وهذا ما يركز عليه زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري في لقاءاته مع اتحاد العائلات البيروتية والقوى السياسية. وعلى رغم أن الحريري رشح المهندس جمال عيتاني الرئيس السابق لمجلس الإنماء والإعمار لرئاسة المجلس، فإن العائق الذي يؤخر التوصل إلى تفاهم لإعلان اللائحة الائتلافية يكمن في إصرار المطران عودة على تسمية رئيس مصلحة الهندسة سابقاً في بلدية بيروت إيلي أندريه نائباً له بذريعة أنه يرتاح إليه. ومع أن ترشيح عيتاني لقي ارتياحاً لدى القوى السياسية في الشارع المسيحي المدعوة إلى الانخراط في الائتلاف البلدي، فإن الجهود التي قام بها أكثر من طرف سياسي لدى عودة لم تنجح في إقناعه باختيار مرشح أرثوذكسي غير أندريه لمنصب نائب الرئيس وكأنه يقول لمن يعنيهم الأمر: «أنا وحدي من أسمي ولا أقبل بشريك معي». وعلمت «الحياة» من مصادر نيابية ووزارية بأن تفضيل «المستقبل» اختيار مرشح آخر لنيابة الرئاسة ينطلق من أن الفيتو على أندريه لا يعود لاعتبارات شخصية وإنما لأسباب تتعلق بصعوبة التفاهم معه وهذا ما خلص إليه معظم أعضاء المجلس البلدي من خلال إعاقته الموافقة على معظم المعاملات التي تتطلب منه الموافقة. كما علمت أن وزير السياحة ميشال فرعون تواصل مع المطران عودة وأيضاً النائب الكتائبي نديم الجميل ومدير مكتب الحريري، نادر الحريري، لكن تعذر التوصل معه إلى تفاهم يقوم على أن تترك له حرية اختيار المرشح البديل. كما أن نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري دخل على خط الوساطة والتقى المطران عودة لهذا الغرض، لكن المشكلة بقيت على حالها. وهذا ما دفع عدداً من الوسطاء إلى تجميد تحركهم لتجنب الدخول في إشكال مع مطران بيروت يمكن أن يرتب تداعيات من شأنها أن تؤثر في مستقبلهم السياسي لدى خوضهم الانتخابات النيابية المقبلة عن دائرة بيروت الأولى (الأشرفية). وسألت المصادر عن أسباب التأخير في الإعلان عن أعضاء اللائحة الائتلافية في ظل استبعاد مشاركة «حزب الله»، على الأقل من وجهة نظر «المستقبل» فيها، وكان أبلغ موقفه إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، إذ يفترض أن تشارك «أمل» في هذا الائتلاف. كما سألت المصادر عن الجدوى من رفض أي رأي ل «المستقبل» في الأعضاء المسيحيين المرشحين للانضمام إلى الائتلاف فيما يصر الحريري على تمثيل معظم الأطراف في بيروت من «الجماعة الإسلامية» إلى الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب «الحوار» برئاسة فؤاد مخزومي وجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، إضافة إلى «أمل». واعتبرت المصادر أن الالتفات إلى «المستقبل» بقيادة الحريري والتعاطي معه على أنه الرافعة السياسية للحفاظ على التوازن والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين يتطلب من الجميع مساعدته بتوفير ما أمكن من التسهيلات إلا إذا كان البعض يخطط منذ الآن للوصول إلى مجلس بلدي معطل على غرار «حكومة المصلحة الوطنية» برئاسة تمام سلام التي تعاني من انقسام سياسي حاد أصابها بالكثير من الشلل وتعذر عليها في غالب الأحيان الوصول إلى تفاهم يتعلق بحاجات المواطنين ومطالبهم. وحذرت المصادر من لجوء بعضهم إلى نصب كمين من شأنه أن يشطر المجلس البلدي لبيروت شطرين فيكون عاجزاً عن تفعيل دوره للنهوض بالعاصمة. وأكدت أنها تعلّق أهمية كبرى على دور المطران عودة والقوى السياسية في الشارع المسيحي لما لديهم من قدرة على إنتاج مجلس بلدي منسجم وقادر على العطاء. وسألت المصادر أيضاً ما إذا كان دور «المستقبل» وتحديداً الحريري يقتصر على قيادته القاطرة البلدية ومن ثم ينقسم المجلس البلدي إلى شطرين على خلفيات مذهبية وطائفية. وقالت إن الرهان على رئيس الحكومة السابق يستدعي التعاون معه إلى أقصى الحدود وأن استبدال عضو بآخر، لن يتسبب بأزمة إذا ما كانت النيات صافية، خصوصاً أنه ليس في وارد إلغاء المكونات الرئيسية في الشارع المسيحي. وقالت إن لا مصلحة للدخول في صراع «شد الحبال» بسبب الخلاف على هذا العضو البلدي أو ذاك. ورأت أن هناك ضرورة لمشاركة الجميع في خلق المناخ الذي يسمح للمجلس البلدي بالعمل كفريق عمل متكامل. إقليم الخروب على صعيد الانتخابات البلدية في بلدات إقليم الخروب في الشوف، علمت «الحياة» أن الاجتماع الذي عقد أخيراً برعاية الحريري وفي حضور النائبين محمد الحجار وعلاء الدين ترو والأمين العام ل «تيار المستقبل» أحمد الحريري خصص لتأكيد التحالف بين «المستقبل» والحزب «التقدمي الاشتراكي» برئاسة وليد جنبلاط ويفترض أن يشمل أيضاً «الجماعة الإسلامية». ونقلت مصادر مقربة من الحريري قوله: «لن أسمح بأي إشكال بين المستقبل والتقدمي، وأي خلاف على عضو بلدي من هنا أو هناك يجب أن يحل في إطار التواصل بيننا وبين الجماعة الإسلامية». وأكدت المصادر نفسها أنه تقرر تشكيل لجنة من الطرفين يفترض أن تنضم إليها لاحقاً «الجماعة الإسلامية». وقالت إنها تتشكل حالياً من أحمد الحريري ومسؤول «المستقبل» في إقليم الخروب محمد كجك ووكيل الداخلية في «التقدمي» سليم السيد، وسينضم إليه عضو آخر. وقالت إن الهدف من اللجنة المشتركة التي ستصبح لاحقاً ثلاثية بانضمام «الجماعة الإسلامية» إليها يبقى محصوراً في رعاية التوافق البلدي بين العائلات التي تبقى صاحبة القرار على أن تولي اهتماماً للبلدات الكبرى في إقليم الخروب وتحديداً شحيم وبرجا وكترمايا. وكشفت أن عدم تفاهم اللجنة على صيغة ما لدعم التوافق في هذه البلدات، يستدعي مراجعة القيادات المركزية المعنية وبالتالي يكون من الأفضل ترك الحرية للعائلات لاختيار مجالسها البلدية باعتبار أنها معركة بلدية بامتياز ولا خلفيات سياسية لها.