نقلت نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية في محافظة جبل لبنان، الاهتمام الى المرحلة الثانية التي تجرى الأحد المقبل في بيروت والبقاع، لا سيما أن لهذا الاستحقاق أبعاده السياسية في العاصمة إذا تكرست المعركة الانتخابية فيها بين «تيار المستقبل» وحلفائه في «قوى 14آذار» من المسيحيين، وبين «التيار الوطني الحر» و «حزب الله» وحلفائهما في المعارضة، في ظل عدم نجاح الجهود لتحقيق التوافق على مطالب العماد ميشال عون والحزب، بينما تنتهي مهلة سحب الترشيحات غداً الأربعاء، فيما بدأ مرشحون من أطراف المعارضة السنية الإعلان عن تقديمهم ترشيحاتهم وبرامجهم. وفي الرياض، استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قصره أمس، رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» اللبناني النائب وليد جنبلاط، وعرض معه، بحسب «وكالة الأنباء السعودية»، عدداً من المواضيع ذات الاهتمام المشترك. وحضر الاستقبال نائب رئيس الحرس الوطني للشؤون التنفيذية الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، ومستشار خادم الحرمين الشريفين الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز. كما حضره من الجانب اللبناني وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي، وتيمور وليد جنبلاط.. وفيما أجلت وزارة الداخلية اللبنانية الإعلان الرسمي لنتائج انتخابات جبل لبنان الى اليوم، فإن الوسط السياسي والإعلامي انصرف الى تقويم ما صدر منها في شكل غير رسمي، لا سيما في شأن بعض البلدات والمدن المسيحية التي حملت مؤشرات سياسية للمرحلة المقبلة، إذ أن معظم البلدات الأخرى خضعت النتائج فيها لمنطق التوافق والائتلافات التي ألغت في كثير من الأحيان الفروقات السياسية بين موالاة ومعارضة. وتمنى رئيس الجمهورية ميشال سليمان أن تشهد المراحل اللاحقة من الانتخابات أجواء مماثلة من روح المنافسة الرياضية، مشدداً على الانكباب على الإصلاحات لقوانين الانتخابات البلدية والنيابية في المرحلة المقبلة. وأبدى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ارتياحه لنجاح المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية، واعتبرها «خطوة متقدمة في سبيل تعزيز العمل البلدي وتشكل مناسبة للتعبير عن أصالة المجتمع الديموقراطي في لبنان». ونوه الحريري بدور وزير الداخلية زياد بارود «والأجهزة المختصة التي أشرفت على إدارة هذه الانتخابات وسائر الأجهزة الأمنية والعسكرية التي تولت حماية العملية الانتخابية وتوفير الأجواء الملائمة لها، ووسائل الإعلام التي ساهمت في تغطيتها». وشدد الحريري، خلال استقباله وفداً موسعاً من «شباب المستقبل» ورؤساء هيئات اجتماعية، على أهمية الانتخابات البلدية في عملية النهوض والتنمية وتطوير العاصمة. وقال: «بعد أيام قليلة ستجرى الانتخابات البلدية في بيروت ونحن ندعو الجميع للمشاركة في هذا الاستحقاق المهم لاختيار أعضاء المجلس البلدي الجديد الذي يؤثر على مستقبل المدينة والنهوض بها في مختلف المجالات، ونؤكد مرة جديدة التزامنا بصيغة المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في تركيبة المجلس البلدي، وندعو أبناء العاصمة لتكريس هذه الصيغة في اختيارهم وعدم الالتفات الى محاولة البعض من هنا أوهناك للإخلال بهذه الصيغة تحت شعارات مضللة ولغايات معروفة لا تخدم وحدة العاصمة وصيغة العيش المشترك فيها». والتقى الحريري وفداً من الفاعليات الأرمنية في حضور الوزير جان أوغاسبيان، ضم رئيسي حزب «الرامغافار» وحزب «الهانشاك»، ووفداً من «الجمعية الخيرية الأرمنية» في حضور النائبين سيبوه هوفنانيان وسيرج طور سركيسيان، للبحث في انتخابات بلدية بيروت. وبالعودة الى تقويم نتائج انتخابات الجبل، فقد بيّنت القراءات الأولية للمنافسات ذات الأبعاد السياسية، أن نائب رئيس الحكومة السابق ميشال المر تمكن في قضاء المتن الشمالي، سواء بالائتلاف مع حلفائه وخصومه، أم من خلال معارك خاضها مع حلفائه، من أن يحصد 25 بلدية بالتعاون مع القوى العائلية وعلى 16 بلدية بالتعاون مع الكتائب و «القوات اللبنانية»، فيما حصد مناصرو العماد عون 8 بلديات، بحسب مصادر المر. وفي قضاء جبيل شكلت نتائج انتخابات المجلس البلدي في المدينة وعاصمة القضاء نقطة فارقة، إذ فازت اللائحة التي دعمتها «قوى 14 آذار» والمستقلون، على اللائحة التي يدعمها العماد عون وحلفاؤه برئاسة الوزير السابق جان لوي قرداحي. ومع أن أنصار عون فازوا في عدد من قرى القضاء فإن فوز خصومه من «قوى 14 آذار» في بلدة قرطبا الجردية، والعاقورة وقرى أخرى، جعل هؤلاء يعتبرون أن فوز عون بالمقاعد النيابية، للقضاء العام 2009 جاء بفعل أصوات «حزب الله» و «أمل» في القرى الشيعية، وأن حضوره المسيحي الى تراجع عن السابق. لكن عون حصد بلدات أخرى في قضاء بعبدا أهمها بلدة الحدث الكبرى، في مقابل نجاح خصومه أي «الكتائب» و «القوات» في غيرها في القضاء نفسه. كما أن تحالف تيار عون مع «الحزب التقدمي الاشتراكي» في بلدة دير القمر في الشوف لم يحل دون حصول اللائحة المقابلة المدعومة من «القوات» و «الكتائب» و «الوطنيين الأحرار» على الأكثرية، بينما تمكن «الاشتراكي من الفوز في مواجهة اللائحة من هؤلاء الخصوم. وحصد «تيار المستقبل» أكثرية بلديات إقليمالخروب السنية بالتعاون مع حلفائه وتمكن من الفوز ببلدية برجا على رغم تنافسه مع «الجماعة الإسلامية» ولم تحصل مفاجآت في قضاء عاليه الذي خضعت الانتخابات فيه للتوافق الدرزي مع الأطراف الأخرى. أما البلديات الشيعية فجاءت نتائجها لمصلحة تحالف الثنائي حركة «أمل» و «حزب الله»، لا سيما في الضاحية الجنوبية التابعة لقضاء بعبدا، باستثناء إحدى البلدات في إقليمالخروب التي فازت فيها اللائحة المدعومة من «قوى 14 آذار». لكن قوى معترضة على الائتلاف الثنائي، خاضت المعارك ضده في الضاحية ما شكل مؤشراً الى تمكن هذه القوى من إثبات وجودها.