بروح متفائلة وعزم قوي، كان يواجه مصاعب الحياة. تحمل الجهد البدني المضاعف والقلق الذهني المتواصل واخفاه حتى عن أقرب الناس إليه (زوجته)، لم يشأ أن تفارق السعادة أفراد أسرته مثلما فارقته، حلمه الأزلي تأمين مستقبلهم ولذا كان يعيش القلق طوال 12 عاماً عاشها في السعودية. فجأة حل ما يفسر ذلك القلق المستمر، فخرج ابنه الرضيع إلى هذه الدنيا وهو مصاب ب «شق» في سقف حلقه، ما يسبب له صدمة اختناق متكررة عند شرب السوائل، إضافة إلى وجود زرقة بسبب ضيق التنفس، يحدث ذلك بسبب احتجاز الحليب في الحلق. يعمل أبو محمد ميكانيكياً في إحدى شركات القطاع الخاص. ويقول: «بدأت معاناتي الحقيقية بعد ولادة ابني محمد بثمانية أيام، إذ بدا عليه هزل في الجسم وتكرار في حالات الاختناق، ولم نكن نعلم بأن ما يشربه الطفل يعود إلى رئته، إلا بعد مراجعة المستشفيات». ولا يخفي أبو محمد حالته المادية السيئة، مشيراً إلى أنها جزء كبير من معاناته، التي حرمته وعائلته البسمة، «جاء مرض ابني وسط ظروف قاهرة ليضيف إلى همومي اليومية حزناً وقلقاً متواصلاً خوفاً على حياته». ويتابع: «دخلي الشهري 1400 ريال، وراتبي لا يفي بمتطلباتنا الحياتية»، لافتاً إلى أن أحلامه في هذه الدنيا توقفت عن علاج فلذة كبده. ولم تستطع أم محمد إخفاء دموعها وهي تتحدث إلى «الحياة»: «هذا المرض سبب لطفلي مشكلات في النمو وضعفاً في الجسم، إضافة إلى رجوع أي سائل يقوم بشربه إلى رئته»، موضحة: «تلقى محمد العلاج في بداية مرضه في مجمع الملك سعود الطبي، وتم عرضه على بعض المستشفيات الخاصة والتي قدرت كلفة الجراحة بنحو 20 ألف ريال». وتصف الأم المحبطة: «بصعوبة بالغة يتناول الحليب، ويعلم الله أننا نعيش دقائق من الخوف والقلق والبكاء عندما يحين موعد شربه الحليب»، مشيرة إلى أن الأسرة تعاني من سوء الظروف المعيشية وتراكم الديون التي يقاسيها رب الأسرة، خصوصاً أن نسبة كبيرة من الراتب باتت تذهب لشراء الأدوية، ما جعلهم يضعون أيديهم على قلوبهم عند حلول موعد الإيجار الذي زادت قيمته إلى الضعف خلال عام واحد.