أقر مستشفى حكومي (تحتفظ «الحياة» باسمه)، باستئصال غدة سليمة من المواطن حامد العيسى، بدلاً من الغدة الجار درقية التي كان من المقرر استئصالها، ما أدى إلى تدهور صحته، وجعل والده يقرر تقديم شكوى إلى الجهات المختصة. وكان حامد يعاني من مرض في القلب منذ أربعة أعوام، جعله يتنقل بين عدد من المستشفيات، التي فشلت في تشخيص حاله، فأصبح عاجزاً عن المشي والوقوف وقضاء حاجته بمفرده، ولاحقاً قرر أطباء في المستشفى الحكومي استئصال الغدة الجار درقية، لكن الطبيب الذي أجرى الجراحة، استأصل غدة أخرى، ما فاقم المشكلة. وذكر تقرير عن المستشفى الحكومي أخيراً (حصلت «الحياة» على نسخة منه)، أن المريض كان يعاني من نزول غير طبيعي للغدة الجار درقية، ووجودها في منطقة «القص» أعلى الصدر، وأن الطبيب أجرى جراحة استئصال الغدة على أساس أنها الغدة الجار درقية، وبعد إرسالها للتحليل، اكتشفوا أنها غدة سليمة مستأصلة بالخطأ، وأكد ضرورة تحويل المريض إلى أي مركز طبي متخصص «لأن الحال أصبحت غامضة لدى الطبيب، وان المريض يعاني من مضاعفات سيئة». وذكر والد حامد ل«الحياة» أنه راجع بولده، عدداً من المستشفيات الحكومية التي أكدت غالبيتها أن نتائج الفحوصات سليمة، ولم تشخص حاله إلا بعد تراجع وضعه الصحي وعجزه عن تدبر أموره. وقال: «آخر تلك المستشفيات ذلك المستشفى الذي شخص أطباؤه حال حامد بأنه يعاني من نقص في نشاط الغدد الدرقية، مع ورم غدي في الغدة الجار درقية اليسرى، ويحتاج إلى إجراء جراحة استكشافية للعنق، وشق عظم القفص الصدري لاستئصال الورم». وأضاف أن ابنه ادخل المستشفى من إجراء الجراحة، فأجريت له فحوصات وتحاليل، ثم عدل الأطباء عن ذلك لخطورتها في الوقت الحالي، وطلبوا منه أن يبقى على اتصال، مشيراً إلى أن استدعاءه وتنويمه في المستشفى تكرر مرات عدة، ثم عزم الأطباء على المجازفة واتمام الجراحة، التي أسفرت عن الفشل في استئصال الغدة، واستئصال الغدد الأنفية بدلاً عنها، وبعدما اكتشفوا خطأهم طلبوا نقله إلى مستشفى آخر، لعجزهم عن علاج مثل هذا الحالات. وأكد أن ابنه يعاني بعد مرور أسبوع من إجراء الجراحة من مضاعفات الخطأ الطبي وصعوبة التنفس، إذ لا يستطيع التنفس إلا بالأجهزة، ولا التحدث بشكل طبيعي. ولفت إلى أن الطبيب المعالج اعترف بأنه اشتبه بوجود تورم في الغدد اللمفاوية فاستأصلها، وبعد انتهاء الجراحة اعتذر عن خطئه، مشيراً إلى أنه يستعد الآن لتقديم شكوى إلى إدارة المستشفى وديوان المظالم. الدعاوى ضد المستشفيات الخاصة أكثر من الحكومية دعا مدير إدارة الطب الشرعي المسؤول عن لجان الأخطاء الطبية في وزارة الصحة الدكتور طلال طه، والد المريض إلى تقديم شكوى ضد المستشفى، ليتم تكوين لجنة عاجلة للتحقيق، وتحويلها إلى الهيئة الصحية الشرعية الموجودة في جدة، لتصنف الخطأ من أية فئة، وتناقش القضية وتعد تقريراً عن طريق لجنة مكونة من الأكاديميين والقانونيون، لقياس مدى مضاعفات الخطأ، ثم إصدار الحكم النهائي، والتعويض عن فقد المنافع. وأوضح ل«الحياة»، أن لجنة في المحكمة الشرعية الكبرى تقرر نسبة الخطأ مهما كانت درجته، ثم يقرر القاضي مقدار المطالب والعقوبة، سواء كان الطبيب سعودياً أو أجنبياً، مشيراً إلى أن للمواطن الذي لا يقبل حكم اللجنة الطبية الحق في التظلم إلى ديوان المظالم. وقال: «الخطأ وارد في جميع المهن، ولكنها اخطر في الأمور الصحية، كونها تتعامل مع أرواح بشر»، لافتاً إلى أن عدد القضايا والدعاوى التي تنظر في المحاكم ضد المستشفيات والمراكز الخاصة أكثر من المستشفيات الحكومية والعسكرية.