بعد نحو ثمانية أعوام و10 أشهر، يعود باعة سوق القيصرية الشعبي في محافظة الأحساء، إلى محالهم التي هجروها بفعل حريق دمر السوق الأشهر في شرق السعودية، والذي يعود تأسيسه إلى نحو ستة قرون. وسيقوم نائب أمير المنطقة الشرقية الأمير جلوي بن مساعد بافتتاحه رسمياً الثلثاء المقبل. وقال أمين الأحساء المهندس فهد الجبير: «إن وكالة الخدمات ستبدأ في تسليم محال السوق إلى أصحابها، أواخر شهر جمادى الأولى الجاري، لتمكين الباعة من عرض بضائعهم في المحال، وافتتاح السوق رسمياً يوم الثلثاء المقبل». وأكد الجبير، ل «الحياة»، أنه سيتم «تشكيل لجنة لمتابعة عملية التسليم، بعد التوثق من أصول صكوك المالكين والوثائق الرسمية. وستوزع مجموعة من دكاكين السوق على مالكي المحال قبل الحريق، فيما سيتم إرجاع المحال التي تخص الأمانة إلى المستأجرين بحسب الأقدمية. كما سيتم تخصيص جزء من محال الأمانة للاستثمار السياحي وعرض الحرف الشعبية في الأحساء، بتأجيرها لعدد من الحرفيين أصحاب الخبرة، مثل خياطي المشالح، إذ سيتم توزيع مراحل خياطة المشلح على عدد من المحال، وسيتواجد عامل في كل محل، لإنجاز إحدى مراحل خياطة المشلح، وإشغال بقية المحال في الحرف الأخرى، لرسم هوية ومكانة الأحساء قديماً». وأوضح أن الأمانة ستقوم «بتحويل السوق إلى معرض يحكي تاريخ الأحساء، من خلال تقسيم دكاكينه؛ ليقدم كل ركن جانباً تاريخياً وتراثياً وحرفياً مضيئاً، إذ سيكون هناك قسماً للتراث، وآخر للحرف، إلى جانب توزيع المحال التجارية الأخرى بحسب تخصصها، في أجنحة متعددة، من بينها المواد الغذائية، والأدوية الشعبية، والبهارات، والحبوب والمكسرات، والملابس التقليدية والشعبية، والأحذية، والمشالح، والأكلات، والسجاد والمقتنيات القديمة، إلى جانب المقاهي الشعبية. كما سيتم تخصيص موقع في السوق لإقامة الفعاليات السياحية خلال أيام الإجازات الصيفية والعطلات». ولفت إلى أن إعادة بناء السوق تمت «بإشراف مجموعة من المهندسين الأكفاء والاستشاريين في الفن المعماري، وروعي في بناء السوق، الذي بلغت كلفته 16 مليون ريال، الحفاظ على تصميمه القديم، والبيئة المستمدة من العمارة الإسلامية التقليدية، من خلال استعمال مواد البناء التي بنيت بها السوق قبل عشرات السنين، لتبقى شاهداً على نمط الحياة التجارية في الأحساء، وتعبيراً عن حركة القوافل التجارية التي تفد إلى المنطقة منذ أكثر من سبعة آلاف سنة، إضافة إلى مراعاة أصول السلامة والإنذار الأوتوماتيكي بالحرائق، وشبكة مياه خاصة بمكافحتها، تتغذى من خزان مياه خاص، وتدعمها مضخات تنتهي في صناديق خراطيم المياه في الممرات». بدوره، أشار وكيل الأمين للخدمات الفنية المهندس عادل الملحم، إلى أن إعادة البناء تمت يدوياً من خلال «استخدام الطين والجص وسعف النخيل، ليتناسب مع الطراز المعماري القديم للسوق»، مؤكداً أن العمل في البناء تم ب «التنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار»، لافتاً إلى أنه تم «توريد الأخشاب الخاصة بالأسقف والطبقات التي تعلوها، وتمت أعمال التمديدات تحت الأرض، مثل شبكة تصريف السيول والكابلات الكهربائية والهاتفية». وأضاف الملحم، أن «مساحة السوق الجديد تبلغ خمسة آلاف متر مربع. وتضم نحو 422 محلاً، 291 منها مملوكة لمواطنين، وتعادل 60.9 في المئة من إجمالي مساحة الموقع. وعدد محال الأمانة 177، سيتم تأجيرها لأصحاب الأعمال الحرفية من أبناء الأحساء، إضافة إلى مسجد ومرافق أخرى كانت تشكل هوية المكان، مثل سبيل الماء في براحة المحاسنة، و»دروازة الحداديد»، التي تربط الجزء الشمالي في الجنوبي، و»دروادة داوود» في سكة البوحليقة».