تنشط عائلات كثيرة في مدينة الرياض في مجال الحرف اليدوية وإعداد الأكلات الشعبية في منازلها، وتسويقها على نطاق ضيق، كون القدرة المادية واللوائح والأنظمة في بعض الأحيان لا تسعفهم لفتح محال تجارية. وكان مهرجان «التراث والأسر المنتجة» الذي اختتم في مدينة الرياض أخيراً مناسبة لاجتماع هؤلاء الطهاة والحرفيين في مكان واحد للتعريف بإمكاناتهم والتسويق لمنتجاتهم. وقالت نوف إحدى طالبات كليات الطب ممن يعملن في إعداد الأكلات الشعبية ل «الحياة»: «اكتسبت وأخواتي مهنة طبخ الأكلات الشعبية من أمي وجدتي حتى أصبحت هواية نسعى إلى الاستمرار فيها، وهي لا تتعارض مع دراستنا في مجال الطب والصيدلة، كما أننا نسوق منتجاتنا عن طريق المنزل في نطاق ضيق، إلى جانب مشاركتنا في المهرجانات بين الحين والآخر». وتحدثت أم فهد التي تقدم المأكولات الشعبية منذ أكثر من 30 عاماً عن حبها للطبخ الشعبي كالجريش والقرصان والمرقوق والكبسة وغيرها. وأضافت: «لم أتمكن من تسويق منتجاتي كما يجب إلا من خلال المنزل، وأتمنى أن تمنح لنا الفرصة في مناسبات أخرى لنتمكن من المشاركة وتسويق منتجاتنا». ولم تتوقف الأسر المنتجة عند الطبخ وتقديم الطعام فقط بل ان الكثير من هؤلاء الأسر يعلمون في منازلهم في حرف أخرى منها الموبيليا والأحذية والملبوسات. وأوضح أبو محمد أحد ممتهني خياطة البشوت أنه اكتسب هذه المهنة من والده الذي نقلها عن جده، مؤكداً أن منتجاته تلقى إقبالاً كبيراً وعوائد مادية مجزية، خصوصاً أن هذه المهنة تمثل مصدر دخله الوحيد، لافتاً إلى أنه يسعى إلى تعريف الجمهور بأهمية عمله في المجتمع. وذكرت الطالبة الجامعية عبير المحمد أنها سعت إلى تنمية هوايتها في صناعة وتزيين الدروع والصور والبراويز منذ 11 عاماً، وتحولت هذه الهواية إلى مهنة، إذ كانت تبيع منتجاتها في البداية على المقربين منها في نطاق الأسرة، والآن تسعى إلى توسيع نشاطها. من جانبه، أوضح رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية في مجلس الشورى سابقا الدكتور عبدالعزيز داغستاني أن الأسر المنتجة لا تزال تعاني من عدم وجود البيئة الحاضنة، ولو أتيحت لها الفرصة لاستطاعت أن تستفيد مادياً ومعنوياً، لما تمتلكه من قدرات ومواهب، معتبراً أن مهرجان أمانة منطقة الرياض للأسر المنتجة الذي اختتم أخيراً فكرة رائعة مثلت ما يسمى في الاقتصاد «البيئة الحاضنة». وأشار المدير العام للمشروع الوطني لتنمية الموارد البشرية في الهيئة العامة للسياحة والآثار الدكتور عبدالله الوشيل إلى أن الكثير من الحرفيين والحرفيات يتلقون التدريب من ربّ الأسرة، مشدداً على ضرورة تحفيز كل الأسر المنتجة عبر اقتناء منتجاتهم.