المملكة تدين وترفض ادعاءات خريطة الاحتلال الإسرائيلي    بالتعاون مع الاتحاد الفرنسي .. اختتام المرحلة الثانية من الدورة التدريبية PRO    نائب وزير الخارجية يستقبل سفيرة مملكة السويد    انسحاب فرنجية من الترشح لرئاسة لبنان    حرائق غابات هائلة تجتاح لوس أنجلوس الأميركية    الشؤون الإسلامية في جازان وبالتعاون مع جمعية الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات تختتم الدورة العلمية المتقدمة الثانية في صامطة    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تطلق مبادرة " ثرى السعودية " و " أثر " في ملتقى السياحة السعودي    الربيعة يبحث الموضوعات المتصلة بالشؤون الإغاثية والإنسانية مع مفوض «الأونروا»    تحت ضغوط المستوطنين.. هل يتكرر سيناريو غزة في الضفة المحتلة؟    تطوير الشرقية تستعرض إستراتيجيات الاستثمار    أمير المدينة يتفقد محافظة العيص    قرعة نصف نهائي كأس الملك تضع الاتحاد في مواجهة الشباب    "الأرصاد": 15 ظاهرة خلال 2024 تجسد واقع التغيرات المناخية في المملكة    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان رئيس الصين في ضحايا الزلزال    بتوجيه أمير حائل.. تمديد «مهرجان حرفة»    محافظ الأحساء يبحث ووزير الإعلام تعزيز الرسالة الإعلامية وإبراز انجازات الوطن    الأحلام بين اليقظة والمنام    مفاتيح قبول الأبناء للنصيحة    أسرار الترابط والتكامل في القرآن    5 حالات زراعة لقرنية العين بمدينة الملك سلمان    سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضا عند 12088 نقطة    الشؤون الإسلامية تقيم ندوة علمية ضمن البرنامج الدعوي جهود المملكة في ترسيخ العقيدة المتزامن مع شتاء جازان ٢٠٢٥م    «الجوازات»: إمكانية تجديد هوية مقيم وتمديد تأشيرة الخروج والعودة للمقيمين خارج السعودية    النيابة العامة وهيئة التراث توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز حماية التراث الوطني    «الإحصاء»: الإنتاج المحلي من الخضراوات يوفر % 80.6 من الاحتياجات    السعودية تحافظ على صدارتها في حجم الاستثمار الجريء    أمير الرياض يستقبل سفير جمهورية مصر العربية لدى المملكة    نائب أمير منطقة حائل يتفقّد أعمال مشروع استكمال طريق "حائل - رفحاء" الجديد    تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في المنطقة الشرقية    إطلاق عيادات التمكين لتعزيز الخدمات المقدمة لمستفيدي الضمان    حرس الحدود بجازان يقنذ مواطن تعرض لأزمة صحية في عرض البحر    انخفاض اسعار الذهب    الذكاء الاصطناعي ليس عبقرياً    حظر نقل أو نشر تسجيلات كاميرات المراقبة الأمنية    5 أسباب للإصابة بالعصب السابع    هل تعود أحداث الحجْر والهلع من جديد.. بسبب فايروس صيني ؟    8 ملاعب تحتضن مباريات كأس آسيا 2027    «البيئة»: منى تسجّل أعلى كمية أمطار ب 89 مليمتراً    الجنف.. عدو العمود الفقري    خيسوس مدرب الهلال : الفريق الأفضل لم يفز الليلة والنتيجة لم تعكس واقع المباراة    فارياوا يحسم المرحلة الثالثة برالي داكار السعودية.. والراجحي يتراجع    اعتزلت الملاعب    جازان تستضيف النسخة الأولى من معرض الكتاب 2025    جائزة الملك فيصل تعلن الفائزين للعام الحالي    أساس الألقاب في المجتمع السعودي    محتوى الإعلام الدولي.. ومؤتمر سوق العمل !    الأفلام والدخل الوطني    العرب ووجوب مساندة سوريا الجديدة    أمير نجران يكرّم قائد الأفواج الأمنية بالمنطقة سابقاً    دعم القطاع الخاص للبحوث والدراسات العلمية    الشرع يفتخر بما فعلته السعودية لمستقبل سوريا    هيئة الأوقاف تعرّف بخدماتها في تبوك    واشنطن: موسكو تمول طرفي حرب السودان    في انطلاق كأس السوبر الإسباني بالجوهرة.. برشلونة في اختبار أتلتيك بيلباو    مجلس الوزراء: الموافقة على نظام المواد البترولية والبتروكيماوية وتعديل نظام المرور    أمر ملكي بتعيين 81 "مُلازم تحقيق" بالنيابة العامة    «تخصصي المدينة المنورة» يحصل على «الآيزو» في إدارة المرافق    نائب أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشروعات التي تنفذها أمانة المنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كبار السن في الولايات المتحدة بين رحمة ضمان الشيخوخة وقيود المجتمع الرأسمالي
نشر في الحياة يوم 06 - 05 - 2010

«يرعى الأبناء آباءهم في كبرهم»... هذا يعتبر عرفاً اجتماعياً في العالم العربي، وظاهرة بيوت المسنين هي غالباً مرفوضة. أما في الولايات المتحدة، فكبار السن العاجزون عن الاعتناء بأنفسهم ينتقلون إلى دور للمسنين. وبحسب المركز الوطني الأميركي للإحصاءات الصحية، كان هناك 1٫5 مليون مسن فوق الخامسة والستين من العمر في تلك الدور، في 2003، ويتوقع أن يتضاعف عدد هذه الشريحة إلى 3 ملايين في العام 2030، نتيجة تحسن الرعاية الصحية. وهذا «التضارب» بين الحضارتين، يضع الأقلية العربية في الولايات المتحدة أمام أسئلة مصيرية حول خيار «الاندماج» في المجتمع، واعتماد «بيوت الراحة» لمسنيها، أو توفير العناية الشخصية لهم، على رغم التحديات المعيشية المترتبة على ذلك.
فثقافة الولايات المتحدة المبنية على الفرد ومجتمع الرأسمالية، تنتهج عموماً «فضائل» البراغماتيه والاستقلالية والفردية والاعتماد على الذات. وأخلاقيات العمل «الأنغلوسكسونية» في أميركا تقوم فلسفتها على ربط قيمة الفرد بالعمل... طالما تعمل تبقى قيمتك محفوظة. ويفضي افتقاد كبار السن لبعض أو كل هذه الصفات تدريجاً الى عزلهم اجتماعياً، وصولاً الى فكرة بيوت التقاعد خصوصاً في ولايات مثل فلوريدا ونيفادا (حيث الطقس حار والضرائب منخفضة)، أو في حال كانت ظروفهم المادية صعبة، ينتهون في دور للعجزة وتحت رحمة ممرضات منهَكات وأوضاع يومية أقرب الى الملاجئ وبيوت المشردين.
ماري، أميركية في عقدها الثامن، كرست حياتها اليومية لتربية أبنائها وأحفادهم لانشغال هؤلاء في مهنهم اليومية. لم تتوقع ماري أن ينتهي بها المطاف في دار للمسنين في مدينة سان فرانسيسكو، تعاني قلة في الموارد وفائضاً في العجزة. اذ تبلغ تكاليف بيوت العجزة الراقية نحو 10 آلاف دولار شهرياً، وهو مبلغ غير متوافر لدى كثيرين ممن يختارون المآوي الحكومية على حساب أدنى مستلزمات الحياة اليومية. فضمان الشيخوخة يوفر لهم ما مقداره 500 دولار شهرياً، وهي غير كافية لتأمين أدنى متطلبات العيش.
ويلح عدد من المفكرين، كالعالم والمؤلف الأميركي جارد ديموند، على أن الحاجة أصبحت ماسة إلى قلب المعادلة، «لا سيما ونحن نعيش عصراً مادياً مقيتاً وثورة اتصالات رهيبة جعلتنا لفترة نشعر وكأننا ما عدنا في حاجة إلى العلاقات الاجتماعيه الإنسانيه. فالمسنون في حقيقه الأمر وفي الكثير من الحضارات والثقافات القديمه كانو كنزاً للمعلومات والمعرفة في مختلف المجالات في الزراعة والمناخ والطب والسياسة والأنساب وغير ذلك».
والكثير من العائلات العربية والمسلمة الأميركيه تعاني وتجد صعوبة بالغة في اتخاذ قرارات تتعلق بالمسنين في أوساطهم، اذ أن «مديكير» و «مديكيد» - وهما من برامج الرعاية الصحية الأميركية - تدفع لمن يرسل لدور رعاية المسنين مبالغ تفوق تلك التي تُدفع لمن يرغب في رعاية تمريضية منزلية لكبار السن. وفي هذا السياق، يعيش العربي والمسلم الأميركي صراعاً حقيقياً، فهو ثقافياً واجتماعياً لا يتقبل فكرة إرسال كبار السن إلى دور رعاية المسنين ويرغب كثيراً في رعايتهم منزلياً، وهنا تواجههم المشكلة المادية، بخاصة إذا كانت دخولهم متدنية وكان الزوجان يعملان خارج المنزل.
فقد عاشت السيدة أم زياد، من ولاية ميشيغن، في منزلها حتى ممات زوجها. وبعد وفاته، كانت تمضي معظم وقتها في بيوت ابنائها. وفي 1998، وبعد تشخيصها بمرض سرطان الدم، انتقلت إلى منزل أحد ابنائها وقررت العائلة توظيف مساعدة للاعتناء بها في المنزل. وتعاون جميع أفراد العائلة من الأبناء وزوجاتهم والبنات وأزواجهم على تلبية حاجات أم زياد إلى يوم مماتها. وأما خيار نقلها إلى بيت رعاية المسنين فلم يكن وارداً أبداً.
وأظهرت إحصاءت السكان أن مشكلات المسنين في الولايات المتحدة تبرز جلية في الأرياف. فقد روى لي تايلور دافنبورت أن والده الطبيب كان يضطر إلى الانتقال من ولاية إلى أخرى بسبب ظروف عمله. وأمه التي كانت تعيش معهم في ريف ولاية اكلاهوما، اصبحوا يحملون عبء التزامهم نحوها. فمن جهة، لا يستطيعون تركها، ومن جهة أخرى، لا يريدون ازعاجها بالترحال والتنقل، ما اضطرهم إلى ارسالها إلى بيت للمسنين.
وتعكس التقارير أن مشاعر القلق آخذة في التزايد حول ارتفاع ظاهرة انتحار المسنين في اميركا بعد ان نشر مركز «مراقبة ودرء الأمراض» احصاء يفيد بأن 14 مسناً من بين 100 الف ينتحرون سنوياً. وأشار المركز إلى أن المسنين اصبحوا أكثر شريحة تشعر بالوحدة والانعزال، ويزداد شعورهم بالإحباط مع تقدمهم في السن. ودفعت هذه الحالة السناتور هاري ريد، الذي فقد والده في حادثة انتحار، إلى اقتراح المزيد من التمويل لبرامج منع الانتحار وتوفير خدمات الصحة النفسية لكبار السن.
ويتكهّن التقرير بتضاعف عدد المسنين الأميركيين الذين تزيد أعمارهم على 65 سنة، من 12 في المئة أو 37 مليون نسمة، الى 20 في المئة أو 71.5 مليون نسمة في 2030، من اجمالي السكان الأميركيين، ما يحتم تضخماً في مشاكل المجتمع من دون تغييرات جذرية في مفهوم الكهولة والقدرات الموضوعة للتعامل معها.
ويمكن القول ان مشكلة رعاية المسنين مزمنة قديمة حديثة، فلقد كان على شعب الأسكيمو في القطب المتجمد، الاختيار بين حمل الابن والطعام والسلاح أو هجر الأب العجوز، خلال رحلاتهم الصعبة. وأما اليوم فعلى الأبناء الاختيار بين رعاية الآباء أو ارسالهم إلى بيوت المسنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.