موسيقى صاخبة وعالية تصدر من سيارتها لأغاني أم كلثوم وعبدالحليم وصولاً إلى إليسا ونانسي وشيرين ولكل من غنى عن الحب قديماً وحديثاً. تخرج من السيارة فيخفت صوت الموسيقى لتستعمل سماعة «الأي بود» فتدخل لمحل عملها لتتابع ما لديها من أعمال والموسيقى لا تنقطع... تعود لمنزهلها فتؤدي مهامها من الاشراف على الطعام، وحاجات الزوج، والأولاد والواجبات المنزلية فتنهي ما تستطيع انجازه... يعود الزوج من العمل تشاركه طعامه وتنهي مهام أطفالها الدراسية وتبقى حتى يناموا ويبدأ مشوارها اليومي. تعود لسيارتها من جديد فيشغل السائق الأغاني وتبدأ تهيم في الشوارع تعيش مع أغانيها وتدور في الأسواق، تشتري، وتسمع الأغاني، وتغذي مشاعرها بكلمات الأغاني وألحانها الرومانسية وتعيش في حالة حب. روتين يومي تعيشه وترفض أن تخرج منه، فتتهرب من كل ارتباطاتها والتزاماتها الاجتماعية وتنغلق أكثر على نفسها وتعيش في حالة صنعتها لنفسها. تغير كامل في الشخصية وفي مشاعر نحو زوج أحبته سنين طويلة. اليوم تبحث عن حب آخر أكثر تأججاً وأكثر حلماً... تبحث عن حب مستمر لا ينقطع ولا تخفت حرارته. هذا ما تقول أنها تريده... تريد أن تكون سعيدة مع رجل يحبها وتشعر معه أنها امرأة كاملة... رجل يشعرها بوجودها ويقدرها. تنفصل تماماً عن واقعها وواقع زوجها فتعيش بعيدة عنه بمسافة روحية بعيدة وطويلة. المنزل يجمعهما ولكن أرواحهما افترقت، فحلقت روحها في عالم آخر، بعيداً كل البعد عن عالمه. وأخيراً، قرر الرجل أن يخرج من حياتها ويعطيها حريتها الأبدية ويخلصها من كل قيوده، وعقده، ومتطلباته الاجتماعية والجسدية دون أن تطلب منه ذلك صراحة. وفجأة تخفت أغانيها... تتوقف تماماً... يعم الهدوء... ويبقى صوت الواقع وألمه الشديد... تَحقق جزء من الحلم ولم يكتمل باقيه... فالحب لم يظهر، بل اختفت حالته مع اختفاء الزوج وظهرت حالة من العذاب والندم ترفض أن تتوقف. هذه المرأة كالكثيرات غيرها، كانت تبحث عن حب لم تجده في علاقة زواجها... أو ربما اختفى مع روتين الحياة اليومية ومسؤولياتها وضغوطاتها ومشكلاتها. ربما تراكمت المشكلات فكبرت في داخلها دون أن تشعر بها حتى اثقلت كاهلها فانهارت. مرت بمرحلة ضعف فأرادت مشاعراً لم تجد من يغذيها... كانت تبحث عمن يحتويها ويحبها ولكنها غرقت في الأوهام والتمنيات دون أن تشعر، ولم تجد من يمد لها يده ويخرجها من حلمها وينزل معها للواقع... لم تدرك أن ما تمنت أصعب وأقسى مما تخيلت، ولم تعرف أن بعض الأمنيات من الأفضل لها ألا تتحقق... اكتشفت أن ما تبحث عنه كان وهماً وأن أمامها واقعاً صعباً كامرأة وحيدة مطلقة، مسؤولة عن نفسها وعن أطفالها فلم يبق هناك مكان للأغاني الصاخبة ولا للأحلام الوردية. فهذا الرجل رحل عندما لم يجدها كما عهدها، أخذ قراره ووضع لنفسه ما وضع من المبررات... المهم انه قرر ألا يكون حاضراً و«ينفذ» بجلده من أي تغيرات أو متطلبات. هل ستبقى تبكي على أطلال علاقة ربما لم تكن حقيقية منذ بدايتها؟ هل تندم على علاقة حرمتها السعادة وبخلت عليها بمشاعر حب تمنتها؟ أم تتعلم من التجربة لتقويها بدلاً من أن تكسرها؟ وربما تكتب لها الحياة أغنية جديدة تستطيع ان تعيشها وترقص على نغماتها... [email protected]