يصوّت مجلس العموم البريطاني اليوم الأربعاء على مشروع قرار قدمته حكومة المحافظين يقضي بتوسيع الضربات التي يشنها سلاح الجو الملكي ضد تنظيم «داعش» في العراق لتشمل سورية أيضاً، في خطوة تبدو مضمونة بعدما ترك حزب العمال المعارض الحرية لنوابه إذا أرادوا تأييد القرار. ويأتي ذلك في وقت أقرت الحكومة الألمانية مشاركة الجيش في الحرب على «داعش» في العراق وسورية على أن يصوّت البرلمان على ذلك يوم الجمعة، بينما تمسكت المرشحة للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون بعدم إرسال قوات للمشاركة في القتال على الأرض ضد التنظيم في هذين البلدين. وعشية تصويت البرلمان البريطاني، قال وزير الدفاع مايكل فالون إن المملكة المتحدة تُعتبر هدفاً لمتشددي «داعش» حتى قبل توسيعها الضربات لتشمل سورية. وأضاف أمام لجنة الدفاع في مجلس العموم أن «الغارات الجوية وحدها» لن تؤدي إلى تدمير «داعش» لكنها ستساعد في تقليل قدرة التنظيم على مهاجمة بريطانيا. ودافع فالون عن تأكيد الحكومة الأسبوع الماضي أن هناك 70 ألف مقاتل من المعارضة السورية المعتدلة يمكن الاعتماد عليهم في محاربة «داعش»، قائلاً إن هذا الرقم هو خلاصة تقديرات لجنة الاستخبارات المشتركة المشرفة على مراقبة عمل أجهزة الأمن البريطانية. وشدد على أن هذا الرقم يستثني «المتشددين» في صفوف فصائل المعارضة. ومثُل إلى جانب فالون أمام لجنة الدفاع الجنرال غوردون ماسنجر نائب رئيس هيئة الأركان (للعمليات) في القوات المسلحة الذي أشار إلى تقديرات بأن عدد عناصر «داعش» يتراوح بين 20 و30 ألفاً. وينص مشروع القرار الذي قدمته الحكومة إلى مجلس العموم على أن العمل العسكري هو «أحد العناصر فقط من استراتيجية أشمل» للتصدي لتنظيم «داعش»، ويؤكد أن بريطانيا لن تنشر قوات للمشاركة في عمليات قتالية على الأرض في سورية. كما يتعهد مشروع القرار بأن الغارات الجوية ستستهدف «حصراً» تنظيم «داعش» في سورية، في توضيح لتساؤلات طرحها نواب عن إمكان أن تستغل الحكومة إقرار البرلمان للقرار كي تعمل على «تغيير النظام» الحاكم في دمشق. وتمسك زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن بموقفه المعارض لمشروع قرار الحرب الذي قدمته حكومة المحافظين، لكنه رضخ لمطالب قادة بارزين في حزبه (بينهم وزراء في «حكومة الظل») يؤيدون توسيع الضربات وأعطى نواب العمال «حرية التصويت» كيفما يشاؤون. وهو اتهم الحكومة أمس ب «الهرولة نحو الحرب» بعدما رفضت طلبه إرجاء التصويت يومين إضافيين لإجراء مزيد من النقاشات. وكانت حكومة ديفيد كامرون وعدت في وقت سابق بأنها لن تطلب تصويتاً في مجلس العموم سوى بعد التأكد من ضمان حصوله على الغالبية اللازمة. وكان هذا الأمر محل شك بسبب مخاوف من أن ينضم معارضون لتوسيع الضربات من داخل حزب المحافظين إلى نواب المعارضة في التصويت ضد قرار الحكومة، ما يؤدي إلى سقوطه كما حصل في العام 2013 عندما رفض مجلس العموم قراراً سابقاً بضرب قوات النظام السوري على خلفية استخدام أسلحة كيماوية في غوطة دمشق. وفي برلين، أقرت الحكومة الألمانية أمس مشروع قرار مقدم من وزيري الخارجية والدفاع ينص على مشاركة الجيش الألماني في الحرب على تنظيم «داعش» في العراق وسورية لمدة سنة «في إطار المهمات التي ينفذها التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة». وينص مشروع القرار الذي قدمه وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير ووزيرة الدفاع أورزولا فون دير لاين على مشاركة 1200 جندي على الأقل في المهمات التدريبية واللوجستية فقط، إلى جانب ست طائرات «تورنادو» مخصصة لأعمال الاستطلاع، وفرقاطة، وطائرات تزوّد المقاتلات بالوقود في الجو. وقال شتاينماير قبل اجتماع الحكومة: «سنقوم بما هو ضروري عسكرياً، بالطريقة الأفضل القادرين عليها، وبالمسؤولية التي نستطيع تحملها»، موضحاً أنه يعلم أن هزم «داعش» سيستغرق أكثر من سنة. وتأتي هذه المهمة تجاوباً مع طلب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من المستشارة أنغيلا مركل وحكومتها بتقديم دعم عسكري لبلاده التي قررت محاربة «داعش» رداً على الهجمات الإرهابية التي نفذها التنظيم في العاصمة الفرنسية الشهر الماضي. وكانت الحكومة الألمانية قررت الأسبوع الماضي أيضاً، وبطلب من فرنسا التي اضطرت إلى خفض قواتها في مالي، زيادة عدد الجنود الألمان المتواجدين هناك إلى 650 جندياً. ويواجه الجيش المالي الضعيف منذ سنتين تقريباً حرباً شرسة مع منظمات إسلامية متطرفة. ومن المنتظر أن يناقش البرلمان الاتحادي الألماني مشروع القرار في جلسة خاصة يعقدها الأربعاء والخميس على أن يتم إقراره الجمعة بأكثرية نواب الائتلاف المسيحي - الاشتراكي الساحقة. وأعلن حزبا الخضر واليسار الصغيران المعارضان رفضهما الموافقة على مشروع القانون. وفي واشنطن (أ ف ب) تعهدت هيلاري كلينتون التي تسعى إلى الحصول على ترشيح حزبها الديموقراطي لسباق الرئاسة الأميركية، بعدم إرسال قوات برية قتالية أميركية إلى سورية أو العراق لقتال تنظيم «داعش». وقالت كلينتون الثلثاء: «في هذه المرحلة لا استطيع تصور أية ظروف سأوافق فيها على القيام بذلك، لأنني أعتقد أن أفضل طريقة لهزيمة داعش، كما قلت، هي من الجو، وهو ما نقوم به، وعلى الأرض من خلال ما نقوم به من تمكين وتدريب وتجهيز، وعبر الإنترنت التي يعتبر التنظيم خصماً قوياً عليها». وجاءت تصريحاتها في مقابلة مع شبكة «سي بي أس». ووافق الرئيس باراك أوباما الشهر الماضي على إرسال ما لا يزيد على 50 من عناصر قوات العمليات الخاصة إلى شمال سورية في مهمة غير قتالية واستشارية للمساعدة في تنسيق جهود المسلحين المحليين الذين يقاتلون على الأرض، وقوات التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة. وقالت كلينتون: «لا نعرف بعد ما هو العدد الذي يلزم من القوات الخاصة والمدربين (...) ولكن في ما يتعلق بنشر آلاف عناصر القوات البرية كما ينصح الجمهوريون، فأعتقد أن ذلك ليس وارداً». وأضافت: «اتفق مع الرئيس على عدم نشر قوات قتالية في سورية أو العراق. لن نفعل ذلك».