أحب بلادي كثيراً، وأحب أن أراها شامخة تتمتع بالنبل والنقاء، ولأن النبل والنقاء يأتيان بعد أن يتخلص المحبون لهذا الوطن من أنانيتهم، ولأننا نعيش في هذا الوطن أسرة واحدة، فإننا يجب أن نقف أمام أنفسنا ونحاسبها على ماذا قدمت لهذا الوطن لتكون جديرة بما تأخذ... هناك في هذا الوطن المعطاء من يأخذ الكثير الكثير ولكنه مع الأسف لا يقدم شيئاً... إنه فقط يأخذ ويأخذ، ولا يفكر أن هناك من ينظر إليه بازدراء... هو يأخذ ولا يفكر أن تلك العيون تسأل: كيف يجيز لنفسه أن يأخذ وهو الذي لم يعطِ شيئاً لهذا الوطن؟ تقول تلك العيون المتسائلة: كيف تجيز لنفسك أن تنام في حضن هذا الوطن، وأن تسحب من أنفاسه الكثير من الأكسجين الذي تحتاجه، والذي لا تحتاجه، وأنت لم ترش عليه قطرة من عرق جبينك أو ساعدك؟ نعم تُلقى الورود في طريقك، ولكن هل فكرت أن تلك الورود سقيت بدموع مسكين لم يجد ما يسد به رمق أطفال جائعين؟ جميلة هي الورود والرياحين، ولكن هل فكرت أيها العابر أن هناك عيوناً ترقبك وأنت تعبر بها؟ وأن هناك أفواهاً جائعة لم تذق ولا مرة واحدة أكوام الحلوى التي أمامك؟ إنها حلوى طيبة وجميلة ولا شك، فهل فكرت أن هناك أفواهاً صغيرة وأيداً صغيرة بريئة تشتهي أن تلامسها ولا تستطيع؟ تأخذ أنت ويجلبون لك ولكن أولئك الصغار بعيدون عن الأنظار... إنهم في زوايا النسيان، لا يستطيعون الوصول، فالحقول سيجت بسياج ليس اسمه التقوى، ولأن الحب أقوى فقد جئتك يا وطني بالصدق... لقد نقل إليّ نخبة من الشباب - من الجنسين - آراءهم، قالوا إن هناك تبذيراً في بعض الإدارات التي تقيم الكثير من الاحتفالات الدورية التي يبذل فيها الغالي والأغلى، وهناك تقصير وفير، فبعض الإدارات تبذر في أشياء لا لزوم لها، وهناك بعض الإدارات لا تجد ما تسد به رمق الجائعين وهم كثر، وكما ترى يا وطني، ليس من الكفر أن نقول مع الشباب رفقاً بالقوارير، ولست أعني بها النساء، كما قد يتبادر إلى الأذهان، وإنما أعني الضعفاء بالوراثة، فالضعف يورّث حتى بالوظيفة مثلما القوة بالمركز الوظيفي! يقول الشباب: نرى الورود تفرش في طريق ابن الوزير، بينما نرى المسامير تضرب على أيد الفقير... ويقول الشباب، وأنا معهم أقول: نحن نحب بلادنا ونريد أن تكون شامخة راسخة الأقدام تماماً، مثلما يريدها الوالد القائد، ولهذا نحن ننظر إليه بأمل، ننظر إلى القائد الحبيب ونحن نعلم أنه أهل لها، ومسيرته تقول لنا: أبشروا فإن غداً لناظره قريب، ولهذا ننتظر غداً ليلمس الجميع باقات الورود ويتذوقوا الحلوى. يقول الشباب: إنهم يتألمون عندما يرون أن أولئك الذين تكدست بين أيديهم الورود والحلوى لا يشعرون بأن هناك أعيناً ترقبهم وأنهم مازالوا يطالبون بالمزيد وكأنهم لا يرون ما حولهم، يشك أولئك الشباب بأنهم يعيشون في جزر زجاجية عاكسة يرون في النهار ولكنهم لا يعلمون بأنهم يظهرون عندما يخيم الظلام! [email protected]