اجتمع المخرج السينمائي عباس كيارستمي والنحات الإيراني برويز تناولي في معرض مشترك في جاليري ميم بدبي، وذلك بمناسبة الاحتفال بمرور خمسة عقود على انطلاق مسيرتهما الفنية. تضمن المعرض ثلاث عشرة صورة فوتوغرافية التقطها كيارستمي على الطريق المؤدية إلى بحر قزوين في شمال إيران أثناء بحثه عن مواقع لتصوير أفلامه، ويظهر في الصور أشجار عارية الأوراق في فصل الشتاء، وحولها غربان تقفز بمرح على صفحات الثلوج البيضاء، أو تقف ساكنة على أغصان السرو العالية. ولد كياروستامي في طهران في عام 1940، وحصل على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة قبل أن يبدأ عمله كمصمم للرسوم البيانية، كيارستمي الفائز ب «السعفة الذهبية» في مهرجان كان في العام 1997، استفاد من الفوتوغرافيا في تعميق رؤيته نحو العالم من حوله، واكتشف مبكراً قدرة الخيال لترميز حقيقة واقعة في صورة شاعرية، وأتاحت له ممارسة الفوتوغرافيا التعرف على جماليات الصورة وإتقان صياغة المشهد كما يكتب الشاعر قصيدته. وهذه الشعرية التي أصبحت علامة فارقة في أعماله السينمائية اللاحقة، تمرن على إدراجها في متن السيناريو بفضل عين الخيال التي ترى للأشجار أرواح عاشقة للربيع والمطر، وهو ما زال يعتبر الفوتوغرافيا وسيطاً أنقى وأكثر تجريداً من الفيلم، لأنها تخلصت من عبء السرد ومقصد الترفيه. المعرض يطلع الزائر على العلاقة المشتركة التي جمعت بين كيارستمي وتناولي، الذي يعتبر من أهم النحاتين الإيرانيين الذي يعرض ثلاثين قطعة نحتية من بينها «الشاعر العاشق» وبعض المنحوتات من مجموعة «هيتش» وتعني «لا شيء» في الفارسية كان بدأ بنحتها في العام 1960. تناولي أعاد إحياء تقاليد النحت السابقة، التي كانت تصور أبطال القصص الشعبية، وتعرف في الجامعة على كياروستامي الذي يعتبر من المخرجين الأكثر ابتكاراً في عالم السينما اليوم. صور المعرض تعكس أسلوب عباس في التقاط الصور، عندما يسير لمسافات طويلة بعيداً عن ضجيج المدينة، ويقترب من الكائن في تلك اللحظة التي تسمح برؤيته ممتزجاً مع حزن الطبيعة بدون استخدام الفلاتر أو عدسة مكبرة، ويفضل أيضاً التقاط الصور، من خلال المطر على الزجاج الأمامي للسيارة، ويفتنه منظر آثار محراث الحقول على أديم الأرض، وسرب الطيور الهائمة في سماء مكلومة تبكي غيومها دموعاً متجمدة وحكايات.