«عالم واحد. شعب واحد. مستقبل واحد. مصيرنا هو جعل العالم مكاناً أفضل لبعضنا بعضاً». بهذا القسم افتتح مئات من قادة المستقبل الشباب الذين لا تتعدى أعمارهم ثلاثين سنة والذين يمثلون أكثر من 100 دولة قمة «عالم شبابي واحد» (وان يوث وورلد) في لندن. وشارك في القمة إلى جانب جيل الشباب قادة برزوا في العقود الماضية في الكفاح السياسي والاجتماعي والإنساني، ومن بينهم الأسقف ديزموند توتو (أحد أبرز القادة المناهضين لسياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا) والسير بوب غيلدوف (المعروف بحملته لمكافحة الفقر في أفريقيا) ومحمد يونس (الحائز جائزة نوبل للسلام) ورئيس البيرو السابق أليخاندرو توليدو والأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان وعمدة لندن بوريس جونسون. ووصفت هذه القمة بأنها مناسبة ل «تسليم الشعلة» من جيل القادة الملهمين السابقين إلى جيل الشباب الصاعد حيث تبادل الجيلان على مدى ثلاثة أيام من 8 إلى 10 شباط (فبراير) الآراء والطروحات في أنجع السبل لمواجهة التحديات التي يواجهها العالم اليوم ومنها الحوار بين الأديان ودور وسائل الإعلام ومشاكل الصحة العالمية والتجارة الكونية والتغيّر المناخي والتكافل الاجتماعي. وشدد منظمو قمة لندن العالمية على أهمية إشراك الشباب دون الخامسة والعشرين من العمرالذين يشكّلون نصف سكان الأرض، في طرق التوصل إلى حلول للمشاكل المتراكمة التي يعاني منها العالم من حروب وفقر وفساد، إضافة إلى الحفاظ على البيئة والتصدي لتفشي الأوبئة. واعتبر المنظمون أن جيل الشباب يملك فرصة أكبر من الأجيال السابقة في التصدي لهذه المشاكل لأن التكنولوجيات الحديثة أتاحت له فرصاً غير مسبوقة للمشاركة في شكل فاعل في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية في العالم بأسره وليس فقط في محيطه المباشر فقط. وألقى العمدة جونسون كلمة في الافتتاح رحّب بها بقرابة ألف مشارك جاؤوا من مختلف دول العالم وهنأهم على اختيارهم للمشاركة في قمة «عالم شبابي واحد». وقال لهم: «العلوم هي المستقبل، والتكنولوجيا هي التي ستجمعنا». ولفت إلى أن جهود مكافحة الفقر والمجاعة التي ضربت افريقيا في منتصف ثمانينات القرن الماضي تطلبت جمع عدد كبير من المغنّين المشهورين في العالم في حفلة «لايف إيد» التي جمعت التبرعات لإثيوبيا التي نُكبت آنذاك بمجاعة رهيبة فتكت بمئات الآلاف من سكانها، أما اليوم وبفضل التطور التكنولوجي فقد استطاعت طفلة واحدة تبلغ السابعة من عمرها جمع 72 ألف جنيه استرليني عبر الإنترنت لضحايا الزلزال الأخير الذي ضرب هايتي وأوقع قرابة 230 ألف قتيل. وأضاف جونسون: «أعتقد أننا اليوم أقرب إلى أن نكون عالماً واحداً، وأقرب من أي وقت مضى لأن يكون لدينا الوعي العالمي والقدرة على حل مشاكلنا سوية». أما السير غيلدوف، صاحب فكرة جمع التبرعات لفقراء افريقيا من خلال حفلة «لايف إيد» التي تُقام سنوياً، فقد شدد على أن الهدف من هذه القمة هو أن يؤثر الجيل الذي حمل الراية في الماضي في الجيل الجديد كي يقوم بدوره بالتأثير في الأجيال المقبلة بهدف تحقيق الأهداف التي عجز عن تحقيقها القادة الملهمون من الأجيال السابقة. بدوره لفت الأسقف توتو في كلمته إلى أن الجيل الجديد الشاب يحلم بعالم من دون حروب، واعتبر أن الله يستخدم الشباب لإيصال رسالة إلى الأجيال السابقة التي تسبب قادتها في الحروب. وتوجّه إلى الشباب قائلاً: «كونوا مثاليين، ولا تتوقفوا عن الحلم بعالم مختلف خال من الفقر والجوع». أما مؤسس القمة ومنظمها ديفيد جونز فأكد أن الجيل الجديد يختلف كثيراً عما سبقه من أجيال، وربط ذلك ب «الثورة الرقمية» التي اعتبر أنها ساهمت في تقدم الجيل الجديد وجعله الأذكى حتى اليوم، لافتاً إلى أن الجيل الجديد يتمتع أيضاً بنظرة متفائلة في إمكانات التغيير وجعل العالم عالماً أفضل لسكانه.