تضامن الاتحاد الاوروبي مع اليونان وقدم لها دعماً «منسقاً ومشروطاً» في مواجهة ازمتها المالية، التي اصبحت تُهدد الاستقرار المالي والاقتصادي في منطقة اليورو. لكن غموض الاجراءات، المتخذة في اجتماع موسع عقده القادة الاوروبيون في بروكسل امس، انعكس سلباً على سعر صرف العملة الاوروبية الموحدة ومؤشرات البورصات في اوروبا التي خسرت بعد الظهر مكاسبها الصباحية. وفتحت الاسواق الاميركية على انخفاض بعد «خيبة امل» من اجراءات الدعم الاوروبية التي جاءت قاصرة عن طمأنة المستثمرين لكنها تحسنت لاحقاً بعد اعلان تراجع العاطلين عن العمل في الولاياتالمتحدة. وقال رئيس الاتحاد فان رومبوي «ان دول منطقة اليورو ستتخذ اجراءات حازمة ومنسقة عند الضرورة للحفاظ على الاستقرار المالي» الذي زعزعته هجمات مضاربين كانت اليونان ضحيتها في الاسواق بسبب تضخم العجز في موازنتها ومخاوف تعرضها للافلاس. واضاف: «ندعو حكومة اثينا الى ان تطبق بحزم وتصميم الاجراءات الاقتصادية الخاصة بالموازنة التي وعدت بها بهدف تقليص العجز اربع نقاط هذا العام». والاجراءات هي الاولى الجماعية لانقاذ دولة عضو منذ تأسيس اليورو قبل 11 عاماً. وليس من المقرر على الفور تقديم مساعدة مالية الى اليونان. واكد فان رومبوي «ان الحكومة اليونانية لم تطلب اي دعم مالي». لكن وزراء مال منطقة اليورو يضعون اللمسات الاخيرة على «خطة مساعدة»، تم التوصل اليها في محادثات بين فان رومبوي ورئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل باروسو والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انغيلا مركل ورئيس البنك المركزي الاوروبي جان كلود تريشيه ورئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو، في حال باتت اثينا عاجزة عن دفع ديون او واجهت صعوبات في الاقتراض من الاسواق المالية. ومن المقرر ان ينهي الوزراء اعمالهم اثناء اجتماع آخر الاثنين في بروكسيل قبل اعلان الاجراءات. ومن بين الخيارات تقديم قروض من بعض دول منطقة اليورو او حتى اصدار سندات اوروبية تستفيد منها اليونان. ويمثل العجز التجاري اليوناني نسبة 12.7 في المئة من اجمالي الناتج المحلي وهو اعلى اربع مرات من المعدل المسموح به في منطقة اليورو. كما ان خدمة الديون البالغة 300 بليون يورو تستهلك 11.6 في المئة من الناتج خصوصاً ان كلفتها عالية جداً. وتحتاج اثينا الى اقتراض 53 بليون دولار لموازنة السنة الجارية. وكان قادة الاتحاد الاوروبي رفضوا الاستعانة بخدمات صندوق النقد الدولي لتقديم النصح الى اليونان ومساعدتها في اعادة جدولة ديونها وتصحيح مسار اقتصادها على اساس «ان بروكسيل قادرة على التدخل وانقاذ دولة عضو في الاتحاد الاوروبي من دون مساعدة من الصندوق او الاميركيين». ويقول خبراء ماليون في لندن ان الاتحاد تدخل لمساندة اليونان بعد هجمة من المضاربين الذين كانوا يراهنون على التمكن من خفض قيمة اليورو بنسبة الخمس تقريباً اثر خسارته 9 في المئة من قيمته مقابل الدولار الاميركي، منذ كانون الاول (ديسمبر) الماضي. وتحسبت بروكسيل من انتقال «الحمى اليونانية» الى كل من اسبانيا او البرتغال او ايرلندا التي تعاني من عجوزات وديون كبيرة، وحتى الى فرنسا التي بلغت نسبة العجز فيها الى 8.2 في المئة من اجمالي الناتج وارتفاع نسبة الديون 20 في المئة السنة الجارية الى 83.2 في المئة من الناتج. وينتظر ان تُعلن المفوضية الاوروبية خطة في آذار (مارس) المقبل، اطلقت عليها اسم «اوروبا 2020» تستهدف اعادة النمو والعافية الى منطقة اليورو بأكملها. وفي ستراسبورغ رفض البرلمان الاوروبي اقرار الاتفاق الموقت الذي يتيح نقل البيانات المصرفية للمواطنين الاوروبيين الى الولاياتالمتحدة في اطار مكافحة شبكات تمويل الارهاب، ما ينذر باثارة ازمة مع واشنطن. وباغلبية عريضة من 378 صوتا مقابل 196 الغى البرلمان اتفاقا مرحليا وقعه في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) وزراء داخلية بلدان الاتحاد الاوروبي يسمح للولايات المتحدة بملاحقة شبكات تمويل الارهاب من خلال الاطلاع على البيانات المصرفية للاوروبيين التي تجمعها شركة «سويفت» في بلجيكا والتي تتعامل مع ثمانية آلاف مؤسسة مالية عبر العالم. واعتبر النواب الاوروبيون ان الاتفاق يشكل تطفلا على خصوصيات مواطني الاتحاد الاوروبي.