لم تتوقف السياحة الدينية في مدينة النجف يوماً، لكنها شهدت انتعاشاً كبيراً أخيراً بالتزامن مع افتتاح مطارها الذي جلب فئات جديدة من الزائرين والمستثمرين. وبينما لا تزال حركة الأجانب في العراق مقيدة إلا أنها في النجف اكثر حرية مع وجود أعداد كبيرة من السائحين من الجنسيات العربية (البحرينية، والسعودية، والكويتية، واللبنانية) والأجنبية (الإيرانية، والهندية، والباكستانية) يتجولون ويتبضعون ويدخلون المطاعم التي أصبحت تستخدم أيدياً عاملة أجنبية هي الأخرى. كان مطار النجف الحافز الأوسع على استقطاب الاستثمار الى المدينة ناهيك عن قيام الإدارة المدنية فيها بعدة مشاريع خدمية لتعزيز البنى التحتية وتعبيد الشوارع وإقامة المتنزهات والحدائق. واستقبل مطار النجف الذي افتتح أواخر العام الماضي 804 رحلات و72360 مسافراً. وقال رئيس إدارة المطار نجاح البلاغي ل «الحياة» ان العاملين «سعداء بهذا العدد اليومي من الطائرات والمسافرين وكل هذا يدل على ان الكوادر المشرفة على المطار أثبتت مهنيتها العالية في استقبال المسافرين وتوديعهم الذين قدموا من شتى أنحاء العالم». وأضاف: «اطلعنا سلطة الطيران المدني على أخر المستجدات في مطار النجف وطلبنا في الاجتماع الأخير معهم أن يعينوا ممثلاً لهم في داخل المطار ليطلع عن قرب على التفاصيل الأخرى». وتعد مدينة النجف الأعلى من حيث استقطاب المستثمرين وستنشأ شركة العقيلة الكويتية مدينة النجف العصرية ضمن المواصفات العالمية، والتي من المؤمل أن يبدأ العمل بها قبل نهاية العام الجاري على أن ينتهي بعد عشر سنوات، وعلى مساحة 22 كيلومتر مربعاً. أول وأعلى ناطحة سحاب عراقية باستثمار بلغ 38 بليون دولار تم التعاقد على انشائها في المدينة مع الشركة الكويتية، واستقبلت النجف النسبة الأكبر من الاستثمارات التي قدمت الى العراق خلال السنوات الماضية بسبب سوق السياحة الدينية الرائج فيها. ويؤكد المخططون الاقتصاديون في المدينة ان النجف تحتاج الى 100 بليون دولار هو حجم الاستثمار الفعلي لكن لم يصل منها حتى الآن سوى 40 بليون دولار. وقال نائب المحافظ المنتهية ولايته عبد الحسين عبطان ل «الحياة» ان «حركة السياحة الدينية وعدد الزوار الذين يأتون إلى هذه المحافظة يومياً، وخصوصاً بعد افتتاح المطار، يجعل المدينة أمام متطلبات جديدة من الخدمات السياحية والفندقية وغيرها». واضاف ان «محافظة النجف واحدة من المدن التي تمتلك مجموعة من المقومات الاقتصادية التي تجعلها في مصاف المدن المتقدمة في المجال الاقتصادي». وزاد ان «لمشروع المطار الأهمية الكبرى في جعل النجف المدينة المدينة الأولى في العراق اقتصادياً، فهي مهيأة لاستقبال ملايين الشيعة من انحاء العالم ما يعمق دورها الاقتصادي». ولفت عبطان الى ان «الاستثمارات الأخرى في المحافظة شملت توقيع عقود لإنشاء عشرة فنادق بطريقة B.O.T لفترة تمتد بين عشرين إلى خمسة وعشرين عاماً لشركات لبنانية وعراقية وكويتية، وبناء مدينة سياحية في الكوفة بعقد بلغت قيمته 84 مليون دولار لشركة حسين دشت العالمية، ومستشفى حديث بسبع طبقات لشركة إيرانية باستثمار بلغ 12 مليون دولار». ويقول سياسيون ان النجف حظيت باستقرار أمني ساعد على إشاعة أجواء الاستثمار، فيما كان لتحولها الى مركز قرار سياسي رئيسي في العراق سواء عبر المرجعية الدينية أو الأحزاب السياسية التي تعد النجف مركزاً سياسياً رئيسياً أثر آخر في إشاعة التفاؤل في المدينة التي اقترحها المجلس الإسلامي الأعلى سابقاً عاصمة لإقليم الوسط والجنوب.