بعد مرور أربعة اشهر على تحرير تكريت، مركز صلاح الدين، وعدد من البلدات المحيطة بها من «داعش»، مازال سكانها النازحون يبدون خشيتهم من العودة إلى منازلهم خوفاً من عمليات انتقامية، كما أن إجراءات إدارية معقدة تعرقل عودة من يرغب. الناشطة المدنية إيمان كاظم، المعروفة في سامراء بأم ذنون وتدير أحد مخيمات النازحين في سامراء، ودّعت قبل يومين عائلة الحاجة حسنة النازحة من تكريت. وقالت ل «الحياة»: «أجد نفسي حزينة وأجهش بالبكاء كلما ودعت عائلة تغادر المخيم، بعد أن عشت معهم 14 شهراً بحلوها ومرها، ولكن في الوقت نفسه أفرح لأنهم يغادرون المخيم إلى منازلهم في مناطق تكريت ومحيطها». أكثر من عشر عائلات غادرت المخيم وسط سامراء، في محافظة صلاح الدين، التي ظلت تحت سيطرة الحكومة بعد هجوم «داعش، وأصبحت المدينة ملجأ لآلاف الفارين من مناطق الحرب. ومع سقوط تكريت في حزيران (يونيو) العام الماضي هرب نحو 25 ألف عائلة نحو إقليم كردستان ومدن كركوك وسامراء وبغداد، وتتبع سامراء تكريت إدارياً وبقيت تلك المدينة الأثرية وجهة نحو 15 ألف عائلة نازحة. وبدأت العائلات العودة إلى تكريت تدريجاً، بعدما طردها «داعش» مطلع نيسان (أبريل) الماضي إثر عملية عسكرية استمرت شهراً واحداً استعيدت خلالها بلدات من بينها الدور والعلم ودجلة. وقال قائمقام تكريت عمر الشنداح ل «الحياة» إن «12 ألف عائلة عادة إلى تكريت من أصل 25 ألفاً»، مشيراً إلى أن «نسبة توافر الماء الصالح للشرب وصلت إلى نحو 80 في المئة والكهرباء لا بأس بها». ويتردد كثير من النازحين في العودة إلى منازلهم في تكريت، على رغم تحريرها، بسبب مخاوف من عمليات انتقامية، ولكنهم في الوقت نفسه يعيشون على وقع تهديدات بطردهم من المناطق التي نزحوا إليها في كركوك وسامراء وغيرها. وقالت أمية خالد، وهي نازحة من قرية «البوعجيل»، شرق تكريت، إلى مجمع قيد الإنشاء تابع لديوان الوقف السني في كركوك إنها «خائفة جداً. هنا يقولون لنا تحررت تكريت وعليكم العودة». ولم ترد معلومات عن إجبار سلطات الأمن في كركوك النازحين على العودة. لكن خوف السكان تجلى في إجبارها النازحين من بلدة العظيم في محافظة ديالى على العودة. وارتبط اسم قريتي البوعجيل والعوجة في تكريت بمجزرة سبايكر التي وقعت إبان سيطرة «داعش» على المدينة، ووجهت اتهامات إلى سكان القريتين بالمشاركة في المجرزة التي ارتكبها «داعش» وراح ضحيتها نحو 1700 عسكري في قاعدة «سبايكر» كانوا يحاولون العودة نحو جنوبالعراق بعد سقوط تكريت. ولم تنته أزمة النازحين حتى بعد تحرير المدينة لأن النازحين من شمال المحافظة، وتحديداً من بلدتي الشرقاط وبيجي ما زالوا يعانون من مشاكل عدة ويضطر العديد منهم للتجمع في البلدة بعد بدء العمليات العسكرية، ولكنهم ووجهوا ببطش «داعش»، ما دفع البعض إلى الفرار نحو سلسلة جبال حمرين، شرق المحافظة أو محافظة نينوى ومن ثم الأنبار فالنخيب. وقال أمين سر مجلس محافظة صلاح الدين جاسم محمد العطية ل «الحياة»، إن «تلك العائلات واجهت مشكلة كبيرة، فالمتجهون إلى حمرين يفشلون في الوصول الى بلدة العلم بسبب وعورة الطريق وسجلت وفاة 25 شخصاً بسبب الجوع والعطش» . وتزداد مشكلة النزوح في جنوب وشرق المحافظة، حيث ما زالت بلدة يثرب (جنوباً) وسليمان بيك (شرقاً) مغلقة في وجه العائدين. وقال مدير ناحية سليمان بيك طالب محمد ل «الحياة»، إن بلدته «منسية في هذه الفترة ولم يتحدث بها أحد بسبب الأحداث، لكن سكانها نازحون منذ عام ونصف العام وهي تخضع لسلطة المليشيات التي تمنع عودتهم». وأضاف أن «النازحين كانوا يعيشون في مركز مدينة طوزخورماتو لكنهم تعرضوا للقتل، ما دفعهم للفرار نحو الجبال المحيطة بالمدينة وهم يعيشون هناك الآن».