ارتفعت تلال النفايات أمس، في شوارع وأرصفة بيروت وضواحيها وبعض مناطق جبل لبنان وسدَّت طرقاً أمام السيارات، فيما عمد سكان مناطق إلى إحراق المستوعبات على رغم تحذير وزير البيئة محمد المشنوق من ان الأمر «ينبئ بكارثة بيئيّة وصحيّة بسبب ما ينتج منه من تنشيط لأنواع من البكتيريا وانبعاث الكيماويات السامة». واستعانت بلديات في ضواحي العاصمة بمكبّات قديمة واستحدث بعضها مكبّات موقّتة في ظل مراوحة الأزمة مكانَها وعجز الدولة عن إيجاد مطمر بديل لمطمر الناعمة. واجتمع نواب بيروت أمس مع رئيس الحكومة تمام سلام الذي أكد لهم ضرورة طرح ملف النفايات في بداية جلسة مجلس الوزراء اليوم إلا إذا أصرَّ وزراء «تكتّل التغيير والإصلاح» على طرح آلية العمل أولاً، من دون حلول تلوح في الأفق. ونوقشت في الاجتماع كيفية توزيع 3000 طن من النفايات التي تنتج يومياً من بيروت وضواحيها وامكان نقل قسم منها إلى محرقة صيدا التي ردّت بلديتها بالرّفض. وعلمت «الحياة» أن أحد اقتراحات الحلول تمّثل بنقل نفايات بيروت وضواحيها إلى أرض يتم استئجارها في جرود عكار (الشمال) تبلغ مساحتها مليوناً و 250 ألف متر مربّع يملكها خلدون المرعبي على أن تقوم شركة «سوكلين» المكلّفة جمع النفايات بالكنس والجمع والكبس ثم تشحَن النفايات بحراً إلى عكار ومنها يتم نقلها ب 150 شاحنة إلى الجرود، أو براً أثناء الليل. إلا أن نواب عكار رفضوا الاقتراح الذي كان نوقش في اجتماع كتلة «المستقبل» أول من أمس.ونُقل عن النائب معين المرعبي قوله: «لا أحد يفرض علينا أمراً واقعاً. نرفض أن يذكروا عكار بالنفايات وينسوها في التنمية والمشاريع العمرانية». وكان المجلس البلدي لبيروت الذي اجتمع أول من أمس برئاسة رئيسه بلال حمد بحث حلولاً منها اقتراح نقل النفايات إلى عكار لكن العمليّة تعثّرت بعد رفض النائب المرعبي الاقتراح. وعقد اجتماع استثنائي أمس للمجلس من دون الوصول إلى الحل. وستتواصل فعاليات بيروت مع زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري لبحث الملف. وأكد النائب محمد قباني بعد لقاء سلام أن «الموضوع يحتاج إلى تعاون وطني ومحلي أي بين الحكومة كسلطة مركزية والبلديات كسلطات مناطقية»، مذكراً بأن «مجلس الوزراء منذ نحو 8 أو 9 أشهر كان اتّخذ قراراً منطقياً بأن تكون لبيروت مكبات للنفايات خارج بيروت الإدارية». ودعا «سائر المناطق والأقضية والقرى إلى أن تتقبّل أن بيروت لا تستطيع معالجة مشكلة نفاياتها». وأسف «لتصاعد لهجة مناطقية عصبية في غير موقعها». وأشار إلى «حلول موضوعة ومقرّرة، ولكن القضية فيتوات نسمعها». والتقى سلام وزير السياحة ميشال فرعون الذي لفت إلى أن «هناك من يعطل الموسم الصيفي عندنا». وأسف الرئيس ميشال سليمان في اتصال هاتفي مع سلام ل «ان تنتشر النفايات على الطرق بدلاً من لافتات الترحيب بالوافدين». واعتبر أن محاولة رمي «القنبلة البيئية» من منطقة إلى أخرى ومن مطمر إلى آخر، ستضاعف المشكلة». ودعا وزير الزراعة أكرم شهيب إلى «الخروج من غابة تضارب المصالح السياسية وألا نرمي الأثقال على كاهل رئيس حكومة الذي شكّل ويشكّل صمام أمان». واقترح «إنشاء سنسول في منطقتي الكوستا والكرنتينا تطمر فيهما نفايات العاصمة والضاحيتين». وطالب رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل ب «محاسبة شركة سوكلين شعبياً لأنها تأخذ لبنان رهينة منذ أكثر من 20 سنة. فمنذ إجراء آخر مناقصة في التسيعينات تم التمديد لسوكلين أكثر من مرة ولم نرَ النفايات في الطرق إلا عند انتهاء العقد مع الشركة ليتبيّن أن الهدف ممارسة الضغط والإبقاء على الوضع الذي كنّا عليه وعلى السرقة الممنهجة لأموال البلديات». وأكد أن «هناك مافيا مستفيدة من ملف النفايات وتحقِّق أرباحاً». ودعا إلى «إجراء مناقصة شفافة وبكلفة أقل»، مقترحاً «إدارة هذا الملف عبر لامركزية «نفايات» تحت إشراف الدولة».