شعر- عبدالله الطفيلي إن كنت ناوي بالرحيل ولا بقى فيها كلام سافر فمان الله لكن لا تعوّد تعتذر رح وين ما ودك تروح إن غبت شهر وغبت عام ما عاد تعني غيبتك حتى ولو طول الدهر كلّ(ن) يعيش لحاضره والماضي عَليه السلام ما دام فرّق شملنا ما عاد به وجهة نظر أحسن لنا نبعد كذا من دون تشويش وخصام نرضى بواقع حالنا ونقول مكتوب وقدر ودي تعيش بعالمك ويكون لك شان ومقام من شان تذكر عالمي إن كان في بالك خطر ! وأنا بحقّق رغبتك وألغي حضورك بالتمام من غير ما اجرح لك شعور ولا يجي مني ضرر ويكون من عقب الوصل حالة قطاعه وانعدام ويكون من عقب الوفا والحب نسيان وهجر والماضي اللي بيننا خلّه على صدرك وسام إن كان عدت من السفر وان كان طوّلت السفر وإذا قضيت بدنيتك عمرك ظلام في ظلام هنا تقول وتعترف من هو الذي فينا خسر رؤية -عبدالله رده الزهراني تلويحة البداية : في قصيدة الطفيلي « فمان الله « كانت بدايتها رحيل استفزّ كيان القصيدة والرحيل هنا لم يأت إلا بعد الفراغ وحسم الأمر مادل عليه جملة «ولا بقى فيها كلام» . ثم عرّج إلى الوداع بمفردة « السفر « مخاطبًا ومعاتبًا ومودعاً «سافر» مع دعوة له بالسلامة « فمان الله « لكن آثرها في آخر البيت بقوله « لا تعود تعتذر « أي مطابقة لما في الشطر الأول « ولا بقى فيها كلام « يعود هنا فيقول : « لا تعوّد تعتذر « فهنا وكأنه ختم كل شطر بما يناسبه عقدًا وحلاً . إن كنت ناوي بالرحيل ولا بقى فيها كلام سافر فمان الله لكن لا تعوّد تعتذر رح وين ما ودك تروح إن غبت شهر وغبت عام ما عاد تعني غيبتك حتى ولو طول الدهر ابتدأ مطلع البيت الثاني بقوله : «رح» معلناً تخليه التام عن حبه لأطول فترة لا شيء يهم بعد الرحيل والوداع شهر عام سنين كثيرة لا يهم، فغياب المحبوب الطويل لم يعد يعني شيئًا في نظر شاعرنا حتى ولو طال وطال . كلّ(ن) يعيش لحاضره والماضي عَليه السلام ما دام فرّق شملنا ما عاد به وجهة نظر أحسن لنا نبعد كذا من دون تشويش وخصام نرضى بواقع حالنا ونقول مكتوب وقدر ودي تعيش بعالمك ويكون لك شان ومقام من شان تذكر عالمي إن كان في بالك خطر ! لكن هنا في البيت القادم «كل(ن) يعيش لحاضره» أرى أنها فاصلة وتنبيه وكأنها حكمة قادمة من بعيد فحياة الحاضر هي المهم وإن كنا نتكئ على الماضي كثيرًا بعده أتت «والماضي عليه السلام» وكأنه وداع بل عبث بالماضي تارة أو احترام له ربما بسلام عابر فقط ! ويقول : «مادام فرّق شملنا» فتفريق الشمل عكسه لم الشمل، وهو بحق سواد الروح وجلاء الوئام والتآلف وينهيها بانعدام الوصال وعد تقبل وجهات النظر عطفًا على الأخذ والرد، فلنبتعد بهدوء وبلا ضوضاء وارتفاع للأصوات تمثلت في قوله «أحسن لنا نبعد كذا من دون تشويش وخصام» ويرضى بواقعه وأي واقع هو ؟ واقع حاله بعد فترات الرحيل والوداع والسفر والانقطاع «نرضى بواقع حالنا» ثم يقول :» ونقول مكتوب وقدر» وهي إجابة لأسباب البعد والترحال والهروب من الواقع وهو أيضًا يعتبر عذر «مكتوب وقدر» نعم عذر مفتعل بطريقة لا إرادية، ثن تأتي الأمنيات والأحلام والتمنيات للمحبوب بالخير والحياة الهنيئة «ودي تعيش بعالمك» هنا إشارة إلى الخصوصية كل واحد منهما يذهب إلى عالمه الخاص أما في قولنا الأمنيات والتمنيات فهي تجلت وبقوّة في قوله :»ويكون لك شأن ومقام» كل هذه الدعوات والأمنيات لأجل شيء واحد لم يؤكده الشاعر وهو يذكر»من شان تذكرني» وأيضًا» إن كان في بالك خطر. تلويحة النهاية : وأنا بحقّق رغبتك وألغي حضورك بالتمام من غير ما اجرح لك شعور ولا يجي مني ضرر ويكون من عقب الوصل حالة قطاعه وانعدام ويكون من عقب الوفا والحب نسيان وهجر في تلويحة النهاية بداية كيف لا ؟ وهي بدأت بتحقيق الرغبات من قبل الشاعر موجهًا للمحبوب خطابه :»وأنا بحقق رغبتك وألغي حضورك بالتمام» أي نهائيًا، بلا جروح وآلام ولا كيد .. ويكون من عقب الوصل حالة قطاعه وانعدام ويكون من عقب الوفا والحب نسيان وهجر والماضي اللي بيننا خلّه على صدرك وسام إن كان عدت من السفر وان كان طوّلت السفر وإذا قضيت بدنيتك عمرك ظلام في ظلام هنا تقول وتعترف من هو الذي فينا خسر هنا في البيت القادم حالة من الاستغراب هل يكون بعد الوصل والحب فترة انقطاع وانعدام مشاعر وأحاسيس ؟ وهل يكون بعد الوفاء الدائم على مر العمر وعظمة الحب بينهما نسيانٌ وهجر ؟ إنها تمثلت في هذا البيت الرائع بحق : ويكون من عقب الوصل حالة قطاعه وانعدام * ويكون من عقب الوفا والحب نسيان وهجر ثم يعود شاعرنا إلى الماضي وكأنه عاد إلى جملته السابقة «الماضي عليه السلام» هنا يقول : «خله على صدرك وسام» ذلك الماضي الذي كان سلامًا الآن يعتبر وسامًا على صدر محبوبه بل بطلب منه بمفردة «خله» ! ثم يعود ل «تعويذة» السفر وآهات الفراق ذهابًا وإيابًا طال الوعد والحضور أم قصر فالماضي ضعه واجعله وسامًا على صدرك، النهاية هنا تقترب النهاية ووصفها الحزين : « وإذا قضيت بدنيتك عمرك ظلام في ظلام» حكمٌ على المحبوب بظلمة حياته بسبب كل ما فعل فيه ثم بعد ذلك سؤال بحبكة دهاء «من هو الذي فينا خسر؟» كحكم ونهاية سؤال بجواب ودهاء في نهاية القصيدة كالحقيقة الظاهرة التي تنتظر توضيح فقط أو إمضاء .