هل تناور تركيا إسرائيل بورقة التحالف الإستراتيجي مع مصر؟..سؤال مطروح بشدة داخل الأوساط السياسية في كل من تركيا وإسرائيل، وتحوم حول هذه المناورة مخاوف شدة من الجانب الإسرائيلي أهمها تخوف تل أبيب من انتهاء شهر العسل مع أنقرة، ومن جانب آخر محاولة مصر "الثورة" اتخاذ موقف مماثل ناحيتها خاصة في ظل توتر الأوضاع بين البلدين. رغم التحولات السريعة التي طرأت على العلاقات بين تركيا واسرائيل، ومحاولة إردوغان توجيه رسالة الى تل ابيب مفادها: ان تدعيم العلاقات بين بلاده ومصر من الممكن ان تستعيض انقرة به عن علاقتها بإسرائيل، إلا أن صحيفة يديعوت احرونوت نقلت عن نظيرتها التركية "خبر" لقاء هاتفي أجرته مع سفير إسرائيل "المطرود" من انقرة "غابي ليفي" قال فيه: "ليست هناك فرصة للعودة الى أنقرة مجدداً، فبعد قرار أنقرة بطردي من السفارة الإسرائيلية لن أعود إلى هذا البلد إلا سائحاً فقط، ولن يكون لي أي تمثيل دبلوماسي في تركيا بعد هذا القرار". رغم ما هو معروف عن رفض المعارضة التركية للتقارب بين انقرة وتل أبيب، وكان لهذه الورقة بالغ الأثر في المواقف السياسية التي لعب عليها رئيس الوزراء التركي خلال حملته الانتخابية لرئاسة الوزراء، إلا أن سياسة إردوغان الراهنة حيال إسرائيل، لاقت ردود فعل غاضبة لدى أقوى الأحزاب التركية المعارضة، وهو حزب الشعب الجمهوري، الذي يترأسه "كمال كليش داروغلو".وبحسب تصريحات نقلتها عنه صحيفة يديعوت احرونوت، منح تقرير بالمر إسرائيل حرية المساس بتركيا، كما سمح بالحصار الذي تفرضة اسرائيل على قطاع غزة، إلا أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها أردوغان ضد إسرائيل عندما طرد سفيرها من أنقرة، وتقليص مستوى الممثلية الإسرائيلية لم يكن صحيحاً، كما أنه لن يحرّك ساكناً ولن يغير شيئاً من الواقع الذي بات مفروضاً على أرض الواقع. إلى ذلك سربت آلة الإعلام الإسرائيلية تقارير تقدير الموقف الإسرائيلي حيال تركيا، إذ تعمدت تلك التقارير الترويج لضعف إمكانيات انقرة العسكرية خاصة البحرية منها، مقارنة بنظيرتها الاسرائيلية، ووقوف تركيا امام خيارات صفرية حال اعتماد أردوغان على اسطوله البحري لرد اعتبار بلاده، والتعبير عن رفضها لتوصيات تقرير بالمر. ووفقاً لتسريبات نشرتها صحيفة معاريف، لن يستطيع الاسطول التركي مجابهة سفن الصواريخ الإسرائيلية، إضافة الى افتقار أنقرة منظومات الكترونية بحرية متطورة، كالتي تمتلكها إسرائيل، كما إنه في حوزة الأخيرة غواصات من طراز "دولفين" قادرة على حمل رؤوس نووية. وزعمت الصحيفة أن تقارير تقدير الموقف الإسرائيلية حيال تركيا في هذا الخصوص، جاءت بعد تلميحات رسمية في انقرة بالإعداد لمواجهة حربية ضد اسرائيل، انتقاماً لمداهمة سلاح البحرية الإسرائيلي سفينة المساعدات التركية "مرمرة" وقتله تسعة نشطاء كانوا على متنها. على صعيد ذي صلة، نقلت صحيفة هاآرتس عن نظيرتها التركية "حريات" تقريراً لم يستبعد معدُه اعتزام انقرة توجيه موسم ربيع الشعوب العربية باتجاه اسرائيل، واشعال لهيب الانتقادات ضدها لدى عرب اسرائيل والفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، الا ان معطيات عبرية أخرى حملت موقفاً دفاعياً عن اسرائيل. ووفقاً للمعطيات عينها تعتبر الولاياتالمتحدة وأوروبا ان تنفيذ تركيا لاعتزامها، سيعتبر تجاوزاً تركيا للخطوط الحمراء، إذ سيقرر الطرفان الأميركي والأوروبي تجميد نشاط أنقرة في العمليات التي يقوم بها حلف شمال الأطلسي "الناتو" في منطقة الشرق الأوسط، كما ستدين واشنطن والدول الاوروبية تركيا حال تقدم إسرائيل بشكوى الى مجلس الأمن، تطالبه فيها ببحث تهديد الأتراك بالحرب والتحريض على التمرد ضد نظام دولة عضو في الأممالمتحدة. وأشارت هاآرتس في تقريرها التحليلي إلى أنه على العكس من الاعتقاد السائد بقوة في ما خص الاقتصاد التركي، تمر انقرة بحالة كساد اقتصادي غير مسبوقة، يُضاف اليها اتساع هوة الخلاف بين إردوغان وقادة جيشه، الذين تقدم معظمهم باستقالاتهم خلال الاسبوع الماضي، مما حدا بالدوائر الاستخباراتية في الولاياتالمتحدة واوروبا الى الاعتقاد بأن أردوغان لن يظل طويلاً في منصبه، حتى اذا حاول خوض مواجهة عسكرية بحرية ضد اسرائيل، فإذا حاول انقاذ نفسه عبر الاعتماد على هذه الخطوة فسيكون سقوطه أسرع.