افتتح معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة أمس ندوة "الإعلام السياسي في العالم العربي بين الحرية والمسؤولية" ضمن نشاطات المهرجان الوطني للتراث والثقافة الخامس والعشرين وذلك بقاعة مكارم بفندق الماريوت في الرياض . وفي بداية الندوة ألقى معالي وزير الثقافة والإعلام كلمة رفع من خلالها الشكر والتقدير باسمه واسم جميع المشاركين في المهرجان الوطني للتراث والثقافة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على رعايته حفظه الله للمهرجان . وقال نستعيد معاً دور المهرجان الكبير في صياغة الذاكرة الجمعية للمملكة العربية السعودية وتعضيد مفاهيم المواطنة والوحدة الوطنية بين كافة أطياف المجتمع السعودي حتى باتت (الجنادرية) اسماً فارقاً ومائزاً في الثقافة الوطنية وتعدت ذلك لتصبح في سنواتها الأولى وقد كان العالم أسير رؤى إيديولوجية حادة - منبراً للحوار والمثاقفة والاختلاف . وتساءل معاليه .. هل القنوات الإخبارية تصنع السياسات الإقليمية أم تنفذها ، وفق أجندات سياسية أم سياسات تحريرية ؟ . هل تراجعت مصداقية الشاشة الإخبارية بين أولويات السياسي وأجندة الإعلامي ؟ بعد ذلك رحب معالي وزير الثقافة والإعلام بالمشاركين في الجلسة الأولى من هذه الندوة وهم الدكتور فهد العرابي الحارثي / الأكاديمي والكاتب الصحفي /. وحسام السكري / مدير BBC العربية / وعقاب صقر / المتخصص في الإعلام السياسي / والدكتور مأمون الأفندي / الأكاديمي والكاتب الصحفي /. ورأى معاليه أن هذه الوسائل الإعلامية الجديدة هي رهان الشعوب حين تخلع عليها آمالها وآلامها ، حيث وجدت من وسائل الإعلام / الميديا / الحديثة حياتها ورغباتها ، وهل الإنسان الحديث صنيعة الإعلان والإعلام. وقال معاليه هذه خواطر أتاحها لي موضوع ندوتنا هذه / الإعلام السياسي في العالم العربي بين الحرية والمسؤولية / التي نسعد أن نسمع فيها نخبة من صناع الخطاب الإعلامي العربي الحديث في ندوة ستكون على جلستين ، تتمحور الجلسة الأولى على سؤال .. هل هناك فعلا / إعلام سياسي عربي قادر على مواكبة المتغيرات والمستجدات في المشهد السياسي والإعلامي؟ هل نجحت القنوات الإخبارية العربية في تقديم المصالح العربية أم سقطت في فخ القطرية والتجاذبات الإيديولوجية ؟ . وعبر معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة عن ظنه بأن موضوع الندوة مما لا تؤديه الصفة فهو موضوع تتناهبه الأفكار من كل ناحية وما أن تمسك بطرف منه حتى يتفلت منك ولا يكاد يلين لك فهو كالفرس الحرون تفلتا ووحشة. وأضاف معاليه الإعلام - وأنا في حضرة صناع الإعلام ومنظريه - لا يكاد يستقيم له تعريف أو حد فهو جديد أبداً ويعرف كل من راقب كيف يعمل الإعلام وكيف يشتغل ؟ أن الآلة الإعلامية تكاد لا تشعرك إلا باللحظية فالوقت في الوسيلة الإعلامية وأعني هنا / الفضائيات / مطرقة تقع على المشاهد وعلى المواد الإعلامية حتى لا يكاد يشعر المتلقون إلا باللحظة الراهنة وهم محاصرون بطوفان الصور وعنف الأضواء وضوضاء الموسيقى سواء أكانت المادة المقدمة تثقيفاً أو ترفيهاً. وتابع يقول لعل ذلك ما دعا عدداً من الدارسين لنظام الاتصال الحديث وأدواته للقول أن الشاشة أضحت بديلاً للعالم الواقعي بعنفه وصخبه ، فالشاشة تمردت على هيبتها وطقسيتها وهذا ما نشاهده حين أجبرت الفضائيات نشرات الأخبار لتخرج عن رزانتها وتزمتها لتصبح أكثر حدة وشبابا ، وبات الموضوع السياسي أقرب إلى الحكاية التي يبرع مقدمها في كيفية تقديمها وفق آليات السرد وتقنياته ، وبات المشاهد العادي يحرص على مشاهدة عدد من البرامج السياسية الحوارية ، وما ذلك إلا لألوان التجديد والبوح التي طرأت عليها. وبين معالي وزير الثقافة والإعلام أن التعبير الوصفي (الإعلام السياسي) يوحد في تركيبه بين قطبين دالين (الإعلام) في حركته وانفتاحه، و(السياسة) في غموضها ونخبويتها ، موضحا أنه لطالما صبغت السياسة الإعلام بنخبويتها وغموضها ، ولفت خطابه بطبقات من الرؤى التي لا تلين لأحد سوى القلة النادرة من العارفين ، غير أن (الإعلام) أو نظام الاتصال - استطاع أن يفوض ، أخيرا ، نخبوية (السياسة) حتى غدت مع الفضائيات وثورة الاتصالات ، خبز الناس اليومي ، وباتت السياسة ، وغيرها من الخطابات الإعلامية ، ميدانا للمشاركة الشعبية ، التي إن لم تكن ظاهرة في البرلمانات والمجالس النيابية ، فلا أقل من أن تتحول ويتذكر من شهد طرفا من وقائع ندوات الجنادرية ، كيف أن هذا المهرجان عمل ، وبدون ضجيج ، على التعبير عن المشهد الفكري عربيا وعالميا. وأشار معاليه إلى المناقشات الثقافية في رحاب الجنادرية وما ناقشه ضيوف المهرجان الوطني للتراث والثقافة - منذ وقت مبكر من قضايا شائكة تعرف الفكر العالمي عليها حديثا ، بعد أن قالت (الجنادرية) فيها قولها . . فقد عبرت ( الجنادرية) - هذه المفردة الصحراوية - عن سعة صدر الصحراء التي تلتحفها بالاختلاف والمنازلة والحوار ، وها هي ذي تؤكد في سنتها الخامسة والعشرين أن لا خيار أمامنا سوى الثقافة التي تبدأ باحترام التراث الوطني والقومي ، ثم تسعى إلى الانفتاح على ثقافات العالم ، كما نجده في ندوات هذا العام وشعاريها العميقين : (وحدة وطن) ، و(عالم واحد .. وثقافات متنوعة) . وخلص معاليه إلى أن من يتأمل ملامح الندوات الثقافية والفكرية لهذا المهرجان في سنته الخامسة والعشرين - لا بد أن يلفت نظره تأكيد هذا المهرجان على الأصول التي قام عليها ، ومن أهمها : أن سماء الفكر تتسع للجميع ، وأن من حق أي فكرة ، إذا ما استوفت حقها من البحث والمنطق - أن لا يكون لها حضور في عالم الأفكار ، وأنه لا خوف مطلقا من الأفكار مهما كانت . وعبر معالي وزير الثقافة والإعلام عن غاية ابتهاجه بإصرار (الجنادرية) على أن تكون فتية وجريئة ومقدامة ، وأن يستمسك القائمون عليها برؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - في الحوار والاختلاف وقال هذا سر شبابها الدائم وأعتقد أن هذا هو منهجها الذي نشأت عليه طوال ربع قرن من الزمان ، وأحسب أنه لاسبيل لهذا المهرجان إلا أن يظل كما شاء له مؤسسة وراعية - في المقدمة عطاء وفكرا وحدة ، فالشكر أعطره وأجله لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي أسس هذا المهرجان العالمي الرؤى ، والذي أسهم في صياغة رؤى فكرية بالغة الأهمية. وأضاف في هذا السياق يأتي موضوع ندوتنا لهذا اليوم (الإعلام السياسي في العالم العربي بين الحرية والمسؤولية) مواكبة لواقع الإعلام العربي في وقته الراهن. ثم شارك في الجلسة الأولى الدكتور فهد العرابي الحارثي بورقة عمل تعرض فيها إلى واقع الإعلام السياسي والثقافي في الوطن العربي وكذلك واقع الإعلام السياسي من وجهة نظر الإعلاميين والمثقفين ,مستعرضا الدعم الذي يقدمه الإعلام الخليجي في المجال السياسي وكذلك الدعم الاقتصادي إضافة إلى الوضع الراهن للإعلام السياسي. من جانبه أكد الدكتور عبدالرحمن عزي من الجزائر أنه يوجد هناك مستويات لتحليل مضمون الإعلام السياسي وتأثير الدولة على الإعلام السياسي مؤكداً أن الدولة والإعلام والمجتمع يشتركون في صياغة الإعلام السياسي مشيرا إلى أن القنوات التي تستخدمها الحكومة بالتوافق مع المجتمع هي التي ستنجح. فيما استعرض الدكتور مأمون أفندي في ورقته التي قدمها الإعلام العربي والمدخولات الإعلانية ,مشيرا إلى أن القوى المناهضة للدولة تجد فضاء واسعا وأكثر انتشارا خارج حدود الوطن , كما تحدث عن القضايا في المغرب وأهمية المصداقية في العمل الإعلامي. وأبان الدكتور حسن السكري أن المشهد الإعلامي يتطور وتحدث عن المسؤولية تجاه الدولة والحرية وأنها لا تخلو منها أي المجتمعات ولكنها تختلف من مجتمع لآخر مؤكدا أن الإعلام الجديد رفع هامش الحرية وان الانترنت كسر لعديد من الحواجز مستعرضا دور التفاعلية في تلقى واستقبال الرسالة . عقب ذلك عقدت الجلسة الثانية التي ابتدأها عقاب صقر من لبنان حيث أثنى على مهرجان الجنادرية وقال " يعد مهرجان الجنادرية اكبر حدث ثقافي في العالم العربي مبديا سعادته بالمشاركة في المهرجان . واستعرض أهمية الإعلام السياسي مشيراً إلى أنه إعلام مسيس ودور السلطات في ذلك وأكد أهمية الحوار وان الإعلام الملتزم هو الإعلام المتزن. من جانبه استعرض الأكاديمي الدكتور محمد البشر القنوات الإخبارية غير الحكومية وطبيعة الاستغلال فيها وكذلك مفهوم الخطاب العربي السياسي وعرج على واقع الإعلام العربي وانه انعكاس لضعف الأمة . وأشار الإعلامي ماضي الخميس إلى إعلام السلطة وسلطة الإعلام واستعرض نشأة الإعلام والتفسير الإعلامي للتاريخ وتحدث عن الإعلام الجديد وتأثيره على الخطاب السياسي لافتا النظر إلى السلطة والاحتكار الذي سعت له الحكومات بالسابق والاستغلال السياسي لوسائل الإعلام مثل الدول المستعمرة مبيناً ارتفاع سقف الحرية بعد الإعلام الجديد . بينما قال يحيى اليحياوي إن الإعلام يهدف أساسا إلى الإخبار والتثقيف وإنما انبثق الإعلام السياسي بصفته جزءا من الإعلام رغم استقلاليته موضحاً أن قوة الإعلام تكمن في مقارعة السياسة وأكد أن التقنية أثرت على سقف الحرية وأنه سيكون هناك تسابق بين السياسيين والإعلاميين في كيفية جذب القارئ وذلك خلال السنوات المقبلة. وخلص المحاضرون إلى أهمية تطوير العمل الإعلامي السياسي وإيجاد مدارس تنسيقية متخصصة وبناء مرجعية موحدة للخطاب الإعلامي العربي وربط التسويق ببرامج الإعلام السياسي وإيجاد مناخ من الحرية للوصول إلى إيجاد مناخ رشيد . وأكد معالي وزير الثقافة والإعلام في تصريح صحفي وبعد ختام الجلسة الثانية وقوفه مع الأشياء التي تساعد على الرقي والتطور للإعلام بالمملكة وقال " أنا مع أي شي يساعد على مهنية الإعلام وتطويره وأشجع ذلك" , متمنيا أن يسير بالطريقة الصحيحة . وقال "إن الإعلام علم وصناعة وان الحكمة ضالة المؤمن وان العلم يؤخذ من مكانه وان الإعلام علم حديث سيسطر على جميع أوقاتنا وينقل الأحداث والترفيه وانه علم جميل" . وأشار معاليه إلى أنه يجب أن نطور أنفسنا ونسعى للتطوير في الوسائل المقروءة والمسموعة والمكتوبة وإننا بحاجة للمعرفة ولمزيد الاتصال بالآخر وأن العلم يتطور يوميا .