الدلع، رغم اعتقاد البعض بأنه نوع من الرعاية والاهتمام، يعد سلوكاً مقيتاً ومضراً بتربية الأبناء، خاصة البنات. إنه طريق معبّد بالنوايا الحسنة لكنه يقود إلى نتائج كارثية على المدى الطويل، بما في ذلك الفشل في مواجهة تحديات الحياة، ضعف الشخصية، وانعدام القدرة على اتخاذ القرارات. ورغم أن بعض الآباء والأمهات يرون في الدلع وسيلة لحماية أطفالهم من صعوبات الحياة، فإن الحقيقة تثبت أن هذه الحماية الزائدة تجعلهم أكثر هشاشة أمام الواقع. الدلع وتدمير الشخصية الأطفال الذين ينشؤون في بيئة يغلب عليها الدلع، غالباً ما يفتقدون مهارات التعامل مع الضغوط والتحديات. الدلع يخلق شخصية تعتمد على الآخرين في كل شيء، غير قادرة على تحمل المسؤولية، أو اتخاذ قرارات مصيرية. عندما يعتاد الطفل على أن تُلبى كل رغباته دون جهد أو انتظار، فإنه يصبح غير مستعد لمواجهة العالم الحقيقي، حيث لا تسير الأمور وفق هواه. تظهر الدراسات النفسية، مثل تلك التي أجراها عالم النفس جان توينج، أن الأطفال الذين يتربون في بيئة تتسم بالدلع الزائد، يعانون من مستويات أعلى من القلق والاكتئاب عند مواجهة صعوبات الحياة، مقارنةً بأقرانهم الذين تعلموا الاعتماد على أنفسهم. بل إن بعض الإحصائيات تظهر أن الأشخاص الذين تربوا على الدلع، أكثر عرضة للفشل المهني بسبب ضعف مهاراتهم في التكيف مع متطلبات العمل وتحمل المسؤوليات. التأثير السلبي على البنات خصوصاً عندما يكون الدلع موجهاً للبنات، فإن تأثيراته تصبح أكثر ضرراً. الفتاة التي تُربى على الدلال المفرط، قد تجد نفسها عاجزة عن اتخاذ قرارات مهمة في حياتها الشخصية والمهنية. كما أنها قد تصبح أكثر عرضة للاستغلال من قبل الآخرين، نظراً لانعدام مهارات الدفاع عن النفس، أو القدرة على قول "لا" في المواقف الصعبة. وفي مجتمعاتنا الحديثة، حيث تُقاس الكفاءة بالقدرة على الإنجاز والتحمل، تصبح الفتاة المدللة ضحية سهلة للفشل والإحباط. إذ تشير بعض الإحصائيات إلى أن النساء اللواتي تربين في بيئات تتسم بالحماية الزائدة يواجهن صعوبة أكبر في تحقيق النجاح الوظيفي والحفاظ على استقرار العلاقات الاجتماعية. الحل: تربية متوازنة بدلاً من الدلع الرعاية الحقيقية لا تتمثل في تلبية كل رغبات الطفل، أو حمايته من كل صعوبة، بل في تعليمه كيفية مواجهة التحديات وتحمل المسؤولية. من الضروري أن يدرك الآباء والأمهات أن تربية شخصية قوية ومستقلة، تتطلب منح الطفل فرصاً للتعلم من الأخطاء، وتحقيق النجاح بالجهد، وليس بتذليل كل العقبات أمامه. في النهاية، الدلع ليس سوى سلوك مشين، يؤدي إلى تدمير شخصية الطفل، وتحويله إلى شخص عاجز أمام تحديات الحياة. التربية المتوازنة القائمة على الانضباط والاعتماد على الذات، هي الطريق الحقيقي لإعداد الأبناء لمستقبل ناجح ومستقل.