تعدّ استقلالية الأبناء بذاتهم واتخاذ قراراتهم من الأمور التي يسعى الوالدان إلى التأكيد عليها، إلاّ أنّ بعض الآباء يحاول جاهداً حل مشاكل أبنائه بنفسه، واتخاذ القرارات عنهم، وارشادهم في كل شيء؛ مما يخلق لديهم بعض المشاكل، ويشعرهم بعدم الاستقلالية، ويزعزع ثقتهم بأنفسهم. ولا يمكن أن يتعلّم الأطفال تحمل المسؤولية من دون تأهيلهم تدريجياً على استقلالية القرار، ومساعدتهم على بناء شخصيات ناجحة تعزز سلوكياتهم الإيجابية؛ فالطفل لا يولد عارفاً بكل شيء، ولهذا ينبغي أن يتعلّم المسؤولية، وأن يعي أهمية التعاون والإحترام مثلما يتعلم المشي والكلام. حرمان عاطفي وقال "أ.د.عبد المنان ملا معمور بار" -أستاذ الإرشاد النفسي بجامعة أم القرى-: "عملية تعلم المسؤولية تبدأ مع مولد الطفل، ولا يستطيع تنمية الشعور بالمسؤولية من ذات نفسه، وهي لا تأتي بطريق المفاجأة أو المصادفة، أو كما يقول البعض يتعلم المسؤولية عندما يكبر، ولكن يتعلم شيئاً من تحمل المسؤولية من العملية التي يلقاها من والديه والمعاملة التي يجدها ممن يحيطون به، ومن المهام التي تسند إليه، كما أنّ البيئة التي تفتقد إلى الحرمان العاطفي والحنان تؤدي إلى بناء سلوكيات مضطربة في شخصيات الأطفال، إلى جانب البيئة التي يسودها جو من الحنان والعطف تساعد على نمو الشعور بالمسؤولية، وينمو الطفل على روح التعاون والمحبة، وعلى إقامة علاقات إيجابية أساسها التفاهم والتوافق الإيجابي وهما السبيل إلى تعلم المسؤولية". تعزيز نفسي وأضاف أنّ ابتسامة الوالدين عندما يتمكن الطفل ارتداء ملابسه بنفسه بسهولة، أو أداءه مهام وواجبات المنزل والسلوك السوي يمكن أن تكون أول درس في تحمل المسؤولية، وهذا الإحساس الإيجابي يعزز له نفسياً، حيث يشعر أنّه عضو مفيد في المنزل وخارجه، وينمو عنده الإتجاه السوي نحو ذاته لأداء واجبه بنفسه، وعلى الوالدين أن لا ينتقدا أو يسخرا من النتائج الرديئة أو السلبية إذا حدثت من الإبن، مؤكّداً على ضرورة إرشاده وتوجيهه بالتدريج، فالطفل يتطلع إلى علامات الرضا ويضيق من النقد، والتوجيهات التربوية والنفسية مهارات مهمة إذا تتبعناها عند تنشئة أبنائنا حققنا فيهم صفة الشخصية الإيجابية التي تشعر وتتحمل المسؤولية، ويكونوا مستقلين ومعتمدين على أنفسهم، مدركين وفاهمين معنى المسؤولية نحو دينهم، ووطنهم، ومجتمعهم. سعادة طفلك نابعة من استقلالية قراره وثقته في نفسه أمام الآخرين تغيّر سريع وأشار إلى أنّ المجتمع سريع التغيّر؛ مما يضعنا أمام هائل من الخيارات في الحياة اليومية، بعضها نتخذه بوعي والبعض الآخر لا نعيه، حيث تعتمد السعادة لدى معظم الأفراد على الخيارات التي يتخذونها، والاعتقاد بأنّهم بالفعل لديهم اختيار، فمعظم الحزن في الحياة يرجع إلى اتخاذ الخيارات غير الحكيمة، أو حتى عدم اتخاذ قرار على الإطلاق، وتعد القدرة على اتخاذ الخيارات الحكيمة أحد المهارات الحياتية الأكثر أهمية، والتي يمكنك غرسها في الأطفال، إضافة إلى أنّ الأطفال يتخذون كل يوم خيارات بعضها قد يكون مأساوي والبعض حسن، وتقريباً في عديد من الحالات تتخذ الخيارات بقليل من التفكير أو التأني، وهذه القرارات تؤثر على حياة الطفل، وتعلمه، وعلاقاته، وتصبح جزءاً حيوياً من هويته وكيانه. تقييم السلوك الخاص وقال إنّ هناك استراتيجيات ينبغي أن توضع في الاعتبار عند مساعدة الأطفال لتعلم مهارة اتخاذ القرار منها القدرة، والممارسة، والحرية، حيث يتعلم الأطفال أنّ لديهم القدرة على اتخاذ القرار، ويجعلهم يشعرون بأهميتهم، ومع ممارستهم لاتخاذ القرار يكتشفون متعة اتخاذ الخيارات الحكيمة، والمشكلات والمتاعب التي تنجم عن اتخاذ الخيارات غير الحكيمة، وأنّ الحرية تأتي معها مسؤولية اتخاذ الخيارات الحكيمة، وعلى الوالدين دور الإرشاد ببعض الطرق والأساليب التربوية والنفسية الفاعلة التي تساعد أطفالهم على اتخاذ القرار السليم، وأهم ذلك اتخاذ قرارات بعيدة المدى عند تعليم أطفالهم، واحترام الخيارات والقرارات الأولى للطفل، مع ضرورة منح الأطفال فرصة لاتخاذ القرارات البسيطة يومياً، وإيضاح السبب وراء القواعد التي تستند إلى القرار الحكيم وغير الحكيم، ومساعدة الأطفال على تقييم سلوكهم الخاص، وتشجيع الطفل بقول "اتخذ قرارك بنفسك" عندما تكون نتائج أي من الخيارات المقدمة يصلح التعايش معها، وتوجيه الأسئلة لكي ترشد العمليات العقلية المعرفية للطفل، مع ابتكار الفرص التي تجعل الأطفال يشتركون في قرارات تخص حياتهم، ومساعدتهم على التوقف قبل اتخاذ القرار وتقدير السلبيات والايجابيات أولاً، مشدداً على أهمية احترام أسئلة الأطفال وتخصيص وقتاً للإجابة عليها، إلى جانب تعليق الأباء على ما يراه في التلفاز والصحف من مشاهد سلوكية تتصل بالقيم، ومساعد الأطفال على أن يعلموا أنّ الأخطاء شيء طبيعي، وأنّها مفاتيح ذات قيمة للتعلم. أ.د.عبدالمنان ملا معمور معيار استجابة وأضاف أنّ الدرس الأول في المسؤولية يأتي من الآباء الذين يستجيبون لحاجات أطفالهم، ومرة أخرى نجد أن مفتاح نجاح الأطفال يتمثل في استجابة الوالدين، وهذه السمة تأخذ مكان القلب وأساس أغلب ما نريد أن نكسبه لأطفالنا وما نتوقعه منهم، حيث أنّ الآباء الذين يستجيبون بالشكل المناسب لأطفالهم هم الأكثر ميلاً لتربية أطفال مسؤولين، مؤكداً على أنّ الاستجابة تصبح هي المعيار لأطفالهم، مبيناً أنّ الأطفال ينبغي أن يعاملوا بعضهم البعض بطريقة مسؤولة، والآباء الذين يدركون ويفهمون حاجات أطفالهم النفسية والتربوية والصحية والاجتماعية ويشبعونها بأسلوب صحيح، هم الأكثر ميلاً لفهم مسؤوليتهم تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين. د.عبدالمنان: لا تقبل أعذارهم «نسيت، ما أقصد، بعدين» حتى لا يتخلوا عن واجباتهم ثقة بالذات وأشار إلى أنّ تلبية حاجات الطفل الأساسية تشعره بالأمان، والثقة بالذات، وتلك أساس قوته وإرادته، والذي عليها يستند الطفل في استكشاف العالم من حوله، فهو يصبح مستقلاً ومسؤولاً، فيما يتعلق بحياته الخاصة به، كما أنّ تدريب الأطفال على بعض المهام أو الواجبات المنزلية والمجتمعية الخفيفة تنمي فيهم الإحساس بالمسؤولية، ويساعد الطفل على الثقة بالنفس، ويكسبه دروساً مبكرة في تحمل المسؤولية، ويستطيع الآباء بناء اتجاه إيجابي تجاه المهام المنزلية والمجتمعيه. توجيه وإرشاد وأوصى الأباء بضرورة تعليم أطفالهم أن يقبلوا ويتحملوا المسؤولية منذ الصغر، وأن لا يقبلوا منهم الأعذار غير المسؤولة مثل "نسيت"، "لم أقصد"، "بعدين"، مؤكّداً على أنّ الأعذار هي إشارة على عدم نضج الطفل، وقد يسمع كثير من الآباء عبر سنوات تربيتهم مثل هذه الأعذار من أطفالهم، ولكن الطريقة التي يستجيب بها الآباء لتلك الأعذار هي التي تجعل أطفالهم يعرفون أنّها غير مقبولة، مشيراً إلى أهمية أن نفهم أنّ الأطفال هم مشروعات في مرحلة التقدم والنمو، فلديهم الكثير ليتعلموه حول الحياة، ولكن الكثير من هذه الدروس يمكن تعلمها ذاتياً، فمع نمو وتطور الأطفال يكون الأمر متروكاً للكبار المتواجدين حولهم لأن يقدموا لهم التوجيه والإرشاد المناسبين، كما أنّه أيضاً في أيدي الكبار أن يعلموا الأطفال أن يقوّموا سلوكهم ذاتياً لتحديد ما إذا كانوا يتخذون القرارات. تحمل المسؤولية يغرس في روح الطفل منذ صغره قد يتكل الطفل على الخدم في أداء واجباته المدرسية القدرة على اتخاذ القرار تعلّم الطفل تحمل المسؤولية «تربية الوالدين» تحدد مصير الأبناء في المستقبل..! أوضح "عبدالرحمن بن ساير العواد" -مستشار في الشؤون الإجتماعية- أنّ التنشئة الاجتماعية مجموعة من القيم، والطرق، والأساليب، والمهارات، والمعلومات التي يتحصّل عليها الأبناء من أبويهما، والوسط الذي نشأ فيه خلال فترة الطفولة، مشيراً إلى أهمية تشكيل بُنية الأبناء اجتماعياً، وثقافياً، وعاطفياً وفكرياً؛ مما يؤكّد على أنّ ما يصدر من تفاعلات للأبناء خلال مسيرة حياتهم إنما مرجعها إلى تلك القاعدة التي تم تأسيسها خلال فترة التنشئة. وقال:"باستطاعة الوالدين أن يتنبأوا بمستقبل أبنائهم إلى درجة لا بأس بها؛ عن طريق النظر في عملية التنشئة التي تلقاها الإبن، وفي المقابل إن كان الإبن كبيراً فكذلك يستطيعوا أن يتنبأوا بعمليات التنشئة التي مرَّ بها خلال السنوات الماضية"، مبيّناً أنّ اتكالية الأبناء على والديهم له أثره الكبير في تدمير شخصية الإبن، فإذا أنتجت الأسرة هذه الشخصية التدميرية فإنّ ذلك سيطال المجتمع، منوهاً إلى أن بعض الآباء لا يشعرون بأنهم يصنعون ابنهم أو بنتهم بشكل خاطئ، فعلى مستوى تفكير الأب الواعي هو يريد تنشئة ابنه بطريقة متماسكة، وعلى مستوى التفكير اللاواعي يرى بأنّ ابنه ما زال صغيراً ولا يُعتمد عليه، ومن هنا يحدث التدمير لشخصيته دون أن يشعر، فإذا كبر الإبن وتعرض لمواقف في الحياة تحتاج إلى مواجهة واتخاذ قرار فإذا به عاجز عن ذلك، فيتكل على والديه، ويستمر بهذا الشكل لدرجة أننا نشاهد من يكون متكلاً حتى بعد أن يتزوج ويستقل لوحده، ثم تنشأ بذلك مشكلات أسرية في البيت الجديد، وكل هذا بسبب أخطاء في التنشئة الأولية. عبدالرحمن العواد وأضاف أنّ هناك العديد من الأبناء يشعرون بالتذمر والضجر عند تدخل والديهم في حل بعض المشاكل؛ نتيجة عدم تأسيسهم عند تنشئتهم بالطريقة السليمة التي تسمح لهم بإشراك والديهم في قضاياهم من جانب، ومن جانب آخر لأنه مليء بالتشاؤم والسلبية بسبب أسلوب الاتكالية الذي يمارس معه فإنه يتقوقع على ذاته وينفصل عن والديه، ومتى ما حصل هذا الإنفصال تولد لديه عدم تقبل لفكرة التدخل، مشدداً على الأباء بضرورة أن يكونوا مدركين لأهمية فترة التنشئة وأن يبذروا فيها القيم الإيجابية، ليحصدوا هم وأبنائهم ثمراتها الجميلة من تماسك، ونجاح ووعي، واستنارة، وحب، وإيمان، وسلام، فعلى قدر ما يتم تنشئتهم بهذا الشكل على قدر ما يكون مستقبلهم ومستقبل مجتمعهم قوياً زاهراً. «دلع وخوف» يؤديان إلى فقدان الثقة قالت "مها بنت عبدالله العومي" -مستشارة متخصصة في العلاقات الزوجية والأسرية-: "الاتكالية من حيث تأثيرها على شخصية الأبناء منذ صغرهم تنقسم إلى نوعين؛ منها الاتكالية المادية ومصدرها التلبية الدائمة لطلبات الأبناء وتوفير احتياجاتهم اليومية الضرورية وغير الضرورية نيابةً عنهم، إمّا عن طريق الوالدين أو الخدم وغيرهم، دون تمرينهم على تحمل المسؤولية والعناية بأغراضهم الخاصة أو المشاركة داخل الأسرة ببعض الواجبات الجماعية، ومنها التعود على توفير المال بلا تعب لهم أياً كانت الظروف نتيجة لظن الوالدين، إلى جانب الاتكالية النفسية التي تكون بسبب الحماية الزائدة من الوالدين، حيث الخوف الزائد على الطفل الذي يولّد في نفسه عدم الثقة والتردد قبل اتخاذ القرار، أو العاطفة الجياشة التي قد تزداد جرعتها عند الأم أو الأب، وإشعار الطفل الدائم بالضعف والحاجة للرعاية، دون إتاحة الفرصة له ليمر بما يسمى بالفطام النفسي، وعدم تهيئته للاعتماد على النفس يورثه شخصية مهزوزة من الداخل لا تستطيع تحمل مسؤولية الحياة فيما بعد". وأضافت أنّ الواجب عمله ليعتمد الأبناء على ذاتهم تعويدهم منذ نعومة أظفارهم المشاركة مع الأسرة في تحمل المسؤوليات الصغيرة، وتزداد بنموهم حتى بوجود الخدم، إلى جانب الحوار مع الأبناء منذ صغرهم حول شؤون حياتهم، وكيف يصنعون قراراتهم ويختارونها بوجود والديهم أو بدونهم بحسب المرحلة العمرية، مع ابتكار الآباء لوسائل تشجيعية للأبناء الذين يساهمون في مهام الأسرة، وتقديرهم بالنقاط لترتيب غرفهم أو مساعدة أمهاتهم، إضافةً إلى محاسبة الأبناء المتنصلين من مسؤولياتهم واعطائهم فرصة للأداء المهام المسندة إليهم، ومعاقبتهم إذا استمروا في ذلك، على أن يتم كل ذلك في جو من الحب للطفل، ومراعاة التدرج بحسب المرحلة العمرية، مطالبةً الوالدين بقراءة كتب التربية الخاصة بتنشئة الأبناء على الاعتماد على ذواتهم، وتطبيق ذلك عملياً من خلال تفاعلاتهم اليومية مع الأسرة. لن ينفصلوا عن أسرهم مهما بلغوا من النضج أو العمر! لفت د. إبراهيم سالم الصيخان - مختص في التوجيه والإرشاد النفسي - إلى أنّ بعض الأباء يخافون على أبنائهم من الوقوع في الخطأ ومحاسبة الآخرين لهم، لذا تجد الأم - بصفة خاصة - تسعى من أجل إظهار أبنائها بصورة جميلة خالية من العيوب. د. إبراهيم الصيخان وقال: "كي نساعد أنفسنا في تخطي تلك المعضلة في التربية، من الضروري أن يتعلم أبناؤنا المسؤولية عما يصدر منهم من سلوك اجتماعي، كما أنّ التربية السلوكية من أصعب المهام التي يمارسها الآباء في تربية الأبناء، خاصة عندما يصبحون في عمر الاستقلال نوعاً ما، وتبدأ تضعف معه سيطرة الآباء عليهم، وعلى الابناء أن يعوا أنّ ما يصدر منهم من أخطاء سوف يحاسبون عليه"، مؤكّداً على أنّ حمايتهم لن تجدي نفعاً وستجعلهم يتجرؤون على ارتكاب الأخطاء؛ لأنّهم بكل بساطة سيشعرون بالأمان بجانب ما يوفر لهم من حماية ومساعدة. وأضاف أنّ هناك العديد من الأمور التي لابد أن يتدخل فيها الوالدان وإبلاغ الطفل منذ الصغر على مشاورة والديهم فيها، ومنها ما يتعلق بالسلوك والمسؤوليات داخل البيت، وما هو مرتبط بالآخرين من الأقران، أو الاكبر سناً، أو حتى الغرباء، إلى جانب الأشياء الخطرة على حياتهم، مشدداً على أنّ الاستقلالية منذ الصغر تؤثر بشكل واضح سلباً على شخصية الطفل ومجتمعه، إلاّ إذا رافقها نضج وكانت في وقتها المناسب، حيث تكون متدرجة وليست بشكل كامل، فالأبناء لن ينفصلوا عن آبائهم وأسرهم مهما بلغوا من النضج أو العمر، مبيّناً أنّ مستوى النضج والعمر ليس مبرراً لانفصال الأبناء عن أسرهم، وإلاّ لفقد ترابط وتماسك المجتمع في نهاية الأمر، لأنّ الأسرة هي اللبنة الأساسية في تكوين المجتمع، وستبقى مسؤولية الأبوين تجاه أبنائهم مهما بلغوا من العمر، منوهاً بأنّ الطفل عندما يعتمد على والديه في كافة شؤون حياته فإنه سيكون شخصية اعتمادية على الآخرين. بداية التغيير مع «الحوار» و«الصداقة».. أوضح "د.سيد أحمد عجاج" -أستاذ الصحة النفسية المساعد بجامعة الملك فيصل- أنّه لا يوجد مجال أكثر خصوبة لتحمل المسؤولية من علاقات الطفل الاجتماعية بالآخرين، حيث تبدأ من خلال صداقات متعددة في المحيط المدرسي والعائلي، وفيها يمكن أن يعي الطفل أهمية الإحساس بالمسؤولية تجاه تعامله مع الآخرين، وانعكاس ذلك على حبهم له أو النفور منه، ولابد أن ترتبط تلك الممارسات بالحوار الدائم لأن مسألة الإخفاق في تحمل المسؤولية واردة، وهي لا تكون عادةً ضعفاً من الأطفال، ولكن محاولة للاندماج والتعلم التي قد تحتمل شيئاً من النجاح أو الفشل ولو في البداية. د.سيد عجاج وقال: "الحوار الدائم خاصة في مرحلة المراهقة يعد من أهم الأمور، لأنّ الأبناء في هذه الفترة يبدأون في اكتشاف حدودهم وعالمهم، فإن استطعنا تكريس الوقت الكافي للاستماع لكان ذلك معيناً لنفهم نفسياتهم أكثر، ولابد من اختيار العبارات التي تزرع داخلهم الثقة في قدراتهم في مواجهة أمور الحياة، وربط اللوم على الخطأ بتوضيح أسبابه التي أدت إليه، حتى يتم ترسيخ مفهوم المسؤولية تجاه أي عمل آخر في المستقبل، كما أنّ اعتراف الأبناء بالخطأ أمامنا فرصة مهمة لتعزيز ثقتهم في أنفسهم، وإطراء شجاعتهم في تحمل مسؤولية أفعالهم، ومن المهم أن نتعلم التحكم في أعصابنا وإظهار مزيد من الصبر إزاء بعض التصرفات غير المسؤولة التي قد تصدر أحياناً رغم حرصنا الشديد، لأن المبالغة في التوقع قد تؤدي أحياناً إلى فشل من جهة الأبوين في مواجهة أي إخفاقات". وأشار إلى ضرورة أن يغرس الأباء الثقة في أبنائهم بلا إفراط ولا تفريط، وذلك من خلال التحدث معهم عن معنى المسؤولية والإلتزام الذاتي، وغرس قيمة محاسبة الذات والخوف من الله -عز وجل- في نفوسهم، ومشاركة الأبناء في تحمل المسؤولية منذ الصغر، إلى جانب احترام الأبناء وتقدير أي أعمال يقدمونها مهما كانت صغيرة، وتقدريها مع معاقبتهم على السلوك السلبى -معنوياً وليس بدنياً-، وليكن من السلوكيات التي يعاقبون عليها الإتكالية وعدم تحمل المسؤولية.