قد يجهل كثير من الناس ما نعيشه اليوم من نعم لا تعد ولا تحصى على أرض هذه البلاد الجزيرة العربية السعودية، بعد أن قيض الله لها من يحكم بعدله وشرعه، ونشر العدل والاستقرار بعد شتات وتفرق وتناحر بن الناس والقبائل، وانعدام للأمن، فوهب الله -جل في علاه- الملك للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه الله فسيح الجنان-، فهب الناس يتسارعون للانضمام له؛ لما سمعوا من عدالته في حكمه، وانتشار الأمن والاستقرار في المناطق التابعة لحكمه، فشاع ذكره وتأسست المملكة العربية السعودية «السعودية العظمى». ومن ذاكرة الأحداث في ذلك الحين دخول منطقة الباحة تحت الحكم السعودي على يد المغفور له -بإذن الله- الملك عبدالعزيز آل سعود في أوائل الثلاثينيات الهجرية، وقد حرص على العمل على توطين الناس في مواطنهم، وتوفير أفضل الخدمات لهم، وبذل ما بوسعه لخدمة المواطن، الأمر الذي نهج عليه أبناؤه الملوك من بعده، حتى هذا العهد الكريم الميمون، عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهم الله. ومما يجدر ذكره في تلك الأحداث في صيف 1353 هجرية في الطائف، حينما قام الملك عبدالعزيز باستدعاء بعض من كبراء رجال غامد وزهران، وعلى لسان الشيخ سعيد بن سعد بن سويعد، نقلاً عن الشيخ عبدالحي حسن كمال -رحمهم الله أجمعين- في مقال له عام 1410 هجرية بعنوان «من تاريخ الطايف».. يقول بعد أن استدعى جلالة، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- بعضًا من كبراء غامد وزهران، قال لهم: «إني رأيت بعضكم مرتبطًا بقضاء الطائف -ويقصد بذلك قبيلة زهران-، وبعضكم مرتبط بقضاء بيشة -ويقصد بذلك قبيلة غامد-، ويقول جلالته -رحمه الله، ورحمة بكم رأيت أن أجعل لكم مركزًا في قرية الظفير، وأميركم تركي بن ماضي، وقاضيكم الشيخ محمد علي سراج، وللمالية أحمد قزاز. ويقول الشيخ سعيد بن سويعد.. فشكرنا له إحسانه بنا وتقريب المسافة لنا، إلا أني استدركت وقلت له: يا جلالة الملك -الله يعزك ويحفظك- أنت رحمتنا بهذا العمل، وتعلم بأننا يا شيوخ القبائل مثل البعير الذي يأكل من كل شجرة، ونخشى من بعض جماعتنا أن يشكونا على أميرنا وقاضينا، فضحك الملك عبدالعزيز وقال: «عفا الله عما سلف ونحن من عيال اليوم»، فقلت للأمير تركي بن ماضي: هل سمعت ما قال الملك، فقال نعم. وخرجنا من عنده داعين له بالنصر، وقال لي رفقائي من أين خطر لك هذا الخاطر الذي لم يخطر على بال أحد منا ونفعتنا به، فقلت لهم كبر السن والتجارب، فقد حرص عقلاء الناس وكبار القوم من العشائر والقبائل، ولمن كان له بُعد نظر، على المسارعة في الانضمام له ومبايعته، وقد كان -رحمه الله- يحرص على توطين الناس مواطنهم، وإرساء دعائم الأمن والاستقرار، بتطبيق العدل في الحكم بين الناس بشريعة الله، وانتشار الأمن بعد الفوضى، والوحدة بعد الشتات، فحرص الناس على تلبية دعوته للانضمام للدولة. وكذلك العفو العام، الذي هو سمة من سمات قادة هذه البلاد الذين تتجدد مواقفهم فيه جيلا بعد جيل، ويشهد على ذلك التاريخ، وما نشهده اليوم، فكانت فطنة الشيخ سعيد بن سويعد أمام الملك عبدالعزيز بطلب العفو عما كان، وما سبق حقبة الانضمام للملك والمملكة، وما قابله من حلم وسعة صدر وبعد نظر من جلالة الملك عبدالعزيز -رحمه الله. وقد تم استقرار الإمارة في ظفير بالباحة، فكانت عاصمتها الإدارية مدينة الباحة، إحدى قرى شمال غامد، وإليها تُنسب المنطقة ومركز الإمارة بها، والثقل التجاري، وبها تتجمع الإدارات الحكومية.. حفظ الله وطننا الغالي المملكة العربية السعودية قيادة وشعبًا، وأدام عزها ورخاءها وازدهارها.