أصدرت بي دبليو سي الشرق الأوسط أحدث تقرير لها حول الصفقات في منطقة الشرق الأوسط تحت عنوان "خطوات جريئة: رهانات كبيرة ونمو أكبر" الذي يستعرض أبرز صفقات الدمج والاستحواذ في الشرق الأوسط خلال عام 2024. وقد أشار التقرير إلى تأثير الاهتمام المتزايد بالإبداع والاستدامة في مختلف القطاعات على نشاط الصفقات في المنطقة. وعلى الرغم من الظروف غير المؤاتية التي تعصف بالعالم حالياً، انخفض عدد الصفقات في الشرق الأوسط انخفاضاً متواضعاً بنسبة 4 % فقط، ليهبط من 493 صفقة في عام 2023 إلى 475 في عام 2024، وهو ما يدل على تفوق أداء منطقة الشرق الأوسط بفارق شاسع على أداء السوق العالمية التي انخفض حجم الصفقات فيها بنسبة 17 %، ويؤكد أيضاً مرونة المنطقة في نشاط الدمج والاستحواذ. وقد ساهمت الصفقات التي جرت على نطاق واسع في قطاعات الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والبنية التحتية في تعزيز الزخم الذي تشهده صفقات الدمج والاستحواذ في المنطقة. وفي هذا السياق، صرح روميل راديا، قائد قسم أسواق الصفقات في بي دبليو سي الشرق الأوسط، قائلاً: "أظهر سوق الدمج والاستحواذ في الشرق الأوسط قدراً ملحوظاً من المرونة والثقة في عام 2024، ما ساهم في دفع الاستثمارات الاستراتيجية في قطاعات الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والبنية التحتية، وقد شهدت المنطقة ارتفاعاً ملحوظاً في الصفقات الكبيرة، ما يعكس جرأة المستثمرين وطموحاتهم التي تهدف إلى تسريع عجلة التنوع في المنطقة، وبناء قدرات جديدة وخبرة استراتيجية لتعزيز القطاعات الرئيسة. وعلى الجانب الآخر، تعمل صناديق الثروة السيادية والمؤسسات في الشرق الأوسط بنشاط على توسيع انتشارها في كل أنحاء العالم، وتضع نفسها على أهبة الاستعداد لتحقيق قفزة أكبر في عام 2025". وقد أشار التقرير إلى أن الموضوعات الرئيسة التي برز نجمها في سوق صفقات الدمج والاستحواذ في المنطقة خلال عام 2024 تتمثل في ما يلي: التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يقودان حملة التجديد في ساحة الأعمال: ساهم استحواذ شركة "بيانات" لحلول التقنيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي على شركة "الياه سات" للاتصالات الفضائية في إطار صفقة بلغت قيمتها 1.5 مليار دولار أميركي في تعزيز ريادتها في سوق التقنية المتقدمة. وعلاوة على ذلك، نجحت شركة الاتصالات القطرية "أوريدو" في تأمين 550 مليون دولار أميركي لتوسيع البنية التحتية للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات من أجل زيادة تعزيز التحول الرقمي في المنطقة. بينما يؤكد "مشروع التفوق" الذي أطلقته المملكة العربية السعودية في إطار مبادرة استثمارية بقيمة 100 مليار دولار أميركي في مجال الذكاء الاصطناعي على التزام المملكة طويل الأمد بالتكنولوجيا المتطورة والابتكار. صناديق الثروة السيادية تواصل تشكيل ملامح النمو الاقتصادي المحلي: تستمر صناديق الثروة السيادية في إعطاء الأولوية للاستثمارات في الشركات والصناعات والمشروعات المحلية، حيث من المرجح أن تزداد الصفقات في القطاعات الحيوية لتحقيق الأهداف الاقتصادية طويلة الأجل في المنطقة. وقد يؤدي ذلك إلى زيادة عدد الصفقات المحلية إذ تتطلع الشركات إلى مواءمة الأولويات الوطنية والأطر التنظيمية التي تدعم التنمية المحلية. التحولات في مجال الطاقة الخضراء تحفز تنفيذ استراتيجيات استثمارية جديدة: يسلط استحواذ شركة مصدر على شركة تيرنا إنيرجي اليونانية مقابل 2.7 مليار دولار الضوء على ريادة الشرق الأوسط في مجال الطاقة المتجددة، ما يعزز التزام المنطقة بالاستدامة. زيادة مشاركة القطاع الخاص تعمل على تعزيز جهود تنويع الموارد الاقتصادية: تشكل مساهمات القطاع الخاص نسبة 53 % من الاستثمارات في قطاع الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية، ما يجسد الجهود التي تبذلها المملكة على طريق تنويع مواردها الاقتصادية. وفي الوقت نفسه، تمثل صفقة الاستثمار التاريخية التي أبرمتها مصر بقيادة أبوظبي القابضة بقيمة 35 مليار دولار أميركي خطوة مهمة في جهود الخصخصة، حيث تجتذب رأس المال الأجنبي وتعزز نمو القطاع الخاص عبر القطاعات الرئيسة. شهدت سوق الأسهم الخاصة العالمية طفرة في الصفقات واسعة النطاق، حيث ارتفعت الصفقات التي تزيد قيمتها على مليار دولار أميركي من 430 في عام 2023 إلى أكثر من 500 في عام 2024، بزيادة قدرها 11 %. وهذا ما يعكس الاتجاه العالمي المتوقع لزيادة المعروض من الأصول في السوق، مدفوعاً بالضغوط المتزايدة على شركات الأسهم الخاصة للخروج من استثماراتها في الشركات ذات المحافظ الناضجة. في الشرق الأوسط، كان هناك ارتفاع طفيف في حجم صفقات الأسهم الخاصة، حيث لعبت الصفقات الواردة دوراً رئيساً في نشاط الأسهم الخاصة، ليصل إجمالي العمليات إلى 108 صفقات. بالإضافة إلى ذلك، في حين سجلت منطقة الشرق الأوسط صفقة واحدة فقط تتجاوز قيمتها مليار دولار أميركي في عام 2023، شهد عام 2024 خمس صفقات من هذا النوع، حيث بلغت أكبرها 3.6 مليارات دولار أميركي، مما يبرز تزايد ثقة المستثمرين في المنطقة. وبحسب التقرير، من المتوقع أن يستمر مشهد صفقات الدمج والاستحواذ في الشرق الأوسط في التوسع، حيث يخطط أكثر من 50 % من الرؤساء التنفيذيين في المنطقة لتنفيذ صفقات استحواذ في غضون السنوات الثلاث المقبلة، ومن المتوقع أن تساهم قطاعات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي والاستدامة في تحفيز إبرام الصفقات، بينما تعمل السعودية والإمارات ومصر على تسريع الخصخصة لجذب استثمارات القطاع الخاص. ومن المتوقع كذلك أن تسهم صفقات الدمج والاستحواذ عبر الحدود وتزايد الاستثمار الأجنبي في إعادة تشكيل ملامح السوق بما يعزز مكانة المنطقة كمركز اقتصادي عالمي.