يمثل الوالدان نواة المجتمع الأسري المبني على قيم وأسس ومبادئ، فإذا صلحت التربية للأبناء صلح الأبناء وأبنائهم، وتواثقت عرى الانتماء للوالدين حبًّا واحتراماً وأجرًا. وإذا فسدت التربية وجدنا نماذج للعقوق ومرضى النفوس ممن لا يجدون سعادة في الإيفاء للوالدين بالحقوق، فتعثرت حياتهم، وضاقت بهم الأرض عسرًا. كل الأيام واللحظات والساعات مرهونة بحبهما وأداء حقوقهما فلا تقصر، اسكب الحب في قلوبهما سكبًا ترتعد له الفرائص وتنتبه له الحواس، ابذل كل ما لديك من سعادة وأكثِر، واسقهما من لطيف الورد كلمات تعبق في النفوس وتجبر. فكل فعل يترجم البر والإحسان قدمه ولا تتوان، وكل ناصية أسكنتها حضنهما أسقطها في كفيهما تواضعاً وودًا، وكل سعادة ملأت الروح بأمانهما اسكبها في أعماق نفوسهما، وكل زللٍ تعثرت به الحروف يوماً قدمه عذراً في جيوب تسامحهما، وكل إحسان نلته بسمو قدمه برًّا متقادم النمو، وكل لقمة هناء أنبتت عودك قدمها في إناء الملوك بفيض جودك، وكل التحافة برد استقر دفئها في ضلوعك أيقظ بها شرارة من الجوف تسكن البرد والخوف.. وإن وجدت للأحلام دربًا عظيمًا، وللمستقبل أرضًا فسيحًا، وللحياة دربًا متسعًا فقد فزت ببركة دعائهما، وبرجًا عاجيًا في برّهما، وذكرًا طيبًا يتردد عند الناس صداه، ويقتفي أثره أبناؤك بانتباه، فكل ما تقدمه بصفاء النوايا تقطف ثمره غضًّا من رب البرايا. وكل لفظ يوزن بميزان الضمير ارسمه بفيض الابتسامة، وقدمه للوالدين عربون وفاء يستقر في النفوس طيفًا لا يغيب مداه، واهطل لهما بالدعوات سحبًا لا تطيق سوى الانهمار ليلاً ونهار، وانزع من النفوس طاقات دعاء ورسائل رحمة لرب السماء وتمتم.. رب ارحمهما حبًّا وثيقًا.. رب ارحمهما برًا سديدًا.. رب ارحمهما طمعًا في رضى رب السماوات.. وإنصافًا منَّا في ترديد التلاوات.