بداية جاء صدى ملعب السياسة الروسية ليترجم المثل القائل "رجعت حليمة بعادتها القديمة". وانطلاقاً من المثل السابق نجد ان هناك اسئلة معينة تظهر في الافق وتلح في الاجابة بسرعة وبعناية. وهذه الاسئلة هي: ما هي اغراض موسكو الجديدة في منطقة الشرق الأوسط؟ ماذا ستعمل موسكو في تحركها في سوريا. لذلك نجد صدى ملعب السياسة الروسية في سوريا انها ارسال رسالة مفادها انها تعيد سياسة الاحلاف العسكرية وان مدخلها عسكرياً في سوريا غير مسبوق منذ انتهاء عصر الحرب الباردة. لكن مخاطر لعبة موسكو في سوريا هي في نظري جنون السياسة الروسية الجديدة. فالتاريخ يخبرنا بان الاتحاد السوفيتي السابق حارب في افغانستان عشر سنوات ولم ينتصر وكان سبباً في ولادة الجماعات الارهابية، كما ان روسيا حاربت في الشيشان سنوات كانت نتيجتها مأساة البوسنة والهرسك.. ان مخاطر لعبة موسكو في سوريا تشير الى نفس النتائج السابقة في تاريخ الاتحاد السوفيتي. لذلك نجد ان رسالة صدى ملعب السياسة الروسية للعالم انها تعكس رؤيتها الضبابية الممزوجة بالمصالح والمطامح والاستعلاء بشأن التدخل في سوريا يفيدنا من تصاريح الروس بأن موسكو تهدف لاعادة سياسة الاحلاف العسكرية في السياسات العالمية. وبشكل عام يمكن القول أن تجديد الاحلاف العسكرية لم يحقق مكاسب لموسكو بل انها خسرت سياسيا في المواجهة الدبلوماسية العربية والدولية. والاخطر ان الدور الروسي في تجديد سياسة الاحلاف العسكرية بدون هدف واضح، حيث مارست موسكو اسلوبها المراوغ ومن ثم فان السياسة الروسية في اعادة الاحلاف العسكرية بأساليبها ومناوراتها ومراوغاتها اصبحت في نظر الكثير من المحللين حول العالم تمثل تخبطاً روسياً سيؤدي الى انتحار الدبلوماسية الروسية في الشرق الاوسط. واذا كان كل نظام عالمي جديد ينشأ على أثر حرب عالمية، او على أثر انهيار نظام كما حدث لتفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي وتبدد سحب الحرب الباردة من سماء العلاقات بين القطبين السابقين (امريكا والاتحاد السوفيتي) فان روسيا الاتحادية ترى فرض توجيهاتها الجديدة بعد الانهيار الكامل للنظام الشيوعي الروسي وبالتالي اعتبرت ان الازمة السورية هي حرباً عالمية جديدة تستلزم تأسيساً جديداً للعلاقات الدولية تبرز صورة روسيا الاتحادية بوجه جديد. وفي ضوء هذه الصورة الجديدة رأت موسكو على الا تدع أية مناسبة تمر دون أن يخرج أحد صقورها ليتباهى بالاتحاد الروسي المتمثل في دفع سوريا نحو الاستقلال. ولكن الذي يزلزل اركان الشرق الاوسط واستقراره يرتبط باليقين بان التاريخ يعيد نفسه لما حدث في عهد الاتحاد السوفيتي وتجاربه في الشيشان وجروزني التي أدت الى قتل الشعب الشيشاني وتشريده، إلا انها لم تحقق مع ذلك هدفها من اخماد الثورة السورية كما فعلت في الشيشان. ان الرسالة التي وردت من صدى ملعب السياسة الروسية تمثل تخبطاً روسيا عكسه امتناع المندوب الرسمي في الاممالمتحدة عن التصويت على ادارة النظام الروسي، مترجماً التخبط الروسي والذي لابد له ان يؤدي الى الاضمحلال بل والانتحار بالمعني الناتج التاريخي للكلمة، وترفض ان الشرق الاوسط اصبح شأناً روسيا خاصاً كما يقول موسكو. وباختصار شديد أقول هل محاولة روسيا اعادة الاحلاف العسكرية في الشرق الاوسط نعمة أم نقمة؟ والجواب بصراحة مطلقة انها جنون السياسة التي رسالتها نقمة شاملة لتحيزها لصالح السيطرة الروسية في اطار ممارسة سياسة الاحلاف التي مازالت تحدث في اطار احالة تدخلها لاعادة توزيع القوة والنفوذ ومعها عادة الحرب الباردة عبر دولة دمشق من جديد.