ما هو دور روسيا في الشرق الأوسط في الوقت الراهن؟ وكيف تود دول المنطقة أن ترى روسيا؟ والشيء الرئيسي: ما هو الدور الذي تستطيع أن تلعبه حاليا من حيث المبدأ أي قوة خارجية في هذه المنطقة المعقدة؟ كانت سياسة موسكو في المنطقة تبدو لوقت طويل موازنة تماما لسياسة واشنطن. كما أن العديد من بلدان الشرق الأوسط ودول الغرب أيضا تنظر حتى الوقت الحاضر إلى أي خطوة تقوم بها روسيا في الشرق الأوسط من هذا المنظار بالذات. أما روسيا فترى نفسها في منطقة الشرق الأوسط، وبالأحرى الشرق الأوسط الموسع ( إذا أضفنا إليه إيران) وسيطا لبقا للجميع وتعلن أن غايتها ليست المواجهة مع أي جهة في المنطقة وإنما تحقيق الاستقرار هناك . وكانت موسكو في بداية التسعينيات تؤدى هذا الدور شكليا، في الغالب ، وأصبحت روسيا عشية انهيار الاتحاد السوفيتي إلى جانب الولاياتالمتحدة راعيا للتسوية العربية الإسرائيلية التي انطلقت في مدريد. إلا أن روسيا لم تول في التسعينيات بحكم الظروف التي كانت تمر بها اهتماما كبيرا للنزاع العربي الإسرائيلي. وكانت كل سياسة روسيا الخارجية موجهة للغرب عمليا، كما كانت رعايتها للتسوية أشبه بمحاولة للحفاظ على مكانتها على الساحة الدولية كدولة متنفذة وليس ما هو في الواقع. وكانت إعادة روسيا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل عام 1991 القضية الملموسة الوحيدة في سياستها في الشرق الأوسط في تلك الفترة. وأخذ الوضع يتغير إبتداء من عام 2000. فقد أعادت روسيا بالتدريج الحوار مع العالم العربي والعلاقات الاقتصادية في الشرق الأوسط التي فقدتها، وأقامت صلات جديدة وبعد بدء الحرب في العراق عام 2003 بدا الأمر وكأن روسيا قد أضاعت شريكها الاقتصادي الهام الوحيد في المنطقة في ذلك الوقت. ولكن تبين فيما بعد أن الأمر ليس كذلك. فقد تعززت مواقع روسيا في المنطقة أكثر. وفي عام 2006 زار الرئيس الروسي المغرب والجزائر. وكانت زيارة الجزائر هامة لا لتطوير العلاقات الثنائية فحسب بل وكان لها صدى قوي على المستوى العالمي نظرا لأن حصة البلدين تصل إلى ما يقارب 40 % من مجمل الاستيراد الأوروبي من الغاز كما قررت الجزائروروسيا «التعاون في مجال تصريف الغاز الطبيعي في البلدان الأخرى». هذا ووقعت الشركة الروسية «غاز بروم» اتفاقية تفاهم مع الشركة الجزائرية «سوناطراك» المنافس الأساسي لها في أوروبا وخلافا للعهد السوفيتي تعززت علاقات موسكو مع دول الخليج العربي وبالأخص مع المملكة العربية السعودية. ويدور الحديث بالمرتبة الأولى حول الحوار السياسي ومع ذلك أخذت تنشأ تدريجيا علاقات اقتصادية تجارية لم تكن ممكنة أبدا في العهد السوفيتي. ومن المحتمل أن يكون التعاون التجاري الاقتصادي بعد زيارة بوتين إلى المنطقة مكثفا أكثر وإذا ذكرنا الشركاء القدماء لروسيا فإن أول ما يتبادر إلى الذهن تنشيط الحوار مع مصر. وأخذت تنشأ علاقات طيبة بين روسيا والأردن وبالمناسبة على مستوى قادة البلدين. وأخيرا تجدد الحوار مع سوريا عام 2005