من المعلوم أن البيئة المحيطة بالشاعر تؤثر تأثيراً جليّاً على نتاجه الأدبي ،والموهبة الشعرية مع المكونات الثقافية الكامنة فيه إذا تم مزجها وتفاعلت إيدولوجياً (فكرياً ، علمياً ، طبيعياً) نتج عنها مايمكن من خلاله دراسة الشاعر نفسياً وبيئياً وإجتماعياً وذلك لإن القصيدة هي (عُصارة) التكوينات الموجودة في شخصيته ، وخير مثال لذلك شعراء المهجر الذين تأثرو بثقافة الشعوب التي امتزجو بها فسطّروا قصائد جميلة ذات طابعين (عرب غربي) . أما الشعراء الذين سأطلق عليهم مجازاً لقب (الشاعر المتغربل ) قامو بصبغ القصيدة بالثقافة الغربية البحتة رغم نشأتهم في بيئة عربية بكامل مقوماتها الجغرافية والإجتماعية ، وقد ظهر جليّاً على كتابتهم الإهتمام بإستيراد الأفكار والكلمات ونظمها وزناً وقافيةً حتى تُصبح قصيدة لاتستقيم الا حين يقرأها هو بنفسه ، فقصائدهم حين تسمعها من المتلقي تجد انها تعاني من الخلل لانها من حيث الوزن (على كفّ عفريت ) وأقل خطأ في نُطق الكلمة بغير الشكل الذي أراده (المتغربل) يُخلّ بالوزن خللاً سماعياً واضحاً . هؤلاء الشعراء قامو بتكثيف موهبتهم الشعرية في تحوير الكلمات والأفكار الحديثة بحيث يُبهرك ويشدّ إنتباهك للفكرة المترجمة بكلمات أشبه ماتكون بالمتقاطعة وبعيدة كل البعد عن الروح الشعرية الوجدانية ذات النطاق الفكري البعيد ، ولو تم عرض هذه القصائد على احد الخبراء سيُجزم بإن (المتغربل) ينتمي لهذا المجتمع ولكنه قد يكون استمدّ إلهامه الشعري من خلال الثقافة الغربية المترجمة وأن وجوده هناك لم يُجاوز فترة الإجازة السنوية له . بقي أن نقول ان التجديد والابتكار في الشعر يُحسب لصاحبه ، وأن الفرق بين هذا وذاك هو شعرة طفيفة ، ولا نُنكر بإن بعض قصائد ( المتغربل) إبداعية وأيضاً لا تخلو أي قصيدة له من بيت إبداعي ولكن كوجهة نظر متواضعة وكقراءة إجمالية لها أقول بإن التكلّف (اللغوي) فيها ومحاولة تسخير الكلمات طغى على روح القصيدة الوجداني والذي يُعتبر العمود الفقري للأدب والشعر، لإنه حلقة الوصل بين بين الكلمة والوصف وحلقة الوصل أيضاً بين القصيدة والمتلقي ، وختاماً أدعوك أيها القاريء الكريم لرسم إبتسامة جميلة فقد قال إيليا أبو ماضي : قلت: ابتسم يكفيك أنك لم تزل حيا ولست من الأحبة معدما قال: الليالي جرعتني علقما قلت: ابتسم و لئن جرعت العلقما فلعل غيرك ان رآك مرنما طرح الكآبة جانبا و ترنما أتراك تغنم بالتبرم درهما أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما