برد ورشات مطر وأراض اخضرت واستبشرت أنفس ضجرة من حر وطول شقاء وسموم أتربة.. شرب الظمأ من أحداقنا وتعالت في الفضاء ضحكاتنا وضجت برغبة الدفء والاحتضان هواتفنا.. وشكوى الوحدة والتهكمات التي تتناسب مع أجوائنا.. وفي وسط الروح علة وفي الجسد سقم واشتعل بالحمى وطن.. طفل.. بالغ.. شيخ كبير وامرأة ثكلى.. وبرد يقرص العظام وينخر النبض.. وحاجة تتوهج في صمم تشبه حاجتنا مالت على طفلها بالجسم تحميه فأدرك البرد حضنا كان يحميه دفء.. يطلبونه ويحتاجون إليه.. دفء غطاء يحتض رجفة أطراف يبللها الدم دفء أمان لا يثيره ضجيج ورقة عانقت خد الأرض.. أكتب اليوم لأمة نعتت بأمة مشاعر.. تفدي فقيدها بسيل من دموع.. وعبارات تلتصق بحالة برامج التواصل الاجتماعي وثورة وقتية تدوم ماتعالت الأصوات وتناقلت الصحف والشاشات الفضية وصمتت.. اختنقت.. تلاشت جرحت الحناجر ووئدت العزة لفظ بصر.. يا أيها المليار .. حبري يحكيك.. يعيبك يتهمك ويحارب تلك الفجوة بين صوتك وقلبك.. بين هويتك وانسلاخك.. يا أيها المليار.. ويزيد.. كم من طفل تجمد.. وأم تنحت خلف الفقدان والأسية وأب يواري عاره عن ذئاب شبعة لكنها نهمة في جبنكم.. لا أصف حالي وإياكم.. لكن أسأل عن تلك الصور التي تناقلتموها وتلك المقاطع التي احتفظتم بها.. أين أنتم من الإنسانية.. حين يصرخ أبكم إن لم أمت برصاصة فسيلتهمني البرد.. نفس الداء الذي تعانون منه وتبحثون عن خليل تشاطرونه الدفء.. ما طلبوا غير غطاء.. يستر عار البقاء تحت أنياب بشر.. وأمة هم في الحسبان عون.. أشاطرهم الوطن والهوية واللسان وأتبرأ من ألمهم.. ودموع ضحاياهم.. فقيد وشهيد وثكلى وطاعن في الشرف أضناه لوم السنون.. يا أمة أين أنتم.. وترددون ياشام الهوى.. أي هوى.. ودثروني رداء لخبث نواياكم وشهقات الموت تجمدت على أطراف ألسنتهم.. لا لقمة ساخنة ولا لحاف آمن ولا بيت.. ووطن على شرف جرح دام. كم من نداء دفنته الرمال.. وكم من دمع تحدق في الدماء.. وكم من كبد انتحر ظمأ.. وأنت تلوذ بفراش وغطاء ووسادة ناعمة ترسم عليها مخططات نزهك بعد أن يتوقف المطر.. لتلهو وتلعب بين ربيع وزهر وعبير نعمة لم تدركها بعد.. وهم لا وطن لهم.. لا ملجأ.. إلا صخرة تقيهم غدر رصاصة وركام للأطلال.. لحنين عز وغدر أمة.. وامعتصماه أشعلت نيران غضب لم تهدأ إلا بعدالنصر والبسوس أربعون عاما من أجل ناقة.. !! لا معتصم ولابسوس ولا حتى وقفة من أجل رضيع قضى عليه الشتاء ولم تعد الأذان صاغية لدقات زير الحرب.. حربنا مع ذواتنا الضعيفة البائسة المتخاذلة.. تلجأ إلينا قاصرة فنشبع رغباتنا ونهدر ماتبقى لها من كرامة.. دثروني اليوم تحاك خلفها الدسائس.. أفيقوا.. قبل أن يأتي يوم نبحث فيه عن أنفسنا فلا نجدها فاليوم تسمع وتقرأ في دراما شام الهوى وحكاياتهم وأنت تتناول كوب قهوتك الساخن وربما لن تجد من يقرأ عن غدا.. وماتت الأم والطفل الذي حضنت فدمعة الشام تبكيها وتبكيه الكاتبة / فاطمة سرحان الزبيدي