استرعى انتباهي في أحد اجتماعاتنا الأسرية تجمع أبنائنا حول هاتف في يد أحدهم وتعالي أصداء ضحكاتهم، التي سرعان ما انتهت بتقليد أحدهم لما شاهده في مقطع الفيديو الذي تجمهروا حوله، أدى المشهد بطريقة تمثيلية هزلية أتقن فيها الأداء الصوتي والتمثيلي بصورة لاقت استحسان رفاقه فتعالت أصواتهم مرة أخرى بالضحك والتعليق على ما شاهدوه من مقاطع تافهة في الفيديو، من باب الفضول طلبنا نحن الأمهات الاطلاع على ما أضحكهم تبرعوا جميعهم بإطلاعنا على مقاطع مختلفة مضحكة ومؤسفة في نفس الوقت، مشاهد ظهر فيها شبابنا بنين وبنات في لقطات بعضها مقبول وبعضها غير مقبول يتسم بالميوعة والإسفاف يؤدي فيها كل منهم حركات مبتذلة لا تتناسب وشخصيته الحقيقية. يفاجأ المتصفح لبرنامج كييك بحجم المقاطع التافهة التي تلاقي استحسان الشباب وقبولهم ويتم تقليدها مباشرةً وتظهر منها نسخ لاحصر لها يتم تداولها بسرعة البرق مثل مقاطع: حلوة ركزوا على ضروسها المفججة، وناسة وناسة خلصنا دراسة، أم الملاقة، اكتشف عاهات في برنامج كييك.المؤسف أن تأثير البرنامج تجاوز المعقول لدى البعض فتراهم يرددون عبارة هاي كييكيرز بمناسبة وبدون مناسبة.برامج التواصل هذه اخترعها أناس في الغرب بهدف توثيق ذكرياتهم من خلال الفيديو ومشاركتها مع أصدقائهم وليس بهدف الاستهزاء والسخرية من أنفسهم ومن بعضهم البعض وجعل أنفسهم أضحوكة للآخرين، المشكلة إننا نستورد كل جديد في التكنولوجيا ونسيء استخدامه ونتداوله ونروج له على أنه هذا هو الاستخدام الصحيح، متجاهلين حتى التفكير في الجوانب الإيجابية لاستخدامه وغير عابئين بها أصلاً، مع أننا لو أحسنا استخدام مثل هذه البرامج ووظفناها التوظيف الجيد قد نتمكن من خلالها معالجة بعض المشكلات الاجتماعية في حياتنا اليومية.فعلى سبيل المثال لو استخدم شبابنا برنامج الكييك في تصوير مشاهد سلوكية إيجابية من واقع حياتهم اليومية تعكس تجاربهم، ابتكاراتهم، أفكارهم، طموحاتهم، بطريقة لطيفة معبرة عندها يكونون قد ساهموا في خلق قدوة حسنة لأقرانهم، هم في أمس الحاجة إليها في وقتنا الحالي دون أن يؤثر انتشارها وتداولها أي تخوف من آثارها وأبعادها السلبية. آمل أن يعي شبابنا الأبعاد الاجتماعية السلبية للاستخدام السيئ لبرامج التواصل الاجتماعي على اختلافها وأن يعملوا على توظيفها بما يخدم مجتمعاتنا النامية فهم أمل الأمة ومستقبلها الواعد.