يبدو أن النهم الاجتماعي لمواقع الإعلام الجديد لدى السعوديين لم يتوقف، إذ بعد العاصفة التي أثارها موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» الذي اقتحمه السعوديون وسجلوا حضوراً لافتاً خلال العامين الماضيين، انفتحت شهيتهم مرة أخرى لمنتج آخر من أدوات الإعلام الجديد، ولكن هذه المرة مع التدوين المرئي وعبر موقع «keek» المولود الحديث في عالم الشبكات الاجتماعية، فبعد أن عبّر الناس عن آرائهم في «تويتر»، وتشاركوا صورهم في «انستغرام» ونشاطاتهم في «فيسبوك»، ومواقعهم في «فورسكوير»، أخذوا يعرضون تفاصيل من حياتهم اليومية مصورة بفيديو لا تتجاوز مدته 36 ثانية، ولعل هذا التحديد في مقدار الوقت المسموح به في هذا البرنامج هو السرّ في انتشاره وسهولة تداوله، تيمناً ب140 حرفا في تويتر التي أسهمت في شعبيته. لم يُتم «كييك» عامه الأول حتى وضع في رصيده ما يقرب من مليوني مشترك، أكثر من 35 في المئة منهم سعوديون، الأمر عزاه البعض إلى غياب وسائل الترفيه المعتادة، وأوقات الفراغ التي يعيشها كثير من المراهقين. فيما رأى آخرون أن السبب الرئيس في انتشار مثل هكذا برامج هو الرغبة في استكشاف الآخر والفضول في معرفة ما لدى الآخرين، وما يمرون عليه من أحداث ومواقف، إذ إن كثيراً من المقاطع المرئية التي تحوي نوعًا معينًا من الإثارة في العرف الاجتماعي هي أمر اعتيادي في الدول الأخرى، الأمر الذي يدفع كثيراً من المراهقين في البلدان المحافظة إلى تناقلها على أنها ذات أهمية خاصة. وفي السياق نفسه، دفع دخول الكثير من المشاهير إلى عالم «كييك» إلى زيادة عدد المشتركين، لمتابعة ما يبثه هؤلاء من مقاطع، فقد كان من أبرز المشتركين الداعية سلمان العودة والطبيب النفسي طارق الحبيب، وكذلك دخول نجوم «يوتيوب» الذين اشتهروا بانتاج سلسلة حلقات تناقش الموضوعات الاجتماعية من أمثال بدر صالح، الذي تجاوز متابعوه في الموقع الجديد « 88 ألفاً، وكذلك مقدم برنامج «على الطاير» في «يوتيوب» عمر حسين إذ يصل عدد متابعيه إلى 60 ألفاً، ومن اللافت أيضاً دخول أسماء جديدة إلى قائمة الأكثر متابعة على الشبكات الاجتماعية مثل الطالبة المبتعثة لجين الهذلول التي تعتبر أكثر السعوديين متابعة على موقع «keek» بأكثر من 150ألفاً. وأمام هذا الزخم الكبير من المقاطع المرئية على هذا الموقع، برزت آراء عدة تنتقد استخدام بعض الأشخاص للموقع، خصوصاً تلك التي حملت مشاهد راقصة أو عبارات مسيئة من الجنسين، التي أثارت حفيظة شرائح مختلفة من المجتمع. وهو الأمر الذي دفع ببعض المغردين في تويتر إلى شن هجوم كاسح على تلك الممارسات في «keek»، وقال عدد منهم إن تلك المقاطع السيئة تسيء إلى صورة السعودية، فيما رأى آخرون أن ما يفعله بعض الشباب في الموقع لا يعد كونه متنفساً وانعكاساً لحالة كبت وفراغ لدى مثل هؤلاء. وفي هذا الشأن، يقول الكاتب والمتخصص في الإعلام الجديد عبدالعزيز اليوسف، «إن المشكلة لم تكن دوماً في الوسيلة وإنما في المحتوى وطبيعة ونوع وغرض الاستخدام، وشبكة «keek» كإحدى وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة، التي بُنيت على منصات الأجهزة الذكية على فكرة لم تختلف في بنائها البرمجي أو التخطيطي عن بعض الوسائل الأخرى ك«تويتر» في النصوص و«انستغرام» في الصور، فهي أتت بالفيديو بديلاً ومتغيراً جديداً، وكانت فكرتها تقوم على تقديم استشارات آنية في عدد من الموضوعات، تسجل حية لعدد من الثواني ثم ترسل ليتم التعليق عليها». وتابع: «حين وصل استخدامها للمنطقة العربية، استخدمت بشكل خرجت عما خطط لها، فقلب محتواها إلى تسجيلات منوعة وتسجيل مواقف طريفة أو محرجة أو نقل مشاهد مؤلمة، وهذا مؤشر على أن استخدامنا له أخذ منحى مختلفاً جداً، مما جعل محتواها المشوّه هو المشكلة». وأضاف: «من هنا كان أسلوب استخدامنا وغرضنا من «keek» إشكالاً أساء للمنتج، وهذا الأمر ينطبق على كل منتج جديد يصل إلينا، حين حوّلنا مساره للسيئ في كثير من الأحيان، لذا فنحن غالباً لا نملك ثقافة استخدام الوسيلة في شكل مناسب وإداراتها فكانت الآثار والعيوب كثيرة». وأشار اليوسف إلى أنه في «مقابل الطرح السلبي، نجد من أبدع في استخدام شبكة «keek» فعلاً، واستطاع استخدامها بما يعود بالفائدة على متابعيها، فهناك المهتمة بالمكياج والتي تشارك متابيعها بدروس في هذا المجال، وكذلك محترف التصوير الذي أبدع في تنمية مهارات متابعيه من خلال إرشادات مرئية للتعامل الأمثل مع العدسة».