عندما تزور موقع keek.com لأول مرة؛ لن تجد فيه شيئاً مغرياً للمكوث، فالموقع لا يختلف كثيراً عن موقع "يوتيوب" الذي يتشارك الناس عبره الفيديوهات، إلا أن المدة المسموح بها في موقع "كييك" لكل فيديو محدودة ب 36 ثانية فقط، وهذه أهم خاصية فيه، قد تبدو هذه الخاصية عيباً، لكن.. أليس هذا ما قلناه بادئ الأمر في الأيام الأولى لموسم الهجرة من فيسبوك إلى تويتر؟!. اليوم أخذ الموقع يتنامى بشكل كبير، وبدأت مقاطع الفيديو تنتشر بشكل فيروسي، وانضم مؤخراً آلاف العرب إلى الموقع، كان في مقدمتهم السعوديون؛ الذين استطاع ثلاثة منهم في أقل من 100 يوم من تسجيلهم فيه، أن يدخلوا قائمة ال 100 مستخدم الأكثر شعبيةً على مستوى العالم!.
جاءت تسمية الموقع من الكلمة الإنجليزية القديمة kiken، والتي تعني "شاهد"، وانطلق الموقع من مدينة تورنتو، بولاية أونتاريو الكندية على يد مؤسسه والمدير التنفيذي Isaac Raichyk.
عن أصل فكرة الموقع يقول الرجل إن الكلمات لا تفي بالغرض حين تريد أن تروي للناس قصة، فمن الضروري أن تجعل الناس تعيش لحظات تلك القصة كما لو كانت حاضرة فيها، وبعبارة أخرى يقول: "نهدف إلى جعل المجتمعات ترى بعضها معاينةً".
أما البنية التحتية للموقع فيصفها بأنها "تتحدث عن نفسها بنفسها"، فهي "سلسة وماتعة"، وأما عن التمويل فيذكر مؤسس الموقع أنه بدأ بجهود خاصة تمثلت في تمويل شخصي إضافة إلى مساعدات عائلية، وما إن أصبحت الرؤية الإستراتيجية متكاملة حتى تم تقديم دراسة جدوى إلى عدد من الممولين المخاطرين، ليبدأ استقبال الجزء الأول من تمويل المشروع وقدره 5.5 ملايين دولار، وتلاه تمويل آخر في ستمبر 2012 قدره 7 ملايين دولار.
كيك أم كييك؟ أم.. كيكة؟! مع أن الموقع بدأ في وقت مبكر من العام 2012 (شهر مارس)، إلا أنه لم يلق النجاح سريع النمو إلا في الربع الأخير من العام 2012، وأكثر عربياً في ديسمبر، الشهر الذي أخذ فيه "هوامير" تويتر ينشرون فيديوهاتهم فيه.
وربما يكون فيصل السيف، الإعلامي السعودي المتخصص في البرامج التقنية، هو أول سعودي يسجل في موقع "كييك" وينشر فيه فيديو، فأول فيديو رفعه إلى الموقع جاوز عمره ال 90 يوماً، فيما لم تجاوز فيديوات غيره عمر ال 60 يوماً.
أحد أبرز النقاشات المتداولة في الموقع هي طريقة نطق وتعريب اسم الموقع، إلا أن الأمر حُسم عبر تويتر، وبات الاسم "كييك" -بيائين اثنين- هو المعتمد لدى غالب مستخدمي الموقع، فهذه الكلمة هي الهاشتاق الأكثر انتشاراً بين المستخدمين العرب.
وتبقى البصمة العربية حاضرة في التعامل مع الموقع، فكثير من المستخدمين يفضلون تعريب الكلمة الإنجليزية keek إلى "كيكة"، في حالة بديعة من التعريب اليسير والمتفق عليه رغم الاختلاف في المعنيين.
السعوديون في كييك.. يشبه الحضور السعودي في كييك نظيره في تويتر، فالسعوديون -خصوصاً نجوم يوتيوب- يحظون بجماهيرية عالية فيه مقارنة ببياقي العرب المنظمين للموقع، فلم يكن غريباً أن يدخل كل من عمر حسين وفراس بقنة ضمن قائمة ال 100 الأكثر جماهيريةً في كييك حول العالم، ويسبقهما نجم كييك عبدالله بن عبدالعزيز الذي يرمز لاسمه في كييك اختصاراً ب (ttaz)، ويشارك متابعوه فيديوهات يناقش فيها بعض القضايا الاجتماعية بقالب ساخر لقي قبولاً كبيراً عند بعض المتابعين واستهجاناً عند آخرين.
عينة من فيديوات سعودية لاقت انتشاراً واسعاً في كييك
إلى أين يا كييك؟ تبدو الأرقام مبشرةً بمستقبل واعد لشبكة "كييك"، فخلال 30 يوماً، خلال الفترة من 17 أغسطس إلى 17 سبتمبر– انضم مليونا مسجل جديد إلى الموقع، الذي بات يستقبل أكثر من 60 ألف فيديو يومياً، وبحسب بيان صحافي نشره موقع كييك فإن مجموع الزيارات بلغت حتى نهاية أغسطس 250 مليون مشاهدة 21 مليوناً منها في شهر أغسطس فقط! ولا شك أن الإقبال على فيديوهات هذه الشبكة سيقلص من الإقبال على فيديوهات يوتيوب.
الناشط الاجتماعي في الشبكات الاجتماعية، فراس بقنة، الذي اشتهر بعدد من برامج يوتيوب قدمها في السنوات الأخيرة، قال ل"سبق" إن سبب وجوده في كييك هو مواكبة الموجة والتواصل بشكل أفضل مع الأصدقاء، فمن خلاله "يمكنني نقل الصورة الحقيقية عن يومياتي التي أعيشها مع أهلي وأصدقائي"، مشيراً إلى أنها شبكة "تلبي رغبة، وليست حاجة، في نفوس الكثيرين، حيث أشعرت الكثير بأن مسألة المشاركة الفيديوية أبسط بكثير مما هو متوقع، بخلاف اليوتيوب".
خالد خلاوي، ناشط آخر، يقول: "بالنسبة لي أراه شيئاً مجدياً في ظل كونه تطبيقاً سهل التداول، فهو أسهل من يوتيوب، لكن استعماله في غير التوثيق الاجتماعي والمزحات السريعة لن يكون فعالاً بسبب قصر المدة الشديد، حاولت استعماله في نصوص أدبية قصيرة وتدوينات مرئية مبسطة فلم أفلح".
أما عمار محمد، وهو مدرب وخبير بالإعلام الجديد، فقال: "إن قوة كييك تكمن في سرعة نقل المادة المصورة وبمدة زمنية تصويرية قصيرة، مما يعني عدم عرض مواد بالتفصيل كما في المواقع الأخرى"، وعن مدى جدوى استخدام الموقع في العالم العربي قال: "إننا نحتاج إلى الإدراك بالمشاركة، وإلى من ينقل حياته عبر الموقع معتبراً أن كل مشاركة بمثابة تمثيل لجزء من مجتمعنا".
هي موجة إذن أشبه بتلك التي داهمت مستخدمي الإنترنت في بداية نشأة مفهوم التواصل الاجتماعي، يصعب الحكم على نجاحها من فشله في السنة الأولى لانطلاقها، لكن التنامي في عدد المستخدمين وعدد الزيارات والضخ في التمويل تبشر بأرقام مليارية قادمة في مستقبل الشبكة تذكرنا بصفقة استحواذ جوجل على يوتيوب في أواخر 2006 ب 1.65 مليار دولار، وبعيداً عن الجانب المالي، يبقى التأثير الاجتماعي والثقافي والسياسي للشبكة هو الأهم والأحرى بالتأمل فيه، وفيما يمكن أن يقود إليها من تداعيات.