وهل حقا حياتنا هذه التي نحياها كلها نكد ومسغبة ونحن نعيش معها منذ (الولادة) بل وأثناء حمله (حمل الولادة) ونحن نتململ ونصرخ ونقول بصوت خافت وأحياناً بصوت عال نقول: آه آه ,الخ نهاية التوهان التي تصطرح بها نفوسنا.وشاعرنا الحكيم قالها وبصوت مرتفع وأنين موجع "تعب كلها الحياة فما أعجب إلا من راغب في ازدياد" وهل حقاً أن الإنسان يرغب بجلد الذات أم أن الذات هي مرجومة منذ الأزل أقصد منذ النطفة الأولى ونحن نصرخ ونتمطى ونرفس يميناً وشمالاً.ذلك لأن الإنسان دوماً يطمح لأن يكون شيئاً مذكورا, فهو يرغب في أن يكون ذا ثروة عالية وصاحب جاه مكين, تحفه الرغبة في الازدياد ومنها الصحة, ومنها الشباب, ومنها الغنى المادي, ومنها, منها الخ, الخ الملهيات. والملهيات في حياتنا كثيرة, والأماني والتطلعات الهادفة واللا هادفة, وبعضها معقول ومقبول بل ومستحبة لطبيعة البشر الذين يرغبون في أن يكونوا في المقدمة جاهاً ومالاً وأناس يشار لهم بالبنان.ونحن أولاً نعرف أن حياتنا هذه ليست كلها غنى مادي أو بذخ مبهر وهي أيضاً ليست كلها ضنى ولوعة وليست كلها أماني وتخيلات, لأن الحياة مطلوب من صاحبها أن يكون إنساناً فاعلاً, إنساناً بمعنى الكلمة صدق في المعتقد, وصدقاً في التصرف وصدقاً في كل حركة أو همسة فاعلة أو تخيلات لا معنى لها.وحياتنا هذه كما تفهمون ليست كلها سمن على عسل بل هي مشقة ومعاناة.وحياتنا هذه ليست على نمط الشقاء الأبدي بل هي معاناة وصبر وكفاح ونضال وسهر على الألم الذي يعتور بعض النفوس.لكنها تضحيات وأماني وتخيلات على الدوام فعلينا نحن المتعبين أن نتحمل ونتجمل بالصبر والحكمة وحكمة الله فوق كل حكمة ومشيئته فوق كل مشيئة.وكما هي ارادة الله يسير الأمور جل شأنه ومنها الشقي والسعيد, فأما الشقي فهو الذي لا يتحمل ويكون يائساً قانطاً متضجراً دون أن يعرف أن لكل نهاية بداية قد تكون غير مدروسة وغير مفهومة وغير منضبطة. ومنها السعيد الذي يرجو من الله أن يرحمه برحمته ويسدد خطاه نحو الأصلح والأنفع وأن يكافئه خالق الحياة بما هو أهله, من حياة كريمة وسعادة تقية ونقية وبعدها وقبلها يقولها بصوت جهوري, يا أمان الخائفين وحسبنا الله ونعم الوكيل. جدة 16225