سمر المقرن - الجزيرة السعودية أبلغني السائق عن رغبته بقضاء الإجازة الصيفية في بلده، لا أخفيكم أن هذا البلاغ جاء بمثابة «المرزبة» التي هبطت فوق رأسي، فمعنى أن السائق يسافر يعني أن كل حياتنا ستتعطل. فكرت لو تم السماح جزئيا بقيادة المرأة للسيارة، مثلا أذهب إلى إدارة المرور وآخذ تصريحا لمدة شهرين بالقيادة. منها أني سأضمن عدم دخول رجل من الشارع إلى بيتي لوظيفة سائق مؤقت قد يكون مجرما أو هاربا أو مريضا نفسيا، ومنها لن أخاف على أبنائي عند خروجهم، وفيها توفير اقتصادي. أقول هذا وأنا أفكر معكم بصوت عال في محاولة مني للمساهمة في طرح حلول للبدء التدريجي بإلغاء حظر القيادة عن المرأة. لقد مللنا الحياة تحت رحمة السائق، فما من امرأة في وطني إلا وتعاني من مشكلة السائق. أنا شخصيا في معاناة لا تنتهي، ومثلي كثيرات. ونحن من الفئة القادرة على استقدام سائق، فكيف بتلك الفئة المقهورة من النساء اللاتي «يتمرمطن» خلف سيارات الأجرة وما أدراك ما سيارات الأجرة؟ كل هذا يؤكد على أن المرأة تعيش في خطر يومي ما بين التحرش والإيذاء وقد تتعرض للعنف بسبب من لا يُقدر احتياجاتها وحقها الأساسي في التنقل وممارسة دورها كإنسان كامل الأهلية. بصراحة، لو طرحت عليكم هذا السؤال: ما هي ثاني أكثر قضية تداولها المجتمع السعودي بعد قضية الأسهم؟ الإرهاب، ساهر، الغلاء، درجات الحرارة، قيادة المرأة للسيارة..الخ. أعتقد أن جميع هذه القضايا وغيرها ما عدا «واحدة» يصل أثرها لجميع أفراد المجتمع، وجود فئة مستفيدة وإن كانت قليلة كقضية الأسهم أو الغلاء بسبب أطماع بعضهم، عدا قضية قيادة المرأة للسيارة التي فيها متضررون وليس هناك مستفيدون. فقط هناك فئة -قليلة- متحجرة لا تُقدر معاناة البشر، ولا تستند على أي أسس دينية، وأستبعد كذلك استنادها على أعراف اجتماعية، لكون مجتمعنا متعدد الأطياف، والكثيرون يرغبون في منح المرأة في حقها بالقيادة. فأنا وغيري ممن سنحت لهن فرصة السفر تعلمن القيادة وشاركنا رجالنا في تحمل أعباء الحياة، كنت في الخارج أقود سيارتي وأذهب إلى السوبر ماركت، وآخذ أطفالي إلى الروضة، كنت إنسانا كاملاً، فلم أُحرم من كامل إنسانيتي في وطني؟ مللنا من كثرة الحديث في هذا الموضوع، حتى إن بعضهم استهلك هذه القضية عن قصد لتُروج خارجيا للي الأعناق عن قضايا نسائية أهم، حتى أضحت قضية ممجوجة مملة لم نعد نستطيع أن نضيف لها شيئا. حتى مع الأحداث الأخيرة وخبر القبض على سائقة الخبر منال الشريف، ورغم اعتراضي على التوقيت مع الأحداث السياسية الراهنة وتقديري لتأكيدات قيادات هذه البلاد على أن قيادة المرأة حق يقرره المجتمع. لكن في النهاية لم يعد هناك متسع من الوقت للانتظار.