إنّ الصحف إذا لم تحظ بالمصداقية عبر الأمانة في نقل الخبر والتصريح وعرض المقال كما كتبه صاحبه، فإنها تعرض سمعتها للخطر، وقد يكون الخطر آتياً من عثرات بعض العاملين في الصحف، ممن يركنون للراحة ولايكلفون أنفسهم عناء العمل الجاد للحصول على المعلومة الصحيحة ونقلها للقارئ بأمانة، فالمخبر الصحفي الذي يقلب الأوراق ليجد شيئا قديما ذكر عن من ينسب إليه تصريحا لأنه عين مثلاً في منصب جديد، إنما يعرض صحيفته لعدم الثقة بها لأنه افتيات على هذه الشخصية بنسبة معلومات لها لم تصرح بها. كذلك الذي يذكر خبراً عن حادث وقع قبل زمن طويل وكأنه قد حدث اليوم، ليسد فراغاً في صحفة كلف بتحريرها، دون أن يكلف نفسه بالبحث خارج مكاتب الجريدة عن أخبار عما يحدث في البلد، بل يريد أن يمدها بأخبار مفبركة، وهو يجلس في مكتبه يستمتع بالهواء في غرفة مكيفة، ومثله لايصلح للعمل الصحفي اصلاً، لأنه قد بدأ خطوته الأولى في ميدانها بكارثة، وكان الواجب أن تلفظه ساحة الصحافة لا أن تستبقيه في دائرتها، ومن هذا اللون ان تجد مندوبا لجريدة في جدة مثلا ، لايغادرها أبداً ، وتجد له أخباراً تحت اسمه لحوادث تقع أقصى البلاد ، وكثيراً ما تكتشف أنها زائفة إذا تتبعتها بدقة، كذلك هذا الشاب الملتحق بالعمل الصحفي تواً يتصيد ما ترسله ادارات العلاقات العامة في الوزارات والمؤسسات حكومية وأهلية بالفاكس للصحف عن أخبارها وما يتخذ فيها من قرارات، ثم ينشر بعضه على أنه خبر حصل عليه بجهده، مزيفا للحقيقة غير واع عما يحدثه هذا لصحيفته من ضرر، بل لقد واتت الجرأة بعض محرري الصحف أن يعود لكتب ومحاضرات وأخبار في الصحف عن شخصية عامة مشهورة، فيصوغ منها حوارا معها، ويدعي أنه أجراه مع تلك الشخصية ، مما اضطرها أن ترسل تكذيبا لصحيفته، نافية أن يكون محررها قد أجرى معها تحقيقا، أو أنها تعرفه أصلاً. وتقرأ أحيانا مقالاً لكاتب تتابعه، فتذكر له بعض ما تؤخذ عليه في هذا المقال، ويفاجئك انه لم يكتب هذا، وإنه من عبارات اقحمت في مقاله لم يكتبها، بعد أن حذفت منه عبارات أخرى، وتقرأ لآخر مقالاً مهلهلاً لاترابط بين أفكاره ولاعباراته، وانت تعرفه كاتباً جيداً ، فيذكر لك أن المحرر تصرف في مقالته، ألغى واضاف، لأنه أراد أن يكون المقال مقبولاً من وجهة نظره، والصور للعبث الصحفي في زمن غابت عنه الجدية كثيرة لاحصر لها، وتعجب كيف تبغى صحف تجري فيها مثل هذه التصرفات وتبقى فيها ثقة، ولاتكون قد مهدت الطريق لاعلان فشلها، وجدير بمثلها أن تختفي من ساحة الاعلام سريعا فهلا انتبهت صحفنا لمثل هذا هو ما أرجوه والله ولي التوفيق.. ص.ب 35485 جدة 21488 فاكس: 6407043 [email protected]