أظن أن من البديهيات في أيامنا هذه ان النقد الصحفي الموجه لما يقع من خلل او اخطاء في أداء الاجهزة الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص والذي يقصد به كشف ألوان من القصور تنبه عليها الصحف ليتداركها المسؤولن عن هذه القطاعات، هو في واقعه وفي الأعم الأغلب نقد مستأنس الى حد بعيد، تترفق الصحف في ما تريد أن يصل الى هؤلاء المسؤولين بعبارة رقيقة لا تجرح، من نحو لو كان هذا الأمر يقع لكان خطأ يجب علاجه، وهذا الخطأ غير المقصود يجب اصلاحه، وكل هذا خشية ان يثير النقد عن المسؤول حساسية من اي نوع، وحتى لا تكون ردة فعله تكذيبا مباشرا مع عبارات قاسية تتردد باستمرار عند ظهور اي نقد، من لون أما كان الأجدر بالصحفي او الكاتب ان يتحرى الحقيقة، وأن يرجع الى الجهة المسؤولة التي تمتلك المعلومات عن ما كتب، رغم أن الكاتب والمحرر قد بذلا أقصى طاقتهما لتحري الحقيقة وجمع المعلومات من أوثق مصادرها . . ولكنهما ان ارادا ان يعرضا ما لديهما من معلومات فلن يجدا لدى الجهة الرسمية اي تجاوب وكأن الأمر لا يعنيها، وهذه هي العادة التي تتكرر دوما، بل بعض الصحفيين والكتاب لا يستطيعون الوصول الى تلك الجهات اصلا، فالمعلومات عن كثير مما تقوم به الجهات الحكومية او المؤسسات الأهلية شحيحة، ولا تعطي لأحد إلا إدا كان هذا الأمر بصفة خاصة، وهي بهذه الصفة يمكن لمصدرها إذا اعلنت أن ينكر ان تكون صادرة عنه، ما دام الصحفي او الكاتب لا يمكنه ان يوثقها خطيا ولو ذهب الصحفي ليحصل على المعلومات عن مشروع ينفذ مثلا . . متى ينتهي وما هي تكلفته وماهي الدراسات التي اوجبت الشروع فيه وليسأل عن ما يلمسه الناس من التباطؤ في التنفيذ او ليستفسر عن ما أوقف العمل فيه مدة طويلة، فلن يجد على اسئلته اجابات مهما حاول الحصول عليها، فإذا كتب بعد ذلك عن مرئياته بادرت الجهة المسؤولة الى تكذيبه وزعمت ان معلوماته غير صحيحة، ولو كان ما يقول واقع حال يلمسه الجميع، مما يجعل النقد الصحفي عبر صحفنا نادرا ومع كل هذا فالشكوى مما توجهه الصحف من نقد الى هذه الاجهزة والمؤسسات هو السائد، ولعل هذا يعود الى امرين : الأول اننا مجتمع لم يستوعب بعد مهمة الصحف الرقابية على سائر الأنشطة في هذا المجتمع، والثاني : أننا لا نؤمن بأن النقد هو الوسيلة المثلى لاكتشاف الاخطاء ومن ثم لإصلاحها وتطوير الحياة، ولهذا فالنقد يزعجنا، وهو غير مرغوب فيه عندنا، لأن مجتمعنا يميل الى السكون، فليس في الامكان سادتي ابدع مما كان، فمتي ندرك ان للنقد مهمة انسانية تؤدي الى الاصلاح، ارجو ان يكون ذلك قريبا والله ولي التوفيق . ص . ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043 alshareef- a2.. 5@ yahoo. com