استمرت تداعياتُ المفاجأة السعودية بعد أن أطلقت "عاصفة الحزم"؛ لتضع حدًّا للتسرب الحوثي في اليمن واقتراب الميليشيات الحوثية من الحدود الجنوبية للمملكة. تدمير البنية العسكرية للحوثيين ونجحت القوات المسلحة السعودية على الصعيد العسكري في تدمير البنية العسكرية للميليشيات الحوثية، وغيَّرت المعادلة العسكرية على الأرض، كما أعطت مساحةً أكبر للقبائل السُّنية في اليمن للعمل العسكري ضد ميليشيات الحوثي. ويشير الوضع الحالي والموازنات العسكرية القائمة في عملية "عاصفة الحزم" إلى أن إيران لن تتدخل رسمياً في تلك الحرب، وإلا سيكون "انتحاراً سياسياً" من نظامها الذي يسيطر على السلطة في أعقاب الثورة عام 1979. ووفقاً لميزان العتاد والقدرات العسكرية في عملية عاصفة الحزم فإن إيران لن تتمكن من الصمود أمام القوات المتحالفة المشاركة في العملية؛ لأن الطاقة الإيرانية العسكرية على المواجهة ستكون أضعف كثيراً جداً أمام قوات تحالف مكون من 16 دولة، فضلاً عن أهمية المظلة السياسية والدولية التي منحتها أمريكا وبريطانيا للعملية، مما يعني أن خيارات إيران محدودة للغاية ولا حل لها إلا بإعادة الحوثيين إلى طاولة الحوار. تصاعد الرفض للمشروع "الصفوي" لكن المفارقة أن آثار عملية "عاصفة الحزم" لم تقتصر جغرافياً على اليمن فقط، بل تزامنت مع تصعيد المقاومة الأحوازية ضد الاحتلال الإيراني في الأحواز العربية المحتلة، ونجاح ثوار سوريا في تحرير مدينة إدلب، وتصاعد الرفض الشعبي في دول عربية وأفريقية ضد المشروع الصفوي ومحاولة اختراق النسيج الاجتماعي للمجتمع السني في هذه الدولة. المملكة تقلب الطاولة على إيران النتائج العسكرية لعاصفة الحزم لا يمكن اختصارها ولا عرضها في عُجالة، لأن الحملة مستمرة، لكن النتائج السياسية حتى لعاصفة الحزم هي المفاجأة لجميع المتابعين للشأن الخليجي. فبعد أقل من 72 ساعة من انطلاق عاصفة الحزم بدأت عواصمُ إقليمية وعالمية في إعادة الحسابات وكتابة أجندتها من جديد حول السياسية السعودية في العهد الجديد، فلم تعد إيران وحدها هي اللاعب عسكرياً على الأرض في المساحة من اليمن للعراق، بل ظهر أن اللاعب السعودي أصدق فعلاً وأقرب تأثيراً إذا قرر أن يأخذ بزمام المبادرة. وبعد أن كان الحوثيون يرفضون الحديث عن أي تسوية سياسية، لجأ الحوثيون لمسؤولين إيرانيين لطلب التوصل لحل سياسي في الأزمة اليمنية. أما أكبر الدلالات السياسية لعملية عاصفة الحزم هي أن المملكة أعلنت عملياً وبدون شعارات ولا مزايدات أنها ستأخذ على محمَل الجد أي تهديد لأمنها القومي وسلامة ووحدة أراضيها بدون انتظار الضوء الأخضر من أحد. كما أعادت "عاصفة الحزم" ترتيب البيت الخليجي من جديد، وأظهرت وحدة القرار الخليجي في مواجهة التحديات الخارجية، وقدرة الدول الخليجية على العمل حتى مع تحفُّظ أحد أعضائها على قرار أو تحرك سياسي أو عسكري، فلم يمنع تحفظ عُمان على العمل العسكري من تحرك باقي الدول الخليجية في اتجاه الحسم مع الحوثيين على الأرض.