لم يكن تحالف الحركة المتمردة الحوثية مع النظام الإيراني الطائفي وليد اليوم، حيث تم نسج هذا التحالف التآمري الخبيث ضد اليمن والأمة العربية منذ عقود بمكر حتى تم الوصول إلى 21 سبتمبر وهو اليوم الذي سيطرت فيه الحركة على صنعاء، بعد أن خرجت ميليشيات الحوثي لتنفيذ الخطة التآمرية الإيرانية من مران إلى عمران وحدثت خيانة اللواء العسكري التابع لعلي عبدالله صالح في عمران ودعم الحوثي وهو الأمر الذي مكن الحركة الحوثية من احتلال صنعاء بدعم من عناصر الباسيج والحرس الثوري وميليشيات حزب الله المتواجدين في صعدة والذين كانوا يديرون المعركة التآمرية ضد الشعب اليمني، حيث وضعت الحركة الحوثية الرئيس الشرعي هادي رهن الإقامة الجبرية وأطلقت انقلابها على الشرعية وإعلانها الدستوري معلنة تسليم صنعاء لملالي قم لكي تكتمل عناصر المؤامرة البغيضة للنظام الإيراني، ولكن عاصفة الحزم التي قادتها المملكة كسرت ظهر الحوثي ودعمت الشرعية اليمنية وألجمت ملالي قم ومنعتها من تحويل اليمن إلى عراق وسوريا جديدين.. في هذه الحلقة سنتحدث عن طبيعة التآمر الإيراني من خلال عملائه الحوثيين وحزب الله في صعدة وتحويلها لقاعدة عسكرية للحوثي للسيطرة على مقدرات اليمن وإنهاك الدولة اليمنية الشرعية وتدمير مقوماتها والعودة باليمن إلى العهد البائد الذي لا يؤمن بالتسامح والتعايش ويعيش على زرع الفتن والصراعات الدموية.. لقد ركز المخطط الإيراني التآمري على تحويل صعدة إلى ضاحية شمالية أسوة بالضاحية الجنوبية للبنان، وتحويلها لدويلة تابعة لإيران، حيث بدأت الجماعة الحوثية مخططاتها المبيتة عبر التصفية واغتيالات وتدمير للمنازل والمزارع والمنشآت لمن يختلف معهم في صعدة وكل من يرفض تأييدهم في أعمالهم الهمجية البربرية الفاضحة ضد أبناء صعدة. ويقول وزير الخارجية اليمني رياض ياسين إن مطامع الحوثي في صعدة تعبر عن أحلامه بالتفرد بمحافظة صعدة وإقصاء كافة المعارضين له في الرأي والفكر التي ظهرت منذ سنوات، موضحا بأن الحوثي نفذ مخططا مرحليا يهدف للسيطرة على اليمن بعد أن كان قد حددت معالم هذ المخطط في عام 2005م مدعوما من عناصر الباسيج الإيراني من خلال زيارتهم السرية المتكررة لصعدة. وبدأ الحوثي بحشد أتباعه منذ عام 2005م من خلال شعاراته التآمرية ضد اليمن تارة وتارة أخرى تحت تهديد السلاح وبزعم أنه يواجه الجماعات الإرهابية. وجاءت سيطرة الحوثي على دماج السنية بعد زرع مخابراته فيها وتنفيذ خطة اغتيالات في أوساط مشايخ قبائل دماج ومضايقة أبنائها وتدمير مساجدها وارتكاب مجازر جماعية بحق سكانها. تآمر السفير الإيراني في صنعاء وتشير مصادر يمنية أمنية موثوقة إلى أن السفير الإيراني في اليمن قدم إلى محافظة صعدة في ثمانينيات القرن الماضي دون حراسة أمنية وكانت حراسته الوحيدة هي الميليشيات الحوثية وأقيمت له احتفائية، وقال في حينه إن «الخميني يقرأ السلام عليكم». وكانت هي البداية الأولى والبذرة الرئيسية لتأسيس التنظيم المتمرد بشكل سري ميليشياتي طائفي على غرار حزب الله وبدعم وتأييد من الباسيج الإيراني. وبحسب وزير الخارجية اليمني فلقد اعتمد الحوثيون نفس تكتيكات حزب الله في التنظيم والتدريب والتسليح إضافة إلى التواصل المستمر مع حزب الله وإيران اللذين يقدمان لهما العون عبر الخبراء العسكريين خاصة أن الحوثي وعلى مدى السنوات الماضية أرسل المئات من ميليشياته إلى الجنوب اللبناني وقم لتلقي التدريبات العسكرية والتشرب من المذهب الشيعي واستيعاب الخطط التآمرية للنظام الإيراني حتى يستطيع إحداث الانقلاب والسيطرة على صنعاء. استغلال الثورة اليمنية ويؤكد المراقبون أن جماعة الحوثي استغلت مراحل الثورة اليمنية عام 2011 والأزمة السياسية الشائكة التي مرت بها اليمن للسيطرة على صعدة بقوة السلاح مستغلة حالة الضعف التي تعيشها الدولة المركزية في صنعاء وتهجير مئات الآلاف من الأسر من صعدة إلى محافظات يمنية أخرى والاستيلاء على ممتلكاتهم الخاصة، وبحسب إحصائية لوحدة التنفيذ والإغاثة للنازحين فإن هناك أكثر من 250 ألف شخص على الأقل هجروا من منازلهم في صعدة. من جهته، يقول وزير النقل اليمني بدر باسلمة إن وجود الحوثي في صعدة ليس محض صدفة بل هو امتداد لمشروع طائفي دموي مارس كل أصناف التنكيل في تلك الحقبة باليمنيين. واندلعت فيها عشرات الحروب الدموية التي كان حطبها ووقودها أبناء الشعب اليمني، مشيرا إلى أن الجماعة المتمردة استفادت من الأزمات المتعددة التي مر بها اليمن بسبب اختلاط الأوراق السياسية والحزبية والقبائلية في تلك الفترة ووضع المخططات الطائفية لتمزيق اليمن إلا أن عاصفة الحزم جاءت لتكسر ظهر هذه المخططات الإقليمية المدعومة من طهران وعبر عميلها الحوثي الذي كان يتلقى الدعم والمساندة السرية من إيران. وتؤكد المصادر أن جميع السفراء الإيرانيين المتعاقبين في صنعاء كانوا ليس فقط على اتصال دائم مع جماعة الحوثي بل إنهم كانوا يوفرون لهم المال والسلاح والذخيرة بشكل سري كما أنهم قاموا بإرسال ميليشيات الحوثي للدراسة في طهران وقم وتدريبهم عسكريا لتنفيذ مخططهم الطائفي في اليمن وتهديد دول الجوار في المنطقة. لقد ظن النظام الإيراني أن الثمرة في اليمن قد أينعت، وحان قطافها من خلال الإعلان الدستوري الذي توج بالانقلاب على الشرعية اليمنية، فالحوثيون ومنذ زمن بعيد يسعون إلى السيطرة على اليمن وتمكين الشيعة منها وبلغ ذروته في دعمهم للحوثيين، وهو الأمر الذي اعترف به مندوب طهران في البرلمان الإيراني، علي رضا زاكاني، عندما قال إن «ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران، وتابعة للثورة الإيرانية الإسلامية»، مشيرا إلى أن صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التي في طريقها للالتحاق بالثورة الإيرانية. وزعم زاكاني أمام أعضاء البرلمان الإيراني، أن إيران تمر في هذه الأيام بمرحلة «الجهاد الأكبر». إن الدعم الللوجستي والمادي الذي قدمته طهران لجماعة الحوثيين استمر لسنوات عديدة للوصول إلى لحظة الاستيلاء على صنعاء وأعطيت مهمة الإشراف على التدريب العسكري لأفراد عناصر الجماعة الحوثية الخارجة على القانون لحزب الله وتجنيد عناصر تابعة لها من يمنيين ولبنانيين يتبعون حزب الله وسوريين وإيرانيين لاستقطاب قوى وعناصر سياسية وإعلامية بصورة حثيثة داخل اليمن وخارجه من الطلاب المبتعثين للدراسات العليا، والعناصر المعارضة في الخارج. استخدام الإعلام الطائفي وتؤكد المصادر أن المخطط إلايراني التوسعي الإيراني في اليمن، كان يهدف بشكل أساسي إلى السيطرة على الساحة السياسية من خلال إنشاء أحزاب موالية لطهران، وتمويل جماعات ونخب ثقافية وسياسية ومنابر إعلامية؛ للعب دور سياسي يتبنى الرؤية الإيرانية تجاه الأحداث في المنطقة. وتصدر هذا المشهد التآمري حزب المؤتمر الشعبي العام برئاسة العميل علي عبدالله صالح والذي سنتحدث عن تحالفه مع الحوثي في حلقة مستقلة. نسخة لحزب الله وخطورة المخطط الإيراني التآمري ضد اليمن تركزت بإشعال حرب طائفية في الداخل، على غرار ما يحدث في سورياوالعراق وإيجاد حالة سياسية مشابهة للوضع في لبنان من خلال ما يقوم به حزب الله في تعقيد أي تحرك إيجابي في المشهد السياسي. وتؤكد المصادر أن إيران وفي إطار مخططها التآمري في اليمن قامت بإنشاء وتمويل عشرات من الوسائل الإعلامية الفضائية والورقية والإكترونية، لتكبيل المشهد الإعلامي والسيطرة عليه لخدمة أهدافها الطائفية، حيث أطلقت ثلاث قنوات فضائية موجهة للجمهور اليمني، إحداها تشرف عليها قناة المنار، وأخرى قناة العالم، والثالثة تشرف عليها قناة عراقية لم يحددها التقرير. عاصفة الحزم وكسر ظهر الحوثي وجاء انقلاب الحوثي على مفاصل الدولة اليمنية في صنعاء ليعطي الحوثيين السيطرة الكلية على الإعلام الرسمي لبث سمومه في أوساط الشعب اليمني لتحريك فتنتهم وتمرير مشروعهم الطائفي ليلتقي مع المخطط الإيراني في لبنان متعانقا مع الهيمنة الشيعية على العراق، ومكملا لسيطرة الحرس الثوري على سورياولبنان. ومن الواضح أن النظام الإيراني لم يرق له نجاح المبادرة الخليجية التى رعتها المملكة عام 2011 والتي ساهمت بإجماع جميع اليمنيين بإبعاد اليمن من الحرب الأهلية وبدأت في التخطيط لإجهاضها بدعم من الحوثيين إلا أن عاصفة الحزم جاءت استجابة لطلب الرئيس اليمني الشرعي ووفقا لمبادرة الاتفاقية العربية للدفاع المشترك لإرساء الأمن والاستقرار وسيادة اليمن وتدمير السلاح الذي يمتلكه الحوثي ومنع تحويل اليمن إلى عراق آخر يفتك به داء المذهبية ويتحول إلى ترس في آلة التخريب الإيرانية؛ للسيطرة على اليمن. قصة الحوثة وإيران.. البداية في صعدة.. وعاصفة الحزم تضع النهاية وفي نهاية حرب عام 1994سافر بدر الدين الحوثي وابنه حسين إلى إيران، التي اختاراها بحكم العمالة والتآمر على اليمن. رجع حسين الحوثي وهو مشحون بالأفكار الطائفية التآمرية إلى اليمن، في حين مكث والده هناك إلى عام 2002م. لم يكتف الحوثي بهذا الأمر في إطار التحالف الخبيث مع إيران بل بدأ بإيفاد الطلاب من اليمن إلى إيران بحجة الدراسة، ولم تكن إيران التي كانت تحوم حول اليمن لتديره فيه منذ اندلاع الثورة لتفوت هذه الفرصة الذهبية، ولذا فقد سهلت لهم الوصول إليها بكل السبل، وراحت تستقبل بحفاوة العشرات من الموفدين نحوها لتقوم بصياغة فكرهم الطائفي والتخريبي وتزويدهم بجرع غسل الأمخاخ التي تتقنها جيدا لتخريب اليمن ونشر الفوضى فيه. الحوثي - وفي إطار إفشاله لأي جهد إيجابي لحل الأزمة في اليمن - بذل محاولات عديدة لإفشال الحوار الوطني بالتحالف مع عدد من الأحزاب اليمنية وإثارة الفوضى والعنف لإرباك المشهد السياسي في اليمن. وبعد النجاحات التي حققها بالاستيلاء على محافظة صعدة وتكبيد الشعب اليمني وحكومته أكثر من ملياري دولار جراء خوضه حروبا شكلية، ست بالوكالة مع الدولة التي كان يقودها صالح في تلك الفترة والتي ساهم صالح نفسه بإنهاكها وتدمير مقوماتها الاقتصادية ناهيك عن الخسائر في الأرواح والتي تقدرها دراسات غير رسمية في الحرب الثالثة 727 قتيلا وخمسة آلاف و296 جريحا، فيما بلغ عدد القتلى في الحرب الرابعة بمفردها تسعة آلاف قتيل وعشرين ألف جريح وعشرين ألف يتيم وتسعة آلاف أرملة، وهو ما يرفع معدل التعويضات إلى أرقام عالية، كما نتج عن تلك الحروب نزوح 250 ألف شخص وتشريدهم من منازلهم وفقدان الأرواح وتدمير النسيج الاجتماعي وزرع نوازع الشر وحب الانتقام والتربص والاقتتال بين الشعب الواحد. ولم يعد هناك أدنى شك في أن التدخلات الإيرانية في الشأن اليمني كانت لتكريس الفتنة الطائفية، وأصبحت ظاهرة للعيان وعلى أرض الواقع، ولم تعد مجرد تكهنات وأقاويل وقصص تحكى. فالباسيج الإيراني دعم الحوثي كما دعم نظام الأسد في سوريا ويعتبر الراعي الرسمي لنظام الحوثي الذي أهلك الحرث والنسل اليمني.. بداية قصة الحوثي وإيران بدأت في صعدة وقم.. وبإذن الله النهاية ستكون بانتصار عاصفة الحزم.